مدينة التوائم في البرازيل التي حيرت علماء الوراثة
نظرة سريعة على محتويات المقال:
مدينة التوائم في البرازيل كانديدو جودوي هي واحدة من بين أغرب المدن بدون تأكيد، حيث تُعرف هذه البلدية النائية الواقعة في جنوب البرازيل والتي يبلغ عدد سكانها ما يزيد قليلاً عن 6500 نسمة، في ولاية ريو غراندي دو سول، على الحدود مع الأرجنتين، باسم “عاصمة التوائم العالمية“.
يوجد حاليًا حوالي 90 زوجًا من التوائم في مدينة كانديدو جودوي Cândido Godói وفقًا لمصادر من تقرير بلدية المدينة. وفقط في بلدة لينهاو ساو بيدرو، التابعة للبلدية المذكورة، يوجد 44 زوجًا من التوائم المسجلة.
وهذا يعني أن واحدة من كل 10 نساء تلد توائم متطابقة هنا، مما يجعلها المدينة التي تضم أكبر عدد نسبي للتوائم في العالم.
وقد حاول الخبراء تفسير سبب وجود هذا العدد الكبير من التوائم هناك، لكن القضية لا تزال غير واضحة تمامًا. وبطبيعة الحال، هناك كل أنواع النظريات حول ما يحدث هناك.
تخفي بلدة كانديدو جودوي الصغيرة، في جنوب البرازيل، لغزًا لم يتمكن أحد من حله: لماذا يوجد بها أعلى معدل ولادة توائم في العالم؟ وبحسب الإحصائيات الرسمية، فإن واحدة من كل 10 حالات حمل مسجلة في المكان تنتهي بولادة توأم، ونصف هذه الحالات تقريباً هي توائم متطابقة.
إقرأ أيضا : قرية الأقزام في الصين : اللغز الذي عجز العلماء عن حله
قصة مدينة التوائم في البرازيل
مدينة التوائم في البرازيل هي في الواقع بلدة صغيرة تسمى كانديدو جودوي، تقع في ولاية ريو غراندي دو سول، في جنوب البرازيل، قريبة جدًا من الحدود مع الأرجنتين.
في بداية القرن العشرين، كانت كانديدو جودوي مدينة نائية نادرًا ما يُسمع اسمها بعيدًا عن البرازيل. لكن شيئًا ما تغير، فبدءًا من الخمسينيات، تغير هذا الوضع تمامًا.
منذ عام 1959، أصبح يمكنها التفاخر بكونها العاصمة العالمية للتوائم، لأنه منذ ذلك التاريخ، حدثت 4 من كل 10 حالات حمل حتى الآن كانوا توأمًا. وهو وضع غير عادي حقًا في جميع أنحاء العالم.
تُعرف مدينة كانديدو جودوي بمدينة التوائم، وذلك لأنها تضم أكبر عدد من التوائم في العالم، حيث يبلغ عدد التوائم في كل ألف طفل مولود في المدينة 12.5، وهو رقم أعلى بكثير من المتوسط العالمي البالغ 9.1.
ولكن ليس فقط أرقام التوائم في البلدة تثير الحيرة والفضول، ولكن أيضا حقيقة أن معظم الأشقاء المتطابقين هم من ذوي الشعر الأشقر وذوي العيون الزرقاء.
إقرأ أيضا : حفرة ديرويز : فوهة الجحيم المشتعلة بالنيران منذ عام 1971
مصادفة أو مؤامرة
لقد كان الوضع الغريب في كثرة التوائم في مدينة التوائم في البرازيل، خاصة الشقر منهم وذوي العيون الزرق سبباً لتعدد الفرضيات والتحقيقات منذ ظهور هذه الحقيقة قبل ست سنوات من الآن.
وكان الصحفي والمؤرخ الأرجنتيني خورخي كاماراسا، المتخصص في الهجرة الجماعية النازية إلى أمريكا الجنوبية، من أوائل الذين حاولوا حل اللغز.
وتوصل إلى استنتاج مفاده أن سبب عدد “التوائم الآرية أي من العرق الآري” في هذه البلدة البرازيلية الصغيرة هو بسبب التجارب النازية المروعة التي أجراها الطبيب النازي جوزيف منجيل، الملقب ب “ملاك الموت”.
وكما روى كاماراسا في كتابه “منغيل: ملاك الموت في أمريكا الجنوبية” (2009)، فإن هدف مرؤوس هتلر كان خلق عرق متفوق.
وللقيام بذلك، جعل من المدينة البرازيلية مختبرًا بشريًا، مستخدمًا سكانها كفئران تجارب.
كان منغيله هو الطبيب المسؤول عن معسكر الاعتقال والإبادة في أوشفيتز، ولكن بعد سقوط الرايخ الثالث، ذهب إلى المنفى في أمريكا الجنوبية.
وبالتحديد منذ عام 1963، بعد وصول الطبيب السادي، بدأ عدد مواليد التوائم في الارتفاع في مدينة كانديدو جودوي.
وأجرى كاماراسا تحقيقا من خلال إجراء مقابلات مع مئات الأشخاص لمعرفة سبب ارتفاع معدل ولادة التوائم.
وفقًا للصحفي والمؤرخ، كان الهدف النهائي لمينجيل هو “خلق جنس متفوق، وزيادة عدد الأطفال الآريين”، كما أنه كان مهووسًا بالتجارب على التوائم.
