التنويم المغناطيسي

أسرار التنويم المغناطيسي: رحلة إلى أعماق العقل الباطن

معظمنا سمع عن التنويم المغناطيسي والكثير منا ربط تلك الكلمة بممارسات السحر الأسود أو إمتلاك قدرات خارقة أو استخدامه لغرض إيذاء الناس الأبرياء وربما تعود تلك الأفكار إلى التأثر بالأفلام والراوايات في الماضي.

وعلى الرغم من قدم ممارسته إلا أنه ما يزال يشكل لغزاً من خفايا العقل البشري ، فما هي حقيقة التنويم المغناطيسي ؟ في الواقع لا يعلم الأطباء النفسانيون ماهية التنويم المغناطيسي بالضبط، ولكن الغالبية العظمى منهم يتفقون على أن التنويم المغناطيسي هو حالة إنتقال أو حالة أخرى تختلف حالة الوعي (إقرأ عن حالة الوعي المغايرة) ولعل من أهم خصائص تلك الحالة هي تركيز الإنتباه بشدة و الإنفتاح المتزايد على الإيحاءات والتلميحات التي يعطيها من يقوم بالتنويم المغناطيسي

ويعرف التنويم المغناطيسي أيضاً على أنه حالة ذهنية (نظرية تتعلق بحالة) أو جملة من المسالك والمعتقدات (نظرية لا تتعلق بحالة) يجري تكوينها من خلال ممارسة تعرف بـ “الحث التنويمي” والذي يتكون عادة من سلسلة من التعليمات التمهيدية والتلميحات الموحية وقد تكون هذه التلميحات منقولة من قبل الشخص المنوم أو تكون متحكم بها ذاتياً (الإيحاء الذاتي أو التلقائي) ويشار إلى استخدام التنويم المغناطيسي لأغراض علاجية بمصطلح المعالجة التنويمية الإيحائية.

ما هو التنويم المغناطيسي

التنويم المغناطيسي، هذه الظاهرة الغامضة التي حيرت العلماء والفلاسفة على مر العصور، هي حالة من الوعي المعدل يتم فيها التركيز بشكل عميق على فكرة أو صوت معين، مما يؤدي إلى زيادة الاستجابة للإيحاءات. يعتقد الكثيرون أن التنويم المغناطيسي هو مفتاح لعلاج العديد من المشاكل النفسية والجسدية، وكشف أسرار العقل الباطن.

التنويم المغناطيسي ليس حالة من النوم، بل هو حالة من الاسترخاء العميق والتركيز. خلال هذه الحالة، يصبح الشخص أكثر انفتاحًا على الإيحاءات، مما يعني أنه يمكن توجيه تفكيره وسلوكه بطرق معينة.

يعمل التنويم المغناطيسي من خلال التأثير على العقل الباطن، وهو الجزء من العقل الذي يخزن الذكريات والعواطف والأفكار اللاواعية. من خلال الإيحاءات، يمكن للممارس أن يصل إلى العقل الباطن ويقترح تغييرات إيجابية.

نبذة تاريخية

0*zJr MlIspXDFlnFK

يعتبر التنويم المغناطيسي أو الإيحائي من أقدم طرق المعالجة النفسية عبر التاريخ ، فالعائلة الملكية في مصر الفرعونية استخدمته لمعالجة حالات الإكتئاب الناتجة عن الأمراض وكان للمعالجين سمعة ومكانة كبيرة في مصر القديمة لأنهم كانوا يدعون إمتلاكهم لقوى خارقة تساعد في شفاء الناس من خلال الإيحاء.

كما لعب التنويم المغناطيسي دوراً هاماً لدى الهندوس القدامى حيث كانوا يكرسون نوعاً من المعابد تسمى بمعابد التنويم لهدف معالجة الأمراض التي لم تنجح فيها طرق الشفاء التقليدية آنذاك واكتشف علماء الآثار كتاباً قديماً بعنوان “قانون مانو” الذي أورد ثلاث مستويات مختلفة من التنويم المغناطيسي وهي: النوم في حالة النشوة و النوم العميق والمشي خلال النوم.

وحسب ما هو معلوم لم يتعرف الغرب إلى التنويم المغناطيسي إلا بعد الدكتور فرانز ميسمر في الذي عاش في القرن الثامن عشر (1734–1815) وهو فيزيائي نمساوي ، قام الدكتور ميسمر في التحقيق في تلك الظاهرة التي دعيت باسمه الميسمرية وما زالت تلك الكلمة تستخدم لحد الآن.

