تاريخ اكتشاف الذهب : المعدن الأغلى الذي أسال لعاب البشر

يعود تاريخ اكتشاف الذهب إلى 3000 عام قبل الميلاد، حيث عثر الإنسان القديم على الذهب في الطبيعة واقتناه لما له من خواصٍ مميّزة من لمعان وسهولة في المعالجة وعدم الاهتراء والتآكل، إضافة إلى ندرته وثقل وزنه وقدرته على تشكيل السبائك؛ كلّ تلك العوامل رفعت قيمة الذهب بمرور الوقت.

في الواقع، كان للذهب تأثير قوي في نفوس البشر سواء على الرجال والنساء عبر التاريخ. لقد خاضت العديد من الأمم والشعوب حروبا ضروسة وضاري سقط فيها الملايين من القتلى في سبيل الحصول على هذا المعدن النفيس.

يعتقد علماء الآثار أنه تم اكتشاف الذهب حوالي 4000 قبل الميلاد، وأنه استخدم لأول مرة لصنع المجوهرات في 3000 قبل الميلاد.

عبر التاريخ كانت تيجان الملوك أكثر ما تصنع من الذهب، كما استخدم بشكل كبير في صنع الحليّ مثل القلائد والأطواق وغيرها.

ببساطة يمكن القول إن الذهب هو السلعة الأكثر قيمةً للجنس البشري، ويمكن كتابة سطور لا تنتهي عن تاريخ هذا المعدن وقيمته. خصائصها فريدة جدا فهو يتميز باللمعان، والجمال، ومقاومة البقع، والقابلية للصهر والتشكيل، والتألق، مم جعل هذا المعدن النفيس والغالي معدناً مفضلاً بين جميع الثقافات البشرية التي عرفته وعثرت عليه.

إقرأ أيضا : تاريخ اكتشاف الكهرباء وكيف غيرت حياتنا للأبد

من أين أتى الذهب :

يعود تاريخ اكتشاف الذهب وأصله إلى العصور اللاتينية ، ومنه أخذ اسمه – Aurum (الهالة المتألقة) – الذي أعطاها اسمه (AU) في الجدول الدوري.

ويعتبر الذهب من أندر المعادن النفيسة وأكثرها قيمة. وواحدا من أكثر المجوهرات استخدامًا عبر التاريخ.

إنه أحد المعادن الثقيلة القليلة التي يمكن أن نجدها في الطبيعة إلى جانب الفضة والبلاتين.

تقول بعض نظريات تاريخ الذهب أنه لم يتشكل على الأرض على هذا النحو، ويقولون إنه نشأ مع خلق الكون وتكوين نجوم جديدة، من انفجار المستعرات الأعظمية. كما أن أصله لا يزال مجهولا تماما.

إنها حقًا واحدة من أصعب المشكلات في الفيزياء النووية لحلها. وفقًا للعلماء، لا ينبغي أن يكون هذا المعدن موجودًا هنا، لأنه يتكون من اندماج الحديد واليورانيوم في ظروف شديدة القسوة وهذا لا يحدث بشكل طبيعي على الأرض.

يتطلب الذهب كمية كبيرة من الطاقة النووية لإنشائها، ولا يمكن الحصول عليها إلا من تشكل النجوم.

حاول العلماء إعادة إنتاج هذه الظروف في المختبر بهذه الطريقة ومع معادن أخرى، لكن ذلك كان مستحيلًا تمامًا. تبقى كمية الذهب دون تغيير حتى الآن على الأرض، ولا أحد متأكد من أصل نشأة الذهب على كوكبنا.

كان الذهب، في حالته الأولية والطبيعية، موجودًا في الأنهار والتربة في العالم القديم، من أوائل المعادن الثمينة التي عرفتها البشرية. بسبب جماله وندرته، أصبح الذهب رمزًا للملكية والسحر في جميع الثقافات تقريبًا التي تمكنت من الوصول إليه. كما أن بريقه ومقاومته جعلته مثاليا للمجوهرات وفي النهاية لاستخدامه كعملة.

إقرأ أيضا : تاريخ اكتشاف الأشعة السينية : صدفة أحدثت ثورة طبية

خصائص الذهب الفريدة :

بعيدا عن تاريخ اكتشاف الذهب وأصله فإن هذا المعند يتميز بخصاص فريدة ومميز، جعلته ينفرد عن باقي المعادن. هاته الخصائص تجعله فريدًا للاستخدامات مثل المجوهرات.

• الذهب الخالص 100% مرن للغاية وقابل للطرق

• يتميز بلمعان وتألق مميزان

• موصل جيد للحرارة والكهرباء

• التفاعلية منخفضة جدا

• قابل للذوبان ( فقط في السيانيد والكلور والمبيض والزئبق)

• مقاوم للتآكل والأكسدة

لذلك يعتبر الذهب من أثمن المعادن عند الإنسان، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمجوهرات. ندرته وخصائصه تجعله فريدا وذات قيمة عالية.

إقرأ أيضا : اكتشاف المجهر وتطوره : الجهاز الذي أحدث ثورة طبية

تاريخ اكتشاف الذهب :

يعود تاريخ اكتشاف الذهب إلى في عام 2600 قبل الميلاد ، كان سكان بلاد ما بين النهرين القدماء أول من صنع المجوهرات الذهبية وأول من استخدم الذهب كزخرفة للأشخاص والمباني.

تقول الأسطورة أنه في عام 1223 قبل الميلاد ، تم بناء قبر توت عنخ آمون الأيقوني إلى حد كبير من الذهب ، وأنه في عام 950 قبل الميلاد ، تم بناء معبد سليمان الشهير من الذهب كمواد البناء الرئيسية.

لعب الذهب دورًا مهمًا في إنشاء مفهوم النقود، حيث تم إنشاء أول عملة ذهبية في عام 700 قبل الميلاد. سرعان ما أصبحت العملات الذهبية والفضية الموحدة هي العملة، لتحل محل المقايضة وتسهيل التجارة في الفترة الكلاسيكية.

في عام 564 قبل الميلاد، قام الملك كرويسوس ملك ليديا بتحسين تقنية تكرير الذهب وأصدر أول عملات ذهبية دولية.

في مصر القديمة :

منذ العصور القديمة، كان للذهب علاقة وثيقة مع مختلف الثقافات والحضارات، مثل الثقافات السومرية والمصرية واليونانية، حيث بدأ الذهب في إظهار جاذبيته للبشرية منذ قديم الأزل.

استخدم المصريون أسرى الحرب والعبيد والمجرمين للعمل في مناجم الذهب البدائية في ذلك الوقت. وقعت هذه الأحداث في وقت لم يكن للذهب فيه قيمة أو أهمية نقدية رسمية، وكان يتم البحث عنه ببساطة لقيمته العالية كسلعة.

في مصر القديمة، كان الذهب قطعة أساسية في الروعة الاقتصادية لهذه الثقافة. ساهمت رواسب الذهب الكبيرة التي كانت في مصر القديمة في جعلها تصبح على رأس الأمم في تلك الفترة.

كان يعتقد أن الذهب هو لحم إلهه رع ، لذلك كان الفرعون مغطى بالذهب لأنه ينحدر مباشرة من نسل الآلهة.

يخبرنا تاريخ الذهب أن المصريين القدماء كانوا يستخرجون الذهب في النوبة، حيث تقع آثار الأسرة الملكية الرابعة.

تم العثور على وثائق قديمة عن الذهب، حيث من المعروف أنه كان أعظم قوة في العصور القديمة.

رسمت أقدم خارطة معروفة لمناجم الذهب في مصر القديمة في عهد الأسرة المصرية التاسعة عشرة (بين 1320 – 1200 قبل الميلاد)؛ في حين أنّ أقدم مرجع مكتوب يشير إلى مكامن الذهب فكان قد سجّل في عهد الأسرة المصرية الثانية عشرة (حوالي 1900 قبل الميلاد).

إقرأ أيضا : شفرة مورس : الإكتشاف الذي شكل ثورة في عالم التواصل

في بلاد ما بين النهرين والحضارة السومرية :

استخدم السومريون الذهب بتقنيات أكثر حداثة مثل تحبيب الذهب والنحت عليه وتشكيله، ليصبحوا واحدة من الثقافات التي أبدعت في صنع المجوهرات من الذهب بكمال فريد وجمال رائع.

يقال أنه في ذلك الوقت كانت مناجم تركيا وإيران، السبب المباشر الذي ساهم في تقديم المعدن الثمين للثقافة السومرية.

في عام 2000 قبل الميلاد. تم استغلال الذهب ، حيث كانت بلاد فارس وفينيقيا وأرمينيا المنتجين الرئيسيين، وغنوا بالمعادن الثمينة التي كانت تقدم لهم كتكريم. حصل الفينيقيون عليها من خلال المعاملات ومن هنا نشأ المعنى التجاري للذهب.

كانت حيازة الذهب رمزا للسلطة والثروة. في العديد من الثقافات، كان الذهب يرمز إلى الخلود والألوهية. هذا هو سبب استخدام الذهب في صنع المعابد وصور وتماثيل الآلهة.

إقرأ أيضا : قصة اختراع الحاسوب : الاختراع الذي قلب حياة البشر

في الحضارة الاغريقية :

حوالي 550 قبل الميلاد، بدأ الإغريق التنقيب عن الذهب في البحر الأبيض المتوسط ​​والشرق الأوسط، وتكهن أفلاطون وأرسطو بأصل الذهب.

نظرًا لوجود الذهب في كثير من الأحيان في الماء، فقد كان يُعتقد أنه ناتج عن مزيج كثيف من الماء والشمس، ولكن هذا كان بسبب نقص الفهم العلمي والجيولوجي لمواد الماء والشمس في تلك الفترة.

على هذا النحو، تم تعدين الذهب على نطاق واسع من قبل الحكومة اليونانية والمواطنين العاديين، وليس من غير المألوف العثور على بقايا المناجم التي لا تزال تعمل حتى اليوم.

إقرأ أيضا : الاكتشافات الجغرافية الكبرى التي غيرت خريطة العالم القديم

في الإمبراطورية الرومانية :

بفضل الموارد الهائلة للإمبراطورية الرومانية، حسّن الرومان بشكل كبير مهارات وقدرات التعدين لدى الإغريق.

استخدم الرومان عمليات التعدين المائي وصمموا بعض هياكل تعدين الذهب الأولى في الأنهار. كما استعملوا تقنيات متطورة منها :

• توليد الطاقة الكهرومائية
• طواحين مائية
• أبواب قابلة للقفل

استغل الرومان المناجم تحت الأرض، مستخدمين بشكل رئيسي العبيد والعمل في السجون. سمحت لهم هذه الطريقة بزيادة نقاء وقيمة الذهب من خلال تطوير تقنيات التحميص، وهي طريقة أكثر فاعلية لفصل خام الذهب عن بقية الصخور.

وبهذه الطريقة، تمكنوا من تحسين واستغلال رواسب التعدين القديمة على مساحة واسعة.

إقرأ أيضا : عصر الاكتشافات الجغرافية واكتشاف العالم الجديد

حمى الذهب في كاليفورنيا :

لا يمكننا التحدث عن تاريخ اكتشاف الذهب، دون التطرق للحديث عن حمى الذهب التي وقعت في الولايات المتحدة الأمريكية، وجعلت الآلاف من الناس يحلمون بالثروة السريعة.

في يناير 1848، اكتشف جون مارشال آثارًا من الذهب أثناء بناء منشرة بالقرب من ساكرامنتو لرائد اسمه جون سوتر. في البداية، أراد سوتر أن يبقي الأمر سراً، لكن الشائعات انتشرت وأكد الخبر صمويل برانان، وهو دعاية في سان فرانسيسكو.

مع انتشار الشائعات، تخلى الأمريكيون والمهاجرون على حد سواء عن هواياتهم وأعمالهم ومنازلهم من أجل البحث الذهب في كاليفورنيا.

جلبت حمى الذهب 300000 شخص إلى كاليفورنيا. أولئك الذين لم يصلوا عن طريق البحر أتوا بشكل رئيسي من شرق الولايات المتحدة، عبر طريق كاليفورنيا ومسار نهر جيلا.

كما استقل الآلاف القطار والعربات والسفن وحتى ساروا على الاقدام من قارتي أمريكا والعالم القديم طمعا في الحصول على ثروة سريعة.

كانت مصاعب المسافرين كبيرة، وعلى الرغم من أن البعض قد جنى مبالغ كبيرة من اكتشافاتهم، إلا أن العديد منهم بالكاد استطاعوا تحمل تكاليف الرحلة.

انتهت حمى الذهب في كاليفورنيا في عام 1855م وأما جيمس مارشال الذي وجد الذهب فقد مات فقيرا معدما، مع ذلك كان لحمى الذهب إيجابيات كثيرة على ولاية كاليفورنيا إذ استقر فيها الكثير من التجار ورجال الأعمال الذين كان لهم فضل في تطوير ولاية كاليفورنيا.

إقرأ أيضا : اكتشاف البنسلين : المضاد الحيوي الذي غير مجرى التاريخ