الحضارات التي عبدت الشمس : قدسوها وقدموا لها قرابين بشرية
نظرة سريعة على محتويات المقال:
إله الشمس :
لقد عرف التاريخ البشري العديد من الحضارات التي عبدت الشمس وقدستها وكانت تعتبرها إلاها لا يعلى عليه، بل وقدوموا لها أضاحي وقرابين بشرية سعيا منهم لإرضاء إلاههم.
تصورت الحضارات القديمة التي سكنت كوكبنا الشمس على أنها إله الحياة الخالق وعبدوها بكل أنواع الطقوس.
فمنذ زمن سحيق، نسب الإنسان في بحثه المستمر عن الكائن الإلهي ذي القوة والتبجيل إلى عناصر الطبيعة مثل المذنبات أو الشمس أو النجوم أو الظواهر الطبيعية الأخرى.
فلطالما كانت طبيعة الإنسان تتوق إلى الحاجة إلى خالق قوي وتجد العزاء في الآلهة التي خلقها في عقله.
عندما لاحظ الإنسان الكسوف والمذنبات والنيازك وظواهر أخرى، ربط أحيانًا هذه العناصر غير العادية والقوية بالألوهية, بينما بدأ بعض الناس قبل زمن إبراهيم في عبادة الشمس والنجوم كقوة عظمى.
على مر التاريخ، كانت هناك العديد من التقاليد الروحية القديمة التي ازدهرت، وتضمنت مفاهيم مختلفة عن الخالق والأجسام السماوية.
كانت الأجسام مثل النجوم والكواكب والقمر والشمس والمذنبات والنيازك مصدرًا للدهشة والإعجاب.
وبالمثل، تعجب الناس قديما من أحداث معينة مثل الكسوف والخسوف والأضواء الشمالية وظاهرةالشفق القطبي وقوى الطبيعة الأخرى، خاصة في ظل إنعدام التكنولوجيا في تلك الفترة.
لقد كان منطقيًا أن الإنسان البدائي ربط الظواهر الطبيعية بقوى خارقة للطبيعة وأنه يعبدها كآلهة للشمس أو البرق أو المطر، حيث لم يكن لديه تفسير آخر لأسباب وجودها أو آثارها على حياته اليومية. وبالتالي، فإن تاريخ الأديان هو جزء مهم من تاريخ البشرية.
إقرأ أيضا : القارة المفقودة مو التي شكلت مهد الحضارة البشرية
موضع تقدير على مر العصور :
إن الخوض في رمزية الشمس في الثقافات القديمة يكتشف طريقة مقدسة لرؤية الطبيعة والمعرفة العميقة التي تحتويها. ليس من قبيل المصادفة أن العديد من عاداتنا هي بقايا تلك الرؤية المقدسة التي كانت لدى العديد من الشعوب القديمة.
لقد كانت الشمس موضع تقديس في جميع الثقافات القديمة. لقد كانت مقدسة في أمريكا واليابان والهند ومصر القديمة وأفريقيا وأوروبا … إنها شيء عالمي.
لقد كان من الطبيعي لهؤلاء الناس ولتلك الحضارات التي عبدت الشمس أن يبجلوا الشمس، لأنهم اعتمدوا على الزراعة للبقاء على قيد الحياة. وهكذا، لأنهم لم يكن لديهم معرفة علمية، اعتقدوا أنه الشمس ستمنحهم السعادة والوفرة.
هناك العديد من الأمثلة على ذلك، ومن الجدير تسليط الضوء على أبسطها : مع ضوء الشمس تتطور النباتات. ونحن نتغذى عليها أو على الكائنات الأخرى التي تتغذى عليها.
بالإضافة إلى ذلك، نتنفس لأن النباتات والطحالب تقوم بعملية التمثيل الضوئي وتطلق الأكسجين بفضل ضوء الشمس، فنحن نتغذى ونتنفس بفضل طاقة الشمس التي حولتها النباتات.
في أساطير العديد من الثقافات، كانت الشمس إلهًا تم تكريمها وتقديسها عبر التاريخ في العديد من الحضارات، مثل المصريين، وبلاد ما بين النهرين، و حضارات المايا والإنكا والأزتك، والصينيون، واليابانيون، واليونانيون أو في ديانات مثل الهندوسية.
إقرأ أيضا : حضارات ما قبل الطوفان والعهد الأول للبـشر قبل الطوفان
الحضارات التي عبدت الشمس :
لقد كانت عبادة الشمس الدين السائد في جميع الحضارات القديمة، من بابل إلى الهند والصين وأفريقيا واليونان وروما والمكسيك وأمريكا الجنوبية ومصر وأوروبا.
اكتشف علم الآثار العديد من الهياكل القديمة المتوافقة مع الأجرام السماوية التي توحي بقوة بفكرة أن العديد من الحضارات كانوا يعبدون النجوم والشمس والقمر.