استعان المؤرخ الأرجنتيني كاماراسا بالطبيبة البرازيلية أنينسيا فلوريس دا سيلفا لإجراء تحقيقاته.
وكان الاستنتاج هو أن الزيادة في عدد التوائم تزامنت مع وصول رودولف فايس إلى بلدة، وهو أحد الألقاب التي عرف بها جوزيف منجيل.
كما تناول فيلم وثائقي من مجلة ناشيونال جيوغرافيك بعنوان “توأم مينجيل” هذه القصة الغريبة في عام 2009.
ووفقاً لوثيقة الفيديو، كان هناك 44 ولداً توأماً في البلدة البرازيلية في ذلك الوقت، ولم يعرف أحد السبب على وجه اليقين – حتى أن البعض جادل بأن ذلك كان بسبب الأسلحة النووية أو الكائنات الفضائية أو تكوين المياه.
“في أوائل الستينيات، شهد كانديدو جودوي انفجارًا في ولادة التوائم. لا يوجد تفسير معقول لما يحدث”، قال كاماراسا في مقابلة مع ناشيونال جيوغرافيك، قبل وقت قصير من نشر كتابه.
لكن بعد إجراء فحوصات الدم على سكان البلدة والتحليل الجيني، تبين أن تكاثر التوائم لا علاقة له بالتلاعب بالجينات الذي كان يتحدث عنه المؤرخ الأرجنتيني.
إقرأ أيضا : انفاق الموت في باريس أكبر مستودع عظام تحت الأرض في العالم
تفسير ظاهرة التوائم في مدينة كانديدو جودوي
قامت عالمة الوراثة لافينيا شولر فاتشيني من جامعة ريو غراندي دو سول الفيدرالية (UFRG) بتحليل الحالة بدقة.
وكان قد بدأت تحقيقاتها في التسعينيات، لكنها استأنفتها بعد الجدل الذي أثاره كتاب كاماراسا.
وخلصت إلى أن سبب هذا العدد الكبير من التوائم في مدينة كانديدو جودوي هو أن جميع العائلات كانت مرتبطة ببعضها البعض، وهو ما يُعرف باسم “تأثير المؤسس”.
تأثير المؤسس في علم وراثة السكان هو خسارة مزايا وراثية تحدث عندما يَنشأ جيل جديد من السكان من عدد صغير جداً من الأفراد، الذين كانوا في السابق جزأً من جماعة أكبر (مثلاً، مجموعة قليلة من الحيوانات نجت من حدث انقراض جماعي).
وفي دراستها التي عنوانها “التحليل الجيني والوبائي لمدينة كانديدو جودوي”، قامت العالمة بتحليل العوامل الوراثية وراء طفرة التوائم ودحض نظرية كاماراسا.
حددت شولر-فاتشيني الجين TP53، الشائع لدى 42 أمًا لتوائم تم فحصها ومن المفترض أنه مرتبط بالخصوبة.
وقال الخبيرة: “إنه الجين الذي يهيئ للحمل بتوأم، لكنه ليس حاسما”.
ويوضح عالم الوراثة أيضًا أن حالات الحمل التوأم في هذا مدينة التوائم في البرازيل كانت قبل عام 1960، وهو ما يتعارض أيضًا مع نظرية المؤرخ الأرجنتيني.
إقرأ أيضا : بوابة الجحيم في روسيا : قصة أعمق حفرة على وجه الأرض
أنواع التوائم
كما قامت أورسولا ماتي، عالمة الأحياء الجزيئية في خدمة العلاج الجيني بمستشفى بورتو أليغري بالبرازيل، بالتحقيق في قضية مدينة التوائم في البرازيل.
واكتشف ماتي أنه بين عامي 1990 و1994، لم يتجاوز معدل ولادة التوائم في البرازيل واحدا في المئة. ومع ذلك، في مدينة كانديدو جودوي، وصل الرقم إلى 10 بالمائة.
لكن ماتي أكدت أن “الأمر الأكثر إثارة للاهتمام لم يكن معدل ولادة التوائم فحسب، بل تنوعهم أيضا”.
وفقًا لماتي، فإن 40% من التوائم المولودين هناك كانوا متطابقين (أحادي الزيجوت) و60% لم يكونوا (ثنائي الزيجوت).
أجرت ماتي وشولر فاسيني بحثًا مشتركًا، حيث قاما بتحليل الظاهرة الغريبة في “مدينة التوائم” في بحث نُشر عام 2011.
وجاء في التقرير أن “النتائج تدعم فرضية “تأثير المؤسس”، وهو ما يفسر ارتفاع معدل التوائم”.
بغض النظرعن هاته النتائج، يعتقد العلماء أن سبب ارتفاع نسبة التوائم في المدينة يعود إلى عوامل وراثية وعوامل بيئية.
فبالنسبة للعوامل الوراثية، فقد وجدت الدراسات أن سكان المدينة لديهم جينات تجعلهم أكثر عرضة للحمل بتوائم.
أما بالنسبة للعوامل البيئية، فقد وجدت الدراسات أن المدينة تتمتع بمناخ جيد ونمط حياة صحي، مما قد يساهم في زيادة فرص الحمل بتوائم.
إقرأ أيضا : معبد كارني ماتا في الهند : المكان الذي تعامل فيه الفئران كالآلهة