العائدون من الغيبوبة

العائدون من الغيبوبة : أسرار وتجارب محيرة للعلم

0*FK55sOo1EGl223io

يظل “ العائدون من الغيبوبة “ علامة تعجب واستفهام كبيرتين كما أن هذه العودة تبقى مثار جدل ساخن بين تيارين: الأول طبي علمي بحثي بحت، والثاني روحاني أو ميتافيزيقي.

الغيبوبة ليست جرحاً يصيب المريض فيتأوه، هي غياب ينقله إلى عالم آخر ما زال العلم لا يعرف كثيراً عنه ، الغيبوبة هي حالة من فقدان الوعي لمدة طويلة أسبابها كثيرة منها إصابات الرأس والسكتة الدماغية وأورام الدماغ والتسمم الكحولي أو الناجم عن تناول عقاقير، كما قد تحدث الغيبوبة في حالات الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري أو حدوث عدوى.

بينما الشخص غارق في غيبوبته، لا يعتقد أنه يستجيب كما لا يمكن إيقاظه، ويكون نشاطه الدماغي ضئيلاً يكون على قيد الحياة، لكن لا يظهر أمارات بوجود الوعي، من الناحية السريرية يكون الغارق في الغيبوبة مغلق العينين، ولا يظهر علامات استجابة لما حوله من أصوات أو وخز يسبب ألماً في الأحوال العادية كما تقل جداً قدرته على السعال أو البلع وبعضهم يستمر في التنفس بطريقة طبيعية، والآخر يحتاج إلى تدخل أجهزة لمساعدته على التنفس.

لكن ماذا عن العودة من الغيبوبة ؟ ماذ عن يرى العائدون من الغيبوبة أثناء غيبوبتهم ورحلة اللاوعي تلك ؟

ماذا يرى العائدون من الغيبوبة

0*pr8eZRr35GPO9ba5

العودة من الغيبوبة هي تجربة فريدة ومعقدة، تثير الكثير من التساؤلات حول طبيعة الوعي والحياة والموت. يواجه الأشخاص الذين يستعيدون وعيهم بعد فترة من الغيبوبة تحديات جسدية ونفسية وعقلية كبيرة، وتختلف تجاربهم بشكل كبير.

العودة من الغيبوبة هي رحلة معقدة وشخصية لكل فرد، وتعتمد بشكل كبير على سبب الغيبوبة وشدة الضرر الذي لحق بالدماغ. يمكن أن تكون هذه التجربة مرهقة لكل من المريض وأسرته، وتتطلب صبرًا وإصرارًا كبيرين.

تعتبر تجربة العودة من الغيبوبة من أكثر التجارب الإنسانية غموضًا وإثارة للفضول. لطالما أثار ما يراه ويشعر به الأشخاص أثناء هذه الفترة اهتمام العلماء والفلاسفة والعامة على حد سواء.

تختلف الروايات حول ما يراه الأشخاص أثناء الغيبوبة بشكل كبير من شخص لآخر، ولا توجد حتى الآن إجابة علمية قاطعة وشاملة لهذا السؤال. بعض الروايات تشير إلى:

أحلام واقعية: يصف البعض رؤىً حية وكأنها واقع، قد تشمل لقاء بأحباء متوفين أو تجارب خارج نطاق الجسم.

نفق مظلم ونور في النهاية: هذه الرؤية شائعة جدًا، حيث يرى الشخص نفسه يسير في نفق مظلم وينظر إلى نور ساطع في نهايته.

مشاهد من الحياة: يروي البعض رؤيتهم لمشاهد من حياتهم السابقة، سواء كانت سعيدة أو حزينة.

فراغ تام: البعض الآخر يصف حالة من الفراغ التام وعدم الشعور بأي شيء.

التفسير العلمي

0*fiC7Ps4zJb2C9dk3

لا يوجد تفسير علمي قطعي لما يراه الأشخاص أثناء الغيبوبة. ومع ذلك، هناك بعض النظريات التي تحاول تفسير هذه الظاهرة، مثل النشاط العشوائي للدماغ، حيث يرجح أن ما يراه الشخص أثناء الغيبوبة نتيجة لنشاط عشوائي في مناطق معينة من الدماغ.

كما يرجح العلماء فرضية آليات الدفاع النفسية، أي أن الدماغ يحاول حماية نفسه من الصدمة من خلال خلق عالم خيالي. بينما يرجح البعض الأخر نظرية التجربة الروحية، حيث يعتقد البعض أن هذه التجارب قد تكون لها دلالات روحية أو دينية.

رغم عدم وجود إجابة قاطعة حتى الآن، إلا أن البحث في هذا المجال لا يزال مستمرًا. ففهم ما يحدث للدماغ أثناء الغيبوبة قد يساعد في تطوير علاجات أفضل للأمراض العصبية، وفهم طبيعة الوعي والإدراك البشري بشكل أعمق.

في النهاية، تجربة العودة من الغيبوبة تبقى لغزًا يثير الدهشة والفضول. قد لا نتمكن أبدًا من فهم كل جوانبها، ولكنها تظل تذكرنا بعمق وعظمة العقل البشري.

أسئلة بلا إجابات

0* hn4YfZfo EOLM6r

يظل العائدون من الغيبوبة سبباً لسيل من الأسئلة أغلبها بلا إجابات حول ما الذي يحدث للشخص أثناء الغيبوبة، ودرجة وعيه بما يجري له وما يدور حوله. يشير الطب إلى أن بعض الأشخاص يفيقون تدريجاً ويعودون إلى الحياة، بينما لا يظهر الآخر أي تحسن.

وحتى أولئك الذين يعودون يختلفون في ما بينهم في درجة العودة وحجم الضرر الذي يعودون به بعد الإفاقة ، فقد يكونون مضطربين ومشوشين للغاية في البداية، ثم تسهم العلاجات الطبيعية والنفسية في التحسن بحسب درجة الاستجابة. البعض قد يخرج بإعاقات جسدية أو عقلية أو كليهما. والبعض قد يتعافون تماماً وكأن غيبوبة لم تكن.

تلك الاختلافات تحددها درجة الإصابة الدماغية وسببها ومدتها ومدة الغيبوبة. وعلى الرغم من ذلك، تظل الغيبوبة والعودة منها سراً كبيراً، ومسألة يصعب أو يستحيل التنبؤ بتطوراتها.

رحلة عبر الظلمات إلى النور

0*v9u3vO42YVQrnFFX

من وجهة نظر روحانية، هناك قصص كثيرة عن العائدين الذين أصبحوا على قدر غير مسبوق من الصفاء والنقاء والروحانية ، فمنهم من يتحدث عن تعديل جذري في رؤاهم للحياة وعلاقاتهم بالآخرين وأولوياتهم أيضاً كثيرة.

وبحسب مقال منشور في مجلة “ذا أتلانتيك” الأميركية في أبريل (نيسان) 2015، تحت عنوان “عِلم تجارب الموت الوشيك” للكاتب غيديون ليخفيلد، “فإن عديداً من القصص التي حكاها العائدون تتحدث عن إحساس الطفو والقدرة على رؤية المشهد المحيط بالجسد غير الواعي وقضاء وقت جميل في عالم أجمل، وربما لقاء كائنات روحانية يسميها البعض ملائكة، وحضور محبب يسميه البعض الله”.

كما يتحدثون عن لقاء أقارب وأصدقاء رحلوا قبل سنوات طويلة، والقدرة على تذكر لقطات من حياة المريض، ويحكون عن شعور غريب كامن يربطهم بكل ما حولهم من مخلوقات وكائنات وشعور جارف بحب سام منزه عن الأغراض. و يتفق كثيرون على أن لحظة “استدعائهم”، أي عودتهم من الغيبوبة، تكون أشبه بتصرف يفعله المرء على مضض، حيث لا يريد ترك هذا العالم الجميل والعودة إلى الجسد. كما ينفي كثيرون من العائدين أن يكون ما مروا به حلماً أو هلوسة، بل “أكثر واقعية من الحياة المعاشة”.

ويشير العائدون إلى “ أن حياتهم تتغير كثيراً بعد العودة. فبعيداً من المشكلات المتعلقة بالتأهيل الجسدي حال حدوث أضرار نتيجة الغيبوبة، فإن مشكلات من نوع آخر تنشأ، حيث تأقلمهم مع الأشخاص والتفاصيل التي اعتادوها قبل الغيبوبة يكون بالغ الصعوبة بعدها. تغيرات جذرية عدة تحدث، ومنهم من يقرر تغيير المهنة تماماً، كما تكثر حالات الانفصال عن شريك الحياة “.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *