جزيرة سفالبارد : جزيرة لا يولد فيها مولود ولا يدفن فيها ميت
نظرة سريعة على محتويات المقال:
جزيرة سفالبارد هي جزيرة تقع في المحيط المتجمد الشمالي تتسمى سفالبارد وهي تتبع النرويج. في الواقع سفالبارد هي أرخبيل نرويجي يقع في المحيط المتجمد الشمالي، وتشتهر بجمالها الطبيعي البكر وبيئتها القاسية الفريدة. تتميز هذه الجزر بوجود جبال جليدية شاهقة، ووديان واسعة، وسواحل صخرية، مما يجعلها وجهة مثالية لمحبي المغامرات والاستكشاف.
تتميز سفالبارد بجمال طبيعي خلاب، حيث يمكنك الاستمتاع برؤية الشفق القطبي، والتجول بين الجبال الجليدية، ومشاهدة الحيوانات البرية مثل الدببة القطبية والثعالب القطبية.
تعتبر سفالبارد موطناً لعدد كبير من الأنواع الحيوانية والنباتية التي تتكيف مع الظروف القاسية في القطب الشمالي، كما تتمتع بتاريخ غني، حيث كانت مركزاً لصيد الحيتان في الماضي، ولا تزال هناك العديد من الآثار التي تدل على هذا التاريخ.
جزيرة لا يولد فيها مولود
يوجد في هذه الجزيرة بارات ومطاعم ومدارس وجامعة، ولكن لا يوجد جناح للولادة في مستشفيات سفالبارد لان قوانين الجزيرة تمنع الولادة على أراضيها. لذلك يتعين على النساء الحوامل الذهاب إلى البر الرئيسي في النرويج قبل حوالي شهر من الولادة.
ربما يكون الجانب الأكثر غرابة في الحياة على جزيرة سفالبارد هو ما يحدث في نهايتها، وهو أن دفن الموتي هناك غير قانوني، فبسبب المناخ القاسي والتربة الصقيعية، لا يُسمح بدفن الناس في سفالبارد وذلك لأن الجثث لن تتحلل أبدًا.
توجد مقابر صغيرة على الجزيرة يعود تاريخها إلى عام 1918 بعد وفاة سبعة رجال نرويجيين، تم نبش قبرهم في عام 1998 وكانوا في حالة جيدة لدرجة أن آثار الأنفلونزا كانت لا تزال موجودة في خلاياهم بعد 80 عامًا.
تحليل الظاهرة الغريبة في جزيرة سفالبارد
لتوضيح سبب عدم وجود أجنحة للولادة في سفالبارد، يجب أن نأخذ في الاعتبار عدة عوامل مترابطة:
1. الظروف المناخية القاسية:
البعد عن البر الرئيسي: سفالبارد جزيرة نائية تقع في أقصى شمال النرويج، مما يجعل الوصول إليها صعباً، خاصة في فصل الشتاء عندما تتجمد البحار وتصبح الظروف الجوية متقلبة.
الشتاء القارس: تتميز سفالبارد بشتاء طويل وبارد، حيث قد تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي لفترات طويلة. هذه الظروف القاسية تجعل من الصعب جداً توفير الرعاية الطبية اللازمة للنساء الحوامل والولدان حديثي الولادة.
الظلام القطبي: تعاني سفالبارد من ظاهرة الظلام القطبي لعدة أشهر في السنة، مما يؤثر سلباً على الحالة النفسية للناس ويجعل من الصعب توفير الإضاءة الكافية للمستشفيات.
2. البنية التحتية المحدودة:
الموارد المحدودة: نظراً لطبيعة الجزيرة القاسية وعدد سكانها الصغير نسبياً، فإن البنية التحتية في سفالبارد محدودة. التكلفة العالية: إنشاء وتشغيل جناح للولادة مجهز بأحدث التقنيات والأجهزة الطبية يتطلب استثمارات كبيرة، وهو أمر قد لا يكون مبرراً اقتصادياً بالنظر إلى عدد السكان القليل.
3. صعوبة النقل والإجلاء:
- التنقل الصعب: في حالة حدوث أي مضاعفات أثناء الولادة، سيكون من الصعب جداً نقل الأم والطفل إلى مستشفى مجهز بشكل أفضل في البر الرئيسي.
- ظروف الطيران السيئة: قد تتأثر رحلات الطيران إلى البر الرئيسي بسبب سوء الأحوال الجوية، مما يزيد من خطر تأخر الإجلاء.
لذلك، قررت السلطات النرويجية حظر الولادة في سفالبارد كإجراء احترازي لحماية صحة الأم والطفل.
بدلاً من ذلك، يتم تشجيع النساء الحوامل على السفر إلى البر الرئيسي قبل حوالي شهر من موعد الولادة لتلقي الرعاية الطبية اللازمة في مستشفيات مجهزة بشكل أفضل.
جزيرة لا يدفن فيها ميت
هناك حقيقة غريبة ومميزة حول جزيرة سفالبارد وهي حظر دفن الموتى فيها. هذا الحظر ليس اعتباطياً بل له أسباب علمية وبيئية.
لكن لماذا يحظر دفن الموتى في جزيرة سفالبارد؟
الحفاظ على البيئة المتجمدة: تعتبر سفالبارد جزءًا من المنطقة القطبية الشمالية التي تتميز بتربتها المتجمدة بشكل دائم. دفن الموتى في هذه التربة قد يؤدي إلى تسرب ميكروبات وبكتيريا ضارة، مما يشكل تهديدًا على البيئة الهشة لهذه المنطقة.
الاحتباس الحراري: مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، بدأت التربة المتجمدة في الذوبان تدريجياً. إذا تم دفن الموتى، فإن جثثهم ستبدأ بالتحلل، مما قد يؤدي إلى تسرب غازات الدفيئة مثل الميثان وثاني أكسيد الكربون، مما يزيد من مشكلة الاحتباس الحراري.
الحفاظ على التنوع البيولوجي: تعتبر سفالبارد موطنًا للعديد من الأنواع النادرة من الحيوانات والنباتات. دفن الموتى قد يؤدي إلى تلوث التربة والمياه، مما يشكل تهديدًا على هذا التنوع البيولوجي الهش.
لكن ماذا يحدث للموتى في سفالبارد؟
التحنيط أو الحرق: عادة ما يتم تحنيط الجثث أو حرقها قبل نقلها خارج الجزيرة لدفنها في مكان آخر.
النقل إلى البر الرئيسي: يتم نقل الجثث إلى البر الرئيسي النرويجي لدفنها في مقابر هناك.
كل االعوامل التي ذكرناها أعلاه قد تقودنا للسؤال التالي، لماذا تسمح سفالبارد بالحياة وتمنع الموت؟
هذا السؤال قد يبدو فلسفيًا بعض الشيء، ولكن الإجابة ببساطة هي حماية البيئة والحفاظ عليها للأجيال القادمة. فالحياة في سفالبارد ممكنة مع اتخاذ الاحتياطات اللازمة، بينما دفن الموتى يشكل تهديدًا مباشرًا على البيئة الطبيعية للجزيرة.