ومن الأمثلة على ذلك ستونهنج في المملكة المتحدة، وهي دائرة حجرية قديمة لها تاريخ غني من الروحانيات، والأهرامات في مصر والمكسيك.
تتماشى الحجارة في ستونهنج مع ظهور الشمس في الأفق في الصيف والشتاء عند الانقلاب الشتوي عند رؤيتها من المركز على طرف حجر الكعب مع مستوى أعلى مع مستوى الأفق.
في ذلك الوقت، قبل خمسة أو ستة آلاف عام، كان القادة الاجتماعيون قد استخدموا معرفتهم بالدورة الشمسية والتقويم كمصدر للطاقة والثروة، لا سيما إذا كان بإمكانهم توجيه الناس إلى موعد الزراعة والحصاد بدقة.
إقرأ أيضا : حضارة بلاد الرافدين : مهد الحضارة البشرية وأسرارها الخفية
1 – مصر القديمة :
في مصر القديمة، على الرغم من أن السلالات الأولى للحكام كانت من المحتمل أن تكون توحدية، إلا أن الشمس بمرور الوقت اكتسبت أهمية كبيرة في ديانة المصريين وفي رتبة الفرعون.
بعض الحروف الهيروغليفية تمثل الفرعون والشمس على رأسه، آمون رع العظيم. أو آمون كان يعتبر الخالق النهائي، بينما رع كان إله الشمس القديم، لذلك تم الجمع بين الاثنين ليكون آمون رع.
في عبادة المصريين القدامى، حورس هو الشمس المشرقة، ورع هو شمس منتصف النهار، ثم أوزوريس (إله الموتى أو الحساب) هو الشمس المحتضرة أو المغيبة.
أحد أشهر الفراعنة المصريين كان أمنحتب الرابع، الذي قضى على العديد من آلهة المملكة وأخبر مواطنيه أن يعبدوا إلهًا واحدًا، يمثله قرص الشمس المعروف باسم آتون، وحتى غير اسمه إلى أخناتون.
وبعد وفاته خلفه توت عنخ آمون الذي تزوج إحدى بناته ، وعاد إلى التقاليد القديمة وغير اسمه إلى توت عنخ آمون.
إقرأ أيضا : الآلهة المصرية القديمة : أهم 7 آلهة عند الفراعنة
2 – حضارة الأزتك والمايا والإنكا :
في أمريكا الوسطى والجنوبية، اعتمدت الثقافات القديمة للأزتيك والمايا أيضًا بشكل كبير على عبادة الأجرام السماوية ووضعت تقويمات معقدة للغاية.
لقد كانت معابد حضارة المايا والأزتك المقدسة مثل مجمع ماتشو بيتشو الشهير في بيرو مسرحا كبيرا لعبادة وتقديس إله الشمس وتقديم القرابين البشرية لها، بينما ارتبطت أيضًا بعبادة حضارة الإنكا الدينية.
تعتبر حضارات المايا والإنكا والأزتك من أشهر الحضارات التي عبدت الشمس على الإطلاق، بل وقدمت قرابين وأضاحي بشرية لها، في طقوس دموية ووحشية.
ديانات ومعتقدات حضارة الأزتك :
لقد كان الدين جزئا لا يتجزأ من حياة الأزتك اليومية وطقوسهم الدينية كانت من أبشع الطقوس التي عرفتها البشرية منذ بزوغ فجر التاريخ. و كان شعب حضارة الأزتك يؤمنون بالعديد من الآلهة المتعددة و يعبدونهم حسب حاجتهم إليهم و يسارعون في تقديم قرابين و أضاحي بشرية لإرضاء آلهتهم.
ومن أهم الآلهة التي كانو يؤمنون بها : إله الشمس وإله النار وإله المطر وإله الريح، ونظرا لكثرة الآلهة التي يؤمنون بها، فكان من الطبيعي إحتياجهم للعديد من القرابين البشرية لذبحها وتقديمها كأضاحي، لذلك قام شعب حضارة الأزتك بالهجوم على العديد من القبائل المجاورة، بسبب أو بدون سبب، ليتمكنوا من أخذ العديد من الأسرى و تقديمهم كهدايا لآلهتهم.
وقد ضحى شعب حضارة الأزتك طوال فترة وجودهم، بما يقارب 100.000 روح بشرية من خلال طقوسهم الدينية المتوحشة.
لا بد وأن طقوس التضحية بالبشر عند حضارة الأزتك، تعد من بين أكثر الطقوس الوحشية في تاريخ البشر وقد إتفق أغلب المؤرخين والباحثين حول هذا الأمر.
فقد كان شعب حضارة الأزتك مثلا يلقون بأسرى الحرب أحياء في النار المشتعلة في سبيل إرضاء إله النار كما كانو أيضا يعذبون الأطفال الصغار قبل ذبحم إيمانا منهم أن دموع الأطفال الصغار سترضي إله المطر و الذي سيرسل إليهم المطر بغزارة.
من جهة أخرى كان سكان حضارة الأزتك يقدمون الكثير من الضحايا البشرية لإله الشمس، و منذ طلوع الشمس حتى غروبها و يقومون بآخذ قلوب الآسرى و رفعها بيدهم إلى الشمس كدليل على محبتهم و إيمانهم بإله الشمس.
ديانات ومعتقدات حضارة الإنكا :
لقد كان الدين جزأ مهما في حياة شعب الإنكا و لعل أبرز قاسم مشترك بين حضارة الإنكا وحضارة الأزتك وحضارة المايا هو إيمانهم بالعديد من الآلهة المتعددة و تطبيقهم لنفس الطقوس الوحشية والبربرية، عبر تقديم العديد من البشر كقرابين بشرية في سبيل إرضاء آلهتهم.
قد كان سكان حضارة الإنكا يؤمنون بإله الشمس والذي يسمونه إينتي، و يؤمنون بإله الخلق و يسمونه فيراكوشا، كما كانوا يؤمنون بالعديد من الآلهة الأخرى كإله البرق وإله الرعد وإله القمر.
لقد كانت طقوس القرابين البشرية في حقبة حضارة الإنكا تتميز بالوحشية واللا رحمة، كسابقاتها مثل حضارة الأزتك وحضارة المايا و الذين كانو متعطشين للدماء لدرجة لا توصف.
فقد كانت طقوس التضحية بالبشر واسعة الإنتشار بين سكان حضارة الإنكا، حيث كانو يقومون أحيانا بذبح أطفال أصحاء تترواح أحيانا ما بين 5 و 11 سنة و تقديمهم كقرابين للألهة.
إقرأ أيضا : أكثر الحضارات المتوحشة في التاريخ : الانكا والازتيك والمايا
3 – اليونان القديمة :
في الثقافة اليونانية، يتم تمثيل الشمس من قبل الإله هيليوس، وفقًا للتقاليد الشفوية لهذا الشعب، كان هيليوس إله الشمس لليونانيين، يركب عربته التي تجرها الخيول المشتعلة فليغون وإيتون وبيرويس وإيو.
يركب هذا الإله من الفجر إلى الجانب الآخر من المحيط ويخرج عبر المحيط، معلناً بداية ونهاية يوم العمل برحلته.
تتغير بعض تفاصيل هذه الأسطورة اعتمادًا على المؤلف الذي يرويها. من ناحية أخرى، هناك القمر الذي يمثله الإغريق تاريخيًا بواسطة الإله سيلين، ولكن لاحقًا انتهى الأمر بالتعرف على الإله القمري من خلال أرتميس، وفقًا لروايات هوميروس.
4 – المويسكا :
المويسكا (وتسمى أيضا شيبشا) هم السكان الأصليون وأصحاب الحضارة الأصلية في ألتيبلانو كونديبوياسينس، كولومبيا، التي شكلت اتحاد المويسكا قبل الغزو الاسباني.
في الواقع، المويسكا هي ثقافة الهنود الحمر الأصلية التي سكنت مرتفعات الأنديز (عدة مناطق مما يعرف الآن بكولومبيا وأجزاء أخرى من أمريكا الجنوبية).
لقد كان المويسكا من أشهر الحضارات التي عبدت الشمس والقمر, فقد سمعنا جميعًا أساطير حول Xué العظيم وشيا الشاحب ، وهما زوجان يمثلان الشمس والقمر في هذه الثقافة على التوالي.
5 – شعوب إفريقيا وأوروبا :
في جميع أنحاء إفريقيا، تبنت العديد من القبائل عناصر طبيعية مثل النهر والجبل والقمر والشمس كآلهة، ولكن غالبًا ما كانت تعتبر من مظاهر الإله الخالق العظيم.
وصفت العديد من الثقافات الأخرى في أوروبا وآسيا منشئها بأنه الشمس التي تلد النجوم، على سبيل المثال الأساطير المرتبطة بأبولو، بعل، ماردوك، يهي وفويبوس.
تعجبت الحضارات القديمة في أجزاء كثيرة من العالم من الشمس والقمر والنجوم نظرًا لبعدها وقوتها ودوراتها المنتظمة.
ومع ذلك، حذر علماء مثل باستيان في القرن التاسع عشر ثم فريزر في أوائل القرن العشرين من أن عبادة الشمس لم تكن ظاهرة عالمية، ولكنها كانت أكثر انتشارًا في المكسيك وبيرو ومصر وآسيا وأوائل أوروبا.
إقرأ أيضا : حضارة الصين القديمة : سحر وغموض لا مثيل له