حادثة منجم تشيلي : احتجاز 33 عاملا تحت الأرض ل 69 يوما
نظرة سريعة على محتويات المقال:
تعتبر حادثة منجم تشيلي من أشهر حوادث المناجم على الإطلق، حيث عرفت إهتماما إعلاميا منقطع النظير، بل وترجمت لأعمال سينيمائية نالت العديد من الجوائز والإشادة.
لقد كانت حادثة انهيار منجم كوبيابو في تشيلي حادثة مأساوية بكل المقاييس، وشدت الأنفاس من مختلف فئات المجتمع في تشيلي، حيث تابعو بكل شغف وترقب المحنة التي عاشها 33 عاملاً في أحد مناجم تشيلي محبوسين على عمق نصف ميل في باطن الأرض، لمدة 69 يوماً، بعد انهيار المنجم الذي يعملون فيه.
سرعان ما بدأت وسائل الإعلام تتحدث عن الحدث وأصبح الحادث قضية وطنية. جنبا إلى جنب مع فرق الطوارئ، وصلت السلطات الأولى إلى الموقع في نفس اليوم ؛ من بينهم رئيس بلدية أتاكاما ، خيمينا ماتاس ، وحاكم كوبيابو، نيكولاس نورمان.
في ذلك الوقت، لم يكن يُعرف سوى القليل عن خطورة الحادث والظروف التي يمكن أن يكون فيها عمال المناجم بعد الانهيار.
هكذا بدأت كتابة قصة تجاوزت صناعة التعدين وأصبحت حدثًا ضجة عامة على نطاق عالمي.
لفتت تلك الحادثة انظار العالم الى ظروف العمل السيئة والمزرية التي يتعرض لها عمال المناجم في أنحاء العالم، وانعدام شروط الحد الأدنى من السلامة، لا سيما في بلدان مثل الصين وبعض دول العالم الثالث حيث تصل حوادث الوفيات في المناجم الى أرقام كبيرة.
في 5 أغسطس 2010، أدى انهيار منجم سان خوسيه، وهو مستودع يقع في بلدية كالديرا التشيلية ، إلى حبس 33 عاملاً. بعد سبعة عشر يومًا ، في 22 أغسطس تم العثور عليهم أحياء، على الرغم من أنه لم يتم إنقاذهم حتى 12 أكتوبر، بعد عملية إنقاذ دراماتيكية لتحريرهم من باطن الأرض.
إقرأ أيضا : حادثة طائرة جبال الانديز : اشهر قصة نجاه في القرن العشرين
قصة حادثة منجم تشيلي :
5 آب (أغسطس) 2010 هو تاريخ لا يُنسى في تشيلي ول 33 رجلاً كانوا يعلمون أنهم يخاطرون بحياتهم تحت الأرض.
كانت بداية قصة استمرت 69 يومًا، أكثر من شهرين حول العالم فيها عينيه إلى منطقة أتاكاما والانهيار في منجم سان خوسيه الذي خلف ورائه 33 من عمال المناجم مدفونين، دون أمل عمليًا في البقاء على قيد الحياة.
تم عزلهم تمامًا عن العالم الخارجي، وافترضوا أنهم ماتوا. لكن أصوات الأقارب الذين وصلوا إلى المكان الذي سيعرف فيما بعد باسم كامب هوب أو مخيم الأمل طالبت بمواصلة البحث.
بعد سبعة عشر يومًا من الانهيار، تمكن عمال الإنقاذ من الوصول لحفرة قريبة من المكان الذي كان فيه عمال المناجم محتجزون تحت الأرض.
عندما صعد المسبار، كانت هنالك قطعة من الورق مقيدة، مكتوبة باللون الأحمر ومحتوهآ: “نحن بخير، في الملجأ، كلنا 33 شخصًا”. كيف تنسى تلك اللحظة ؟ رأى الملايين من الناس حول العالم الأمل يتصاعد بشكل خجول إلى السطح.
كانت تلك الرسالة هي العنصر الدافع والمحفز وراء تسريع الجهود التي من شأنها أن تسمح بالإنقاذ. كان عمال المناجم ضعفاء إلى حد كبير، مما أدى إلى تسريع العملية الشاقة لإنقاذهم.
إقرأ أيضا : حادثة قطار زانيتي : القطار الشبح الذي سافر عبر الزمن
عملية الإنقاذ سان لورينزو :
سان لورينزو هو شفيع عمال المناجم، الذين يعهدون بأنفسهم ليطلبوا منهم العودة إلى ديارهم سالمين. يعد التعدين ضروريًا لفهم تاريخ شيلي وهي دولة تعدين، تمتلك أكثر من 30 ٪ من احتياطيات النحاس في العالم والتي يتم استغلال العديد من الموارد المعدنية في أراضيها.
وبسبب هذا الراعي، سميت عملية الإنقاذ بعملية سان لورنزو والتي سمحت بإنجاز مذهل يتمثل في إرسال الأكسجين والغذاء والماء والملابس والكهرباء عبر الصخرة ، فضلاً عن إمكانية التواصل مع عائلاتهم.
بعد 69 يومًا تحت الأرض، ظهر عمال المناجم في كبسولة مصممة خصيصًا تعرف باسم “كبسولة العنقاء”.
بدأت عملية إنقاذ العمال المحصورين في ليل يوم الأربعاء الموافق 12 أكتوبر 2010. تم تجربة إنزال الكبسولة ألتي يبلغ قطرها 53 سنتيمترا مرتين فارغة للتأكد من سلامة العملية.
بدأ تنفيذ عملية الإنقاذ في ليل 12 أكتوبر 2010 بحضور الرئيس التشيلي سبيستيان بينيرا وزوجته وعائلات العمال المحصورون وكبار المسؤولين.
نجاح عملية الإنقاذ :
كان فلورينسيو أفالوس البالغ من العمر 31 عام هو أول من وصل من العمال المحتجزين إلى سطح الأرض في تجربة تكللت بنجاح.
ثم تبعه بعد حوالي ساعة زميله ماريو شيبالفيدا البالغ من العمر 40 عام. كان في استقبالهما الرئيس التشيلي سبيستيان بينيرا وزوجته وعائلات العمال وكبار المسؤولين.
اختيار هذا الثنائي ليكونا أول الصاعدون لسطح الأرض سببه أنهما الأقوى والأفضل من الناحية الصحية حيث جرى تقسيم العمال المحصورين لثلاث مجموعات. المجموعة الأولى هم الأقوياء صحيا وبدنيا، والثانية الضعفاء، والأخيرة هم الذين يعانون من أمراض ومشاكل صحية.
تم إسدال الستار على محنة هؤلاء العمال المحصورون على عمق 700 متر ل69 يوما بصعود آخر العمال و هو ملاحظ الوردية لويس أورزوا إلى سطح الأرض.
وكان أورزوا لعب دوراً هاماً في مساعدة زملائه العمال على تحمل أول 17 يوم من حبسهم التي لم تشهد أي اتصال بالعالم الخارجي.
اكتملت عملية الإنقاذ بانتشال جميع العمال المحصورين بسلام بعد مرور 22 ساعة تقريبا من بدئها.
وقد ظهر بعض العمال في حالة صحية جيدة، لكن البعض الآخر كان يكافح المرض وبدا أكثر ضعفا. استغرقت رحلة صعود كل عامل نحو 16 دقيقة في المتوسط، ولكن شهدت العملية صيانة دورية للكبسولة المستعملة.
إقرأ أيضا : حادثة معبر دياتلوف الغامضة ولغز وفاة المتزلجين التسعة
أغراض سياسية :
بعد نجاح عملية الإنقاذ في حادثة منجم تشيلي، أكد المراقبون السياسيون إن بنيرا رئيس البلد آستغل تلك العملية لأغراضه السياسية.
إلا أن مساعديه يصرون على أن وجود بنيرا هناك كان لابد منه لإطلاق رسالة مهمة تصب في مصلحة الاقتصاد التشيلي مؤداها ان الاقتصاد خصوصاً صناعة التعدين التي تتميز بسجل سلامة مخزٍ ستهتم من الآن فصاعدا بعمالها.
وأكد بنيرا امام رجال الأعمال التشيليين أن «ثروتنا الحقيقية ليست هي النحاس وانما العمال انفسهم.
ويقول بعض الخبراء إن الظروف اصلا سيئة في المناجم الصغيرة في تشيلي مثل منجم «منجم سان خوسيه» الذي احتجز في باطنه العمال والذي تعرض مديره للاتهام من قبل احد الشيوخ في الكونغرس التشيلي بأنه يدفع للعمال أجوراً أعلى من الأجور السائدة في سوق العمل لتغطية الظروف السيئة للسلامة في المنجم.
إقرأ أيضا : لغز اختفاء اميليا ايرهارت : أشهر حادثة اختفاء بتاريخ الطيران
منجم سان جوسيه حاليا :
تم إغلاق منجم سان جوسيه بعد الإنقاذ ، ولكن يوجد مركز ترجمة سياحي يمكن زيارته حيث توجد العديد من المعالم التي تشير إلى المأساة والإنقاذ اللاحق ، مثل التحقيقات المستخدمة ، والأماكن التي تم فيها تطوير خطط الإنقاذ ، من بين أمور أخرى.
أحد العمال ال 33 من ضحايا حادثة منجم تشيلي، يشتغل مسؤولاً عن مرافقة الزائرين إلى مركز الترجمة الشفوية حيث يشرح بضمير الأحداث التي وقعت أثناء المأساة.
مركز الترجمة الشفوية هو نوع خاص من المتاحف لا يعتمد على مجموعة ثابتة ويهدف إلى إبراز وتسهيل الفهم بين جمهور واسع لتراث فريد ومستحيل. من خلال مناشدة مشاعر الزائر وخبراته.
يمكن أن ينطبق هذا النوع من مساحة المتحف على مكان للذاكرة ، أو وحدة بيئية ، أو موقع طبيعي أو ثقافي (منظر طبيعي ، أو نصب ، أو موقع أثري أو تاريخي ، وما إلى ذلك) ، أو منطقة ، أو شخصية ، أو موضوعًا علميًا أو تقنيًا.
توجد في ذلك المركز غرفة بها صور فوتوغرافية وفيلم وثائقي يروي كل الجهود المبذولة لإخراج عمال المناجم البالغ عددهم 33 على قيد الحياة.
يمكنك أن تعيش من جديد قصة “الـ 33” التي حركت العالم وأسفرت عن فيلمين سينيمئيين، والتعرف على المناظر الطبيعية الرائعة لمنطقة أتاكاما، حيث يقع المنجم على حلبة طريق الصحراء، وتحيط به الممرات والكثبان الرملية الرائعة.
إقرأ أيضا : رحلة الخطوط الجوية الماليزية 370 : أغرب حادثة إختفاء في تاريخ الطيران