مدينة النحاس الاسطورية التي بناها الجن بأمر النبي سليمان
نظرة سريعة على محتويات المقال:
تعتبر مدينة النحاس الاسطورية أحد أهم المدن التاريخية المفقودة والتي أثير الكثير من الجدل حول حقيقة وجودها، بينما تم ذكرها في العديد من المصادر التاريخية.
فمن من لم يسمع عن مدينة الذهب الأسطورية المفقودة الدورادو، أو مدينة أغارثا التي تقع في جوف الأرض، أو مدينة زد المختفية في غابات الأمازون، وحضارة مملكة شامبالا التي يقال أنها مخبأة في جبال التبت وحضارة أتلانتس الغارقة في أعماق المحيط.
لكن هل سمعت عن مدينة النحاس الاسطورية ؟ وأين تقع مدينة النحاس؟ هل كانت موجودة بالفعل أم أنها مجرد أسطورة وخرافة شعبية تناقلتها الشعوب جيلا بعد جيل؟
إقرأ أيضا : رحلة سلام الترجمان لسد ياجوج ومأجوج وتفاصيلها المثيرة
مدينة النحاس بين الحقيقة والخيال
تعتبر مدينة النحاس من بين أشهر المدن الاسطورية المفقودة والتي أسالت لعاب العديد من المؤرخين والعلماء وحتى صائدي الكنوز ومنقبي الآثار.
لقد تم التطرق لقصة مدينة النحاس الاسطورية في العديد من المصادر العربي المختلفة، أهمها كتاب ألف ليلة وليلة، كما تحدث عنها الرحالة والكاتب الأندلسي أبو حامد الغرناطي والأديب الرومي ياقوت الحموي وإبن خلدون وغيرهم.
رغم إختلاف العديد من الكتاب والأدباء والمؤرخين حول حقيقة مدينة النحاس، إلا أن البعض يعتقد أن مدينة النحاس بنيت من طرف الجن بأوامر من نبي الله سليمان.
فكلنا نعلم أن الله تعالى وهب للنبي سليمان العديد من المعجزات والتي ميزه بها عن غيره من الأنبياء والرسل، أهمها فهمه للغة الحيوان وتسخير الله تعالى جيشا من الحيوانات والجن والعفاريت لخدمته.
لذلك تتفق العديد من المصادر أه تم تشييد وبناء مدينة النحاس الاسطورية بتقنيات وتكنولوجيا متطورة جدا، يعجز الإنسان عن فهمها وتقليدها.
قد يهمك: الملك منسا موسى : حكاية أغنى رجل في التاريخ على الإطلاق
قصة مدينة النحاس
يقال أن الملك عبد الملك بن مروان وهو الخليفة الخامس من خلفاء بني أمية والمؤسس الثاني للدولة الأموية، سمع عن وجود مدينة النحاس الاسطورية المبنية من طرف الجن بأوامر من الملك سليمان ومنذ آلالاف السنين.
لقد وصل إلى مسامع الخليفة الأموي أن مدينة النحاس تلك تقف في مكان ما في دولة المغرب، لقد سمع عنها الكثير من القصص لكنه لم يكن يؤمن بوجودها حقا.
وفي أحد الأيام أخبر أحد جلساء الملك عبد الملك بن مروان أن هنالك بحيرة غريبة قريبة من مدينة النحاس، يحج إليها العديد من الصيادين لاصطياد السمك، لكنهم كانوا أحيانا يصطادون بعض الأواني النحاسية كالقمقم وهي مختومة ومغلقة بإحكام وبداخلها جن وعفاريت كان الملك سليمان قد عاقبهم وسجنهم بداخلها.
لم سمع الملك عبد الملك بن مروان بتلك القصة قام بالفور بإرسال أحد مستشاريه ومساعديه إلى أخيه عبد العزيز بن مروان والي مصر آنذاك للتحقق من تلك الرواية.
بالفعل أكد والي مصر عبد العزيز بن مروان صحة تلك القصة لأخيه، مؤكدا أنه سمع حول تلك البحيرة وبأن العديد من الصيادين أخرجوا العديد من الأواني النحاسية أو الجَرَّات (جمع جرة) والتي كانت مختومة وعند فتحها تفاجؤوا بوجود جن محبوسين بداخلها من أيام الملك سليمان.
إقرأ أيضا : خاتم سليمان السحري الذي سخر له الرياح والجن في خدمته
أين تقع مدينة النحاس
إختلف العديد من المؤرخين والكتاب حول مكان مدينة النحاس الأسطورية وكانت هنالك 3 نظريات هي الأكثر شيوعا حول مكانها:
يقال أن مدينة النحاس تقع في أقصى شمال المغرب عند البحر الأبيض المتوسط، بينما يؤمن أصحاب النظرية الثانية بوجودها في شمال المغرب لكن في المحيط الأطلسي الذي كان يعرف ببحر الظلمات آنذاك، بينما تقول النظرية الأخيرة أن مدينة النحاس توجد بالقرب من منطقة سجلماسة في صحراء المغرب.
