تجربة الكون 25 المثيرة : كيف يمكن أن تتحول الجنة إلى جحيم
نظرة سريعة على محتويات المقال:
ما هي تجربة الكون 25 :
أجريت تجربة الكون 25 (universe 25 experience) في الستينيات، بواسطة عالم السلوك الأمريكي جون كالهون، و اُعتبرت واحدة من أهم التجارب العلمية في التاريخ وهي تجربة علمية اجتماعية درست و أظهرت سلوك الفئران في ظل ظروف مثالية للحياة. كانت النتائج غير متوقعة وتقشعر لها الأبدان.
الكون 25، هذا هو اسم التجربة التي هدفت إلى لدراسة و لفهم كيفية تأثير الكثافة السكانية العالية على سلوك الفئران و محاولة العلماء ربطها بعالم الانسان و البشرية.
ففي 9 شهر يوليو سنة 1968 بالتحديد، وضع الدكتور جون كلهوم 8 فئران داخل صندوق لا تزيد مساحته الإجمالية عن سبعة أمتار مربعة.
تم تزويدهم بالطعام والمأوى وكل ما هو ضروري للعيش فيما يمكن أن نسميه جنة الفئران.
تحولت الجنة إلى جحيم بعد خمس سنوات تقريبًا، لم يبقَ أي فئران على قيد الحياة، بعد أن قتل المئات منهم لسوء حظهم ولأنهم ولدوا هناك.
إقرأ أيضا : تجربة ستانلي ميلغرام : تغير البشر وبطشهم عند الوصول للسلطة
علاقة جون كالهون بفئران التجارب :
كان عالم السلوك جون كلهوم *مهووسًا بالفئران*. حصل على درجة الدكتوراه في علم الأحياء وفي إحدى وظائفه الأولى تم تكليفه للقيام ببحوث و تجارب حول سلوك الفئران في بالتيمور، والتي كانت تمثل مشكلة كبيرة في منتصف القرن العشرين.
لم يكن هذا المشروع الأول من نوعه، فقد أمضى كالهون سنوات في دراسة سلوك الفئران أثناء عمله في NIMH (المعهد الوطني للصحة العقلية)، حيث قام بتجربة آثار الاكتظاظ السكاني للقوارض من خلال عوالم اصطناعية أطلق عليها إسم الأكوان الفاضلة.
ربما كانت تجربة الكون 25 هي الأكثر شهرة من بين تجارب كالهون التي لقيت النجاح، سواء بالنسبة للبنية التحتية أو للنتائج المرعبة التي طرحت سؤالا مهم في باقي المجتمعات : هل هذا هو المستقبل الذي ينتظرنا؟
دراسات ما قبل الكون 25 :
صاغ كالهون مصطلح “الحوض السلوكي” لوصف الانهيار في السلوك الذي حدث نتيجة الازدحام الهائل. لسنوات أجرى دراسات الاكتظاظ السكاني هذه بالتجارب، أولاً على الجرذان ثم تمت تجربتها على الفئران.
انتهى الأمر بدراساته، التي نُشرت في مجلة Scientific American في الستينيات، لتصبح نموذجًا (حيوانيًا) لانهيار المجتمع، وبالتأكيد كانت بمثابة محك في علم الاجتماع الحضري.
عندما أنهى الجزء الأول من تجاربه عام 1962، تلك التي أجراها مع الفئران، وصف الرجل السلوك في المنشورات العلمية على النحو التالي :
لم تتمكن العديد من إناث الجرذان من إتمام الحمل، لم تكن لهن أدنى رغبة من الأمومة، سرعان ما تخلوا عن صغارهن بعد الولادة، لم يكن لديهن أي نوع من وظيفة الأم.
عند الذكور أيضا كانت هناك تغييرات كبيرة من السلوك الجنسي إلى أكل لحوم بعضهم أو فرط النشاط المحموم و تنافسية كبيرة. في التجارب التي تم فيها تطوير هذا الجزء من الاختبارات، كان معدل وفيات الرضع 96 بالمئة بين أكثر المجموعات تشويشًا بين السكان.
الجنة التي تحولت إلى جحيم :
كل هاته التغييرات الجذرية الصادمة في سلوك الجرذان سواء بين الإناث أو الذكور، سببها الإزدحام في المستعمرة التي كانوا يعيشون فيها.
نظرا لتكاثر الجرذان السريع، والذي حول تلك المستعمرة من جنة مترامية الأطراف و وفيرة الغذاء إلى جحيم ينتصر في القوي على الضعيف و الحياة فيه غير ممكنة.
نشرت نتائج تجربة كون 25 في سبتمبر عام 1962 ووجدت طريقا إلى الثقافة الشعبية كمقياس للسلوك البشري كما شكلت نقلة نوعية في تاريخ العلم.
المرحلة الأولى من الاختبارات التي بدأت في 1954 إلى 1972 بنفس النمط : تكديس عدد كبير من القوارض في منزل اصطناعي مع توفير موارد غير محدودة لهم للتكاثر في أفضل الظروف.
بعد العمل المضني على إنشاء يوتوبيا الفأر أو جنة الفأر تحولت بعد ذلك إلى جحيم بسبب قلة الموارد و ضيق المكان. هذه هي نظرية أو تجربة الكون 25 بكل بساطة.
إقرأ أيضا : حقيقة مشروع إم كي ألترا السري للسيطرة على عقول البشر
الكون 25 المستعمرة الجهنمية :
بدأ المشروع في عام 1972. قام عالم السلوك ببناء مساحة تهتم برفاهية القوارض وتزيد من عمرها الإنتاجي. بهذه الطريقة، تم إنشاء القلعة التي عاشت فيها الفئران، عبارة عن موطن مربع يبلغ طوله حوالي 2.5 مترًا مغلقًا بجدران بارتفاع 1.3 متر و بدون ﻣﺧرج.
تم بناء أول 0.9 متر مكعب من الجدران بحيث يمكن للفئران التسلق، على الرغم من عدم السماح لها بالهروب بفضل 0.4 متر المتبقية من ارتفاع الجدار.
ليس هذا فقط، كان كل جدار يحتوي على ما يصل إلى 16 شبكة عمودية من الأنفاق (أو السلالم). أربعة ممرات أفقية تؤدي إلى كل درج، والذي بدوره يؤدي إلى أربعة صناديق أو أعشاش.
وهذا يعني أنه كان هناك إجمالي 256 صندوقًا، كل منها قادر على استيعاب خمسة عشر فأرًا. من حيث الإمداد، كان لدى الفئران الكثير من الطعام والماء ومواد التعشيش والترف.
تم تنظيف مستعمرة الكون 25 كل أربعة أسابيع، ولم تكن هناك حيوانات مفترسة تهدد القوارض، وظلت درجة الحرارة ثابتة عند 20 درجة.
أخيرًا ولإنهاء هذه الجنة التي لم يتم بناؤها أبدًا للفئران فقط، تم اختيار القوارض التي بدأت تجربة الكون 25 من نخبة اختارها جون كالهون، أي الفئران الخالية من الأمراض وفي حالة ممتازة.
النعمة التي تحولت إلى نقمة :
كانت هنالك فضاء مناسب و مثالي للقوارض، على الرغم من أنها كانت محدودة من حيث المساحة، إلا أنّ بقية الظروف كانت مثالية للعيش في جنة الفأر، كان هناك الكثير من المواد لتستمر الحياة في رغد و نعيم.
لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، لقد أظهرت التجربة الحقيقة الصارخة لما يمكن أن يحدث في بيئة مكتظة بالسكان حيث توجد موارد غير محدودة، في هذه الحالة مع الثدييات. بدأت التجربة بأربعة أزواج من الفئران الخالية من الأمراض، وأربعة ذكور وأربع إناث.
بعد 104 أيام من البدء، بدأت الفئران في الإنجاب. بعد 300 يوم آخر، وصلت الفئران بالفعل إلى ما يقارب 600 قارض مختلف في المستعمرة. بحلول اليوم 560 من التجربة، بلغ عدد القوارض بالفعل إلى ذروته بحوالي 2200 … وفي هذه المرحلة بدأ عدد القوارض في الانخفاض. ماذا حدث بعد ذلك؟
ما حدث في التجربة هو انخفاض عدد السكان، وذلك حدث بسبب التكاثر الهائل، كان الاكتظاظ السكاني يقضي على المجتمع.
لم يكن هناك مكان للجميع فبدأت الفئران في الفتك ببعضها البعض و ظهر تغيير كبير في السلوكيات لتعلن نهاية مستعمرات الفئران.
إقرأ أيضا : مشروع الشعاع الأزرق : مشروع الماسونية السري للسيطرة على العالم
صديق اليوم عدو الغد :
عندما وصلوا إلى ذروة التكاثر، أمضت معظم الفئران كل ثانية و دقيقة من حياتها بصحبة مئات الآخرين. نعم، لقد التقوا كما في البداية في المربعات والصناديق التي تم إنشاؤها، ولكن على عكس البداية، فقد فعلوا ذلك فقط في انتظار إطعامهم.
تحولت تلك اللحظات إلى مواقف عنيفة بشكل متزايد، هاجمت الفئران بعضها البعض، المنطقة التي بدأت بمساحات “كبيرة” لعدد قليل من العناصر أصبحت مساحة خانقة حيث كافحوا للبقاء في “منطقتهم”.
توقف الذكور الذين يعانون من الإجهاد المتزايد عن الإنجاب، وهو ما خلص إليه كالهون على أنه نقص في جاذبية الإناث أنفسهن. كما قلت أعداد الإناث الحوامل بشكل ملحوظ، وأولئك الذين ولدوا تخلوا عن أطفالهم بكل بساطة.
على أي حال وصف كالهون أيضًا ذلك بقوله :
تلك القوارض فقدت كل نشاط اجتماعي للقوارض، ببساطة أصبحت تترك الوقت يمر و تنتظر فقط وقت أكلها ونومها.
نتائج تجربة الكون 25 :
وهكذا تم الوصول إلى اليوم 600 من تجربة الكون 25، وهو اليوم الذي انقرضت فيه المستعمرة حقًا. كان هناك عدد قليل من الفئران التي نجت من الانهيار الاجتماعي، ولم يكن هناك فئران صغيرة، ولا فئران حامل، ولا توجد فرصة للتكاثر لأنها فقدت كل أثر للتفاعل الاجتماعي. كانت هذه التجربة القاسية في حد ذاتها ناجحة. كما شرح كالهون :
بطريقة ما، لم تعد تلك المخلوقات فئرانا قبل وفاتها بوقت طويل، “الموت الأول” الذي دمر الروح والمجتمع نفسه بشكل عميق مثل “الموت الثاني” للجسد المادي، فلقد فقدو الرغبة في الحياة و الارتباط و التواصل فيما بينهم.
تجربة مرعبة لكنها غذاء للفكر. كان لدى الفئران كل شيء للبقاء على قيد الحياة، كل شيء ما عدا الفضاء أو المساحة.مما تسبب في انهيار اجتماعي يؤثر على طبقات كل حيوان ثديي، ويكسر شخصية كل منها من الداخل.
إقرأ أيضا : أسرار مثلث برمودا الغامض : السر وراء حوادث الإختفاء
المغزى المستخلص من التجربة :
لقد سميت تجربة الكون 25 بهذا الاسم لأنها التكرار الخامس والعشرون للعملية، لكن الشيء الأكثر إثارة للدهشة في التجربة هو أن الفئران كان لديها موارد كافية، حتى في ذروة العدد الأقصى من السكان، إنها لم تكن تفتقر أبدًا إلى الماء أو الطعام أو أماكن التعشيش. لكن أدى الاكتظاظ السكاني إلى القضاء على التركيب الاجتماعي والعقلي للفئران حتى مع وفرة الموارد.
قال كالهون واصفا تجربته :
إن الانهيار حدث بالفعل عندما توقفت الفئران عن التصرف مثل الفئران، فيما أسماه “الموت الأول”. على الرغم من إزالة بعض الفئران من الكون 25 ووضعها في بيئات صحية جديدة، إلا أن سلوكها لم يعد يتغير. وعندما تم إدخال الفئران الجديدة و العادية في سن الإنجاب إﻟﻰ الكون 25، لم تظهر سلوكيات إنجابية.
هل من الممكن رسم أوجه تشابه بين فكرة الكون 25 وعالم البشر ؟ وهل يمكن أن تكون الكثافة السكانية أكبر مشكلا نواجهها في المستقبل ؟
لكن الهياكل الاجتماعية تجعل الأمور أكثر تعقيدًا بالنسبة لبني البشر. وحتى لو توقفنا يومًا ما عن الوجود، فمن المؤكد أن التفسير لن يأتي من تجربة أجريت على فئران التجارب, والكون 25 تبقى مجرد تجربة علمية من الممكن الإستفادة منها مستقبلا.
ربما فقدت رغبتها الانجابية مثلا لأنها فى الأصل من نسل واحد واشتبكت القرابة لما لم يجرب أن يأتى بفئران أخرى ويدخلها إلى الكون ٢٥ ولنرى ما سيحدث لدى الفضول لمعرفة ذلك
مكتوب انو جاب فئران من برا وحطها معهم و كانت تصرفاتها نفس الشيء