مغالطة التوقعات العالية : عندما يتجاوز الأمل الواقع
نظرة سريعة على محتويات المقال:
مغالطة التوقعات العالية (High Expectation Fallacy) هي خطأ شائع في التفكير يحدث عندما نضع توقعات غير واقعية لحدث أو نتيجة معينة. هذا الخطأ ينشأ غالبًا من الرغبة الشديدة في تحقيق نتيجة إيجابية، مما يؤدي إلى تقييم غير دقيق للاحتمالات الحقيقية.
هذه المغالطة من أسوء المغالطات على الإطلاق، رُبما عانيت منها كثيراً مِثلي فأنا الأن أُعاني مِنها بِشِّدة وأحاول الخروج مِنها بأسرع طريقة، سأشرحها لك بِمثال بسيط لِتَتَضِحْ الفكرة.
زَمِيلان في العمل أََحدُهما يُقدم المُساعدة دائماً وأًخر لا يُقدم أي مُساعدة عِندما يَتَوقف الأول عن تقديم المُساعدة سينزعج مِنه زُملائه ورُبما يَقُومون بالحديث عنه مِن وراء ظهره، بينما الأخر الذي لا يقدم المساعدة عندما يقوم بمساعدة زملائه ولو قليلاً سيفرحون به جداً ويمطرونه بوابل من المديح والكلام الجميل الذي لم يكن ليتلقاه زميله الأخر طول فتره عمله على الرغم من أنه يستحقه لكن لا، لأنه بالنسبة لهم فقد أصبح هذا فرضاً عليه أو بِمَعنى أصح هو الذي فرضه على نفسه.
الشئ الذي جعل الأول يُعامل مُعاملة سيئة بينما يُعامل الثاني مُعاملة الملوك هو التوقعات العالية لدى الفريق عن ما يمكن للأول فعله والتوقعات المنخفضة عن ما يمكن للثاني فعله، فمعيار التفضل كان بِنَائاً على التوقعات وليس على النتائج فالأول كان يستحق الأحترام والتقدير لعمله الكثير لكن الفريق كان يتوقع منه هذا العمل، والثاني لم يكن حقيقة يستحق كل هذا الثناء والمديح لكن توقعات الفريق المنخفضة هي التي جعلت من عمله مميزاً، وليس مقدار العمل.
مغالطة التوقعات العالية هي ظاهرة نفسية معقدة، وقد تتأثر بعدة عوامل فردية واجتماعية. إذا كنت تشعر أنك تعاني من هذا النوع من المغالطة، فقد يكون من المفيد التحدث مع معالج أو مستشار.
أسباب مغالطة التوقعات العالية
مغالطة التوقعات العالية هي ظاهرة نفسية شائعة تتجلى في ميلنا لتوقع نتائج إيجابية أكبر مما هو واقعي في مختلف جوانب حياتنا. هذه الظاهرة لها جذور عميقة في طبيعة التفكير البشري وتؤثر على قراراتنا وسلوكنا بشكل كبير.
من بين أبرز الأسباب التي تؤدي إلى مغالطة التوقعات العالية، التفاؤل المفرط، يميل البشر بشكل طبيعي إلى التفاؤل، وهذا التفاؤل قد يتحول إلى توقعات مبالغ فيها حول المستقبل.
كما يمكن أن تؤدو الرغبة الذات في التحسين لتلك المغالطة، حيث يسعى الأفراد بشكل طبيعي لتحسين أنفسهم وحياتهم، وهذا الدافع قد يؤدي إلى توقع نتائج أفضل من الواقع.
أحد الأسباب الأخرى هو التأثير الاجتماعي، قد تتأثر توقعاتنا بتوقعات الآخرين من حولنا، وخاصة الأشخاص الذين نحترمهم ونثق بهم.
وأخيرا الذاكرة الانتقائية، حيث يميل الأفراد إلى تذكر التجارب الإيجابية وتجاهل التجارب السلبية، مما يعزز لديهم اعتقادًا بأن النجاح هو النتيجة الطبيعية لأي جهد يبذلونه.
آثار مغالطة التوقعات العالية
تؤدي مغالطة التوقعات العالية إلى مجموعة واسعة من الآثار السلبية التي تؤثر على الأفراد والمجتمعات. إليك بعض الآثار الأكثر شيوعًا:
على المستوى الفردي
الإحباط والخيبة: عندما لا تتحقق التوقعات العالية، يشعر الفرد بالإحباط والخيبة، مما يؤثر على ثقته بنفسه وقدراته.
التوتر والقلق: يعاني الأفراد من مستويات عالية من التوتر والقلق نتيجة الضغط المستمر لتحقيق أهداف غير واقعية.
صعوبة في التعامل مع الفشل: يجد الأفراد صعوبة في قبول الفشل والتعلم منه، مما يعيق نموهم الشخصي.
تدمير العلاقات: قد تؤدي التوقعات العالية غير الواقعية إلى تدمير العلاقات مع الأصدقاء والعائلة والشركاء.
مشاكل صحية: يمكن أن تؤدي التوقعات العالية إلى مشاكل صحية مثل الأرق واضطرابات الأكل والاكتئاب.
على المستوى الاجتماعي
صعوبة في تحقيق الأهداف الجماعية: تؤثر التوقعات العالية غير الواقعية على قدرة المجموعات على تحقيق أهدافها الجماعية.
زيادة التنافسية: قد تؤدي التوقعات العالية إلى زيادة التنافسية بين الأفراد، مما يؤثر على التعاون والعمل الجماعي.
تدهور جودة الحياة: يؤثر الإحباط والخيبة الناتجان عن التوقعات العالية على جودة الحياة بشكل عام.
لتجنب آثار مغالطة التوقعات العالية، يجب على الأفراد والمجتمعات تقييم الموقف بشكل موضوعي ووضع توقعات قابلة للتحقيق. فبدلاً من التركيز على النتائج، يجب التركيز على الجهود المبذولة لتحقيق الأهداف.
ببساطة يجب علينا قبول الفشل كجزء طبيعي من الحياة والتعلم منه.
باختصار، مغالطة التوقعات العالية هي ظاهرة طبيعية، ولكنها قد تؤثر سلبًا على حياتنا إذا لم نكن حذرين. من خلال فهم أسباب هذه الظاهرة وتطبيق بعض الاستراتيجيات البسيطة، يمكننا التعامل معها بشكل أكثر فعالية وتحقيق نتائج أفضل في حياتنا.