مملكة شامبالا الأسطورية المخبأة بين جبال التبت
نظرة سريعة على محتويات المقال:
تشمل الأساطير البوذية القديمة العديد من القصص حول الجنة المفقودة، والمعروفة باسم مملكة شامبالا shambala، مصدر الحكمة الأبدية حيث تعيش الكائنات الخالدة في وئام تام مع الطبيعة والكون.
في الهند، يعتبرونها مخفية بين جِبَال الهيمالايا، وعاصمتها أطلق عليها إسم كالابا، بينما وفقا للتقاليد الصينية يعتقدون أنها موجودة في جِبَال كون لون في روسيا القديمه.
ما هي خفايا وأسرار هاته المدينة العظيمة ؟ وهل لها علاقة بنظرية الارض المجوفة؟ وما هي علاقة مملكة شامبالا العظيمة واكتشاف مخبأ الدجال؟
إقرأ أيضا : أسطورة مدينة إلدورادو الضائعة : مدينة الذهب المفقودة
موقع مملكة شامبالا
تحافظ الهندوسية و الشامانية والبوذية على التقاليد التي تفترض أن مملكة شامبالا هي المصدر الأساسي لدينهم. منذ آلاف السنين، سُمعت القصص عن مكَان ما في جِبال التبت، بين القمم المهيبة والوديان المنعزلة في اسيا الوسطى، التي لا تزال جَنّة يتعذر الوصول إليها، وواحة من الحكمة والسلام العالميين، اسمها شامبالا.
هناك نظريات متعددة و مختلفة حول مكَان هذه المملكة الرائعة shamballa في الأدب التاريخى, لكن أكثر ما تم الحديث عنه يشير إلى أنها تقع في نقطة ما على أعلى قمة في جبال الهيمالايا في جوف الأرض، محمية بالجبال و الثلج.
على مر القرون، بحث المؤرخون و الفلاسفة و المغامرين عن موقعها الدقيق في جبال الهيمالايا. يتفق جميع الخبراء اليوم تقريبًا على أن مملكة شامبالا العظيمة تَقَعُ في مكَان ما في التبت.
هيلينا بتروفنا بلافاتسكي كانت هى أول عالمة تنجيم غربية تكتب عن وجود ذلك الملاذ في آسيا الوُسطى، والذي أطلقت عليه اسم مملكة شمبالا.
قالت إنها مدينة أثيرية مثالية في صحراء جوبي كانت بمثابة مقر غير مرئي بالنسبة للناس العاديين، لكن المهاتماس أو سادة