مدينة النحاس بالمغرب
بعد تأكده تلك الرواية حول مدينة النحاس الاسطورية، قرر الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بإرسال بعثة إستكشافية لتقصي حقيقة تلك المدينة ونصحه أخوه عبد العزيز بن مروان بتعيين موسى بن نصير على رأس تلك البعثة، بما أن مكان مدينة النحاس يقع في مكان ما في المغرب الأقصى وبحكم معرفة ودراية موسى إبن نصير بتضاريس تلك المنطقة.
توصل موسى بن نصير برسالة من الملك بن مروان يأمره فيها بالتحقق من قصة مدينة النحاس وبتلك البحيرة التي كثرت حولها القصص الغامضة، فبدأ بتحضير نفسه لتلك الرحلة وقام بجمع مستشاريه وإستعان بأحسن الدلائل والمرشدين العارفين بالمنطقة وبعض المترجمين والجنود الأقوياء والأشداء والعديد من الخرائط ومؤونة وطعام يكفيهم لمدة طويلة.
تختلف العديد من المصادر حول مدة وزمن الرحلة، حيث تقول بعض المصادر أن موسى بن نصير وصل لمدينة النحاس في 40 يوما، بينما تتفق أغلبية المصادر أنه إستغرق 4 أشهر كاملة للوصول لمدينة النحاس.
يقال أن موسى بن نصير وبعدما كان على مشارف مدينة النحاس وعلى بعد أمتار قليلة منها، تفاجأ هو ومن معه بضوء شديد وساطع يأتي من المدينة والتي كانت عاكسة للضوء.
قرر موسى بن نصير بالتخييم في مكان ما بقرب المدينة وأخذ قسط من الراحة ومحاولة دخول مدينة النحاس وتقصي حقيقة أمرها في صباح اليوم التالي.
إقرأ أيضا : مدينة القياصرة الاسطورية : الفردوس المفقود منذ عقود
المدينة الملعونة
في صباح اليوم التالي، قرر موسى إرسال أحد جنوده ليبحث عن باب أو مدخل للمدينة والتي كانت محاطة بأسوار ضخمة وعملاقة جدا، لكن رجع الجندي ليخبره بعد تمكنه من إيجاد أي باب أو مدخل يقودهم إلى داخل مدينة النحاس الاسطورية.
إستغرب موسى بن نصير ومن معه من عدم وجود أي باب للمدينة وبدؤوا في التشاور بينهم لمحاولة إيجاد حل لتلك المعضلة، فطرح عليهم أحدهم خطة تقوم على أساس حفر خندق تحت الأرض والمرور من خلاله لداخل المدينة، وبعد الحفر لساعات متواصلة تفاجؤوا بوجود مياه باطنية وفشلت خطتهم.
إتجه موسى بن نصير ومن معه من البعثة لخطة بديلة وقاموا ببناء برج خشبي عملاق إستغرق من الكثير من الوقت والجهد، ليسندوه على أسوار المدينة وبالتالي النزول بداخلها.
يقال أن طول ذلك البرج أو السلم الخشبي كان يبلغ 200 مترا، وفشل العديد من الجنود في صعوده، حيث لقي العديد منهم حتفهم وسقطوا منه، لذلك تراجع الجنود عن تلك الفكرة ليلجأ بعدها موسى بن نصير إلى إغرائهم بالأموال لصعود ذلك البرج.
بعد العديد من المحاولات الفاشلة، نجح أخيرا أحد الجنود في الصعود على البرج وبلوغ قمة سور مدينة النحاس، لكنه بدأ فجأة في الصراخ والضحك الهستيري ورمى بنفسه من السور لداخل المدينة، ليتفاجأ الجميع من هول المنظر وليسمع بعدها صراخ وضجيج داخل المدينة ل 3 أيام بدون توقف.
إقرأ أيضا : المدينة المفقودة زد : أسطورة في قلب غابات الأمازون الموحشة
الفشل سيد الموقف
بعد تلك الحادثة وبعد إختفاء ذلك الجندي وراء أسوار المدينة، ضاعف موسى بن نصير مكافئته المالية لكل من يتسلق الجسر الخشبي ويدخل المدينة، فقام جنديان آخران بالمحاولة وفور وصولهما لقمة سور المدينة لقيا نفس مصير من سبقهما.
وبعد فشل كل محاولات صعود الجسر والقفز داخل المدينة، تطوع أحد الشجعان وقام بطرح فكرة أن يقوم موسى بن نصير وباقي الجنود بربطه بحبل طويل وجدا، مقترحا أن يقوموا بسحبه في حال حصول أي معضلة. فلما وصل ذلك الجندي لقمة سور المدينة بدأ يتصرف بغرابة وألقى بنفسه من السور كسابقيه، ولما بدؤوا في سحبه بالحبال تفاجؤوا بوجود نصفه السفلي فقط.
ماذا يوجد داخل مدينة النحاس
بعد فشل كل المحاولات لدخول مدينة النحاس ولى موسى بن نصير ومن معهم عائدين إلى ديارهم متأكدين ومتيقنين أن تلك المدينة مسكونة من الجن ومن ولوجها يعد ضربا من المستحيل.
لكن القصة لم تنتهي هنا، حسب بعض المصادر والروايات الأخرى فموسى بن نصير كانت له وجهتان أو هدفان أحدهما دخول مدينة النحاس الاسطورية والثاني التحقق من أمر تلك البحيرة التي كانت تحوي في قاعها تلك القماقم السليمانية والتي تحبس الجن بداخلها.
في طريقه إلى تلك البحيرة فوجئ موسى بن نصير ومن معه بوجود أبنية وأعمدة مبنية من الرخام الأبيض الفاخر والجميل مكتوب عليها بلغات مختلفة أسماء أنبياء ورسل وملوك وفراعنة وأباطرة معروفين، ومن بين تلك الأسماء إسم سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين.
بعد ذلك بفترة لمدينة موجود في مدخلها تمثال عملاق من النحاس مكتوب عليه كلام باللغة الأغريقية أو اليونانية حسب بعض المصادر، فأمر موسى بن نصير أحد مترجميه بترجمة تلك الكلمات، فكانت ترجتمتها : لا تتقدوا أكثر وإرجعوا من أين أتيتم أو ستهلكون.
تجاهل موسى ومن معه تلك الكلمات ودخلوا تلك المدينة، ليتفاجئوا بجنة غناء وخضرة تحيط بالمدينة وأنواع وأصناف من النباتات والفواكه والخضراوات والورود وسهول وجبال خلابة.
أرسل موسى بن نصير مجموعة من أشد المقاتلين لتوغلوا في أعماق المدينة ويتحرو أمرها. بعد دخول المدينة والتوغل في أرجائها فوجئت تلك المجموعة من الجنود بهجوم مفاجئ من نمل عملاق الحجم والذي فتك بهم وقطعم إربا.
تفاجأ موسى بن نصير برجوع عدد قليل من الجنود يهربون وهم مذعورون من الخوف ويجري ورائهم نمل عملاق وكأنهم أسود متوحشة، فتراجعوا خلفهم وهموا بالخروج من المدينة معتقدين أنها نهايتهم، لكن فور خروجهم من المدينة وتجاوزهم لذلك التمثال النحاسي العملاق، تراجع النمل موليا أدباره نحو المدينة.
لقد نجا موسى ومن تبقى من الجنود بمعجزة وفهموا مغزى تلك الرسالة التي كانت مكتوبة على التمثال النحاسي العملاق في مدخل المدينة : كل من يتجاوزه ويدخل يلقى هلاكه.
إقرأ أيضا : المدينة المفقودة ماتشو بيتشو : تحفة هندسية لحضارة الإنكا العظيمة
القماقم السليمانية
تابع موسى ومن تبقى معه من البعثة طريقهم نحو البحيرة المنشودة وبالفعل وصلوا إليها بعد مسيرة أيام قليلة. لقد كانت بحيرة جميلة وهادئة ومياهها شديدة الصفاء، لدرجة أن موسى ومن معه كان بإمكانهم رؤية تلك القماقم أو الأواني النحاسية تقبع في قاع البحيرة وفي أطرافها.
غاص مجموعة من الرجال في قاع البحيرة بأمر من موسى بن نصير ليأتوا ببعض من تلك القماقم والجرار النحاسية ليتحققو أمرها. كانت تلك القماقم مختومة بالرصاص، فقام موسى ومن معه بفتح جرة منها، فخرج منها عفريت يصرخ أن تبت يا سيدي سليمان اعفوا عني ليتبخر بعدها في الهواء.
تفاجأ موسى ومن معه من هول المنظر، لكنهم إستجمعوا قواهم وقاموا بفتح المزيد من القماقم النحاسية وتكررت نفس العملية، كل مرة يخرج منها مارد أو عفريت بهيئات مختلفة ويصرخ قائلا نفس الكلام ويخفي في رمشة عين.
بعد تلك الحوادث المرعبة ولى موسى وبن نصير ومن بقي معه من الرجال راجعين إلى ديارهم، ليخبروا الخليفة عبد الملك بن مروان أهوال ما رأوه من العجب العجاب الذي لا تصدق عين.
راجع أيضا : تابوت العهد : التابوت المقدس عند اليهود وقصته بالتفصيل