لكن كلمة التنويم المغناطيسي لم تظهر إلا بعد أن صاغها جيمس برايد وهو جراح اسكتلندي، قدم برايد نظرية مفادها أن الإستمرار في التحديق في جسم متحرك أو ثابت لفترة من الزمن ستؤدي بدخول الشخص إلى حالة من اللاوعي وهذه الحالة لا تعتبر نوماً وإنما حالة تفصل بين الوعي واللاوعي وبعد ذلك الإكتشاف وصف جيمس برايد على أنه “رائد التنويم المغناطيسي”,

حقائق عن التنويم المغناطيسي

0*LM 3AVwr3odRM0y9

التنويم المغناطيسي ليس له في الحقيقة أية علاقة بالنوم أو في المغناطيس.

يصبح صوت المنوم هو المسيطر الوحيد على شعور ووعي النائم ايحائيا.

يخفض المنوم صوته شيئا فشيئا حتى لا يكاد يسمع ثم يكرر عبارات مهمة تحوي كلمات مثل: نائم حالم مسترخ، ثم يبدأ في ادخال صور تتولى عملية تعميق التنويم.

مثال لحالة بسيطة وشائعة للتنويم المغناطيسي: نقوم بتنويم شخص ما مغناطيسياً ونوحي له ان الماء الذي سيرتشفه سيكون ممتلئاً بالفلفل بعدها نوقظه من النوم سيبصق الشخص حينئذٍ باشمئزاز ولن يكون بمقدور أي إنسان في العالم أن يبعد عن ذهنه هذه الفكرة وبغية انتزاعها منه يتوجب تنويمه مجدداً.

الشخص الواقع تحت التنويم المغناطيسي لا يقوم باي عمل لا يريده حيث لا يمكن اجباره على القيام باعمال لا يرغب بها.

اثناء عمليه التنويم ان الشخص يبقى مفتوح العينين وانه يستوعب جميع ما يدور حوله ولكنه لا يستطيع الاجابه الا على الشخص القائم بعمليه التنويم المغناطيسي.

من يقوم بالتنويم المغناطيسي عليه أن يكون على دراية وخبرة كافية وأن تتصف شخصيته بالوقار والاحترام والمحبة حتى يستطيع أن يهيمن على الآخرين بما يمتلك من قوة الشخصية والارادة.

فوائد التنويم المغناطيسي

علاج المشاكل النفسية: يمكن استخدام التنويم المغناطيسي لعلاج العديد من المشاكل النفسية مثل القلق، الاكتئاب، والخوف من الطيران.

إدارة الألم: يمكن للتنويم المغناطيسي أن يساعد في تخفيف الألم المزمن، مثل آلام الظهر والصداع.

تحسين الأداء: يمكن للتنويم المغناطيسي أن يساعد في تحسين الأداء الرياضي، وزيادة التركيز، وتعزيز الثقة بالنفس.

تغيير العادات السلبية: يمكن استخدام التنويم المغناطيسي للتخلص من العادات السيئة مثل التدخين والإفراط في تناول الطعام.

حاليا يستخدم القليل من الاطباء وخاصة النفسيين التنويم المغناطيسي لعلاج مشاكل الاعصاب والارق والصداع وادمان الكحول او المخدرات حيث يشترطون وجود احد اقارب او اصدقاء الشخص معه.

كما يستخدم التنويم المغناطيسي أيضاً من أجل للتخلص من التدخين والكحولية والتثبيط الجنسي والخوف والشعور بالدونية ومن بعض الآلام النفسية والجسدية.

وتقوم هذه الطريقة على خلق صورة عن الذات تندمج تدريجياً مع الشخصية بحيث يصبح الإنسان ما يريد أو ما يفكر فيه. و يهتم بعض الأطباء الأميركيين منذ بعض الوقت بالتنويم المغناطيسي الذاتي وهي تقنية مشتقة من الإيحاء الذاتي تساعد بشكل جاد على صقل الشخصية والتحرُّر من بعض العادات السيئة واكتساب أخرى أكثر ملائمة.

هل ينجح التنويم المغناطيسي على أي شخص؟

0*Poqc4EX6M HyIUH7

لا يمكن إجراء التنويم المغناطيسي على أي شخص ، فقد وجدت الدراسات أن حوالي 10% من الناس لا يستجيبون إلى أية محاولة للتنويم المغناطيسي، ونسبة تتراوح بين 5 إلى 10% يدخلون في حالة عميقة من التنويم المغناطيسي، ففي عام 1970 وجد الباحث النفساني إرنست هيلغارد أن الأشخاص الأكثر تأثراً بالتنويم المغناطيسي هم الواثقون من أنفسهم والمنفتحون ذهنياً والموضوعيون فهم قادرون على الدخول في تجارب تخيلية، كما وجد هيلغارد أن الأشخاص الذين يستجيبون للأوامر خلال جلسات التنويم المغناطيسي هم من الذين عاشوا طفولة قاسية ولقوا عقاباً لذلك يميلون إلى العيش في الخيال ليبتعدوا عن ظروف حياتهم الصعبة في الماضي وبالتالي يمثلون أفضل موضوع لدراسة تلك الظاهرة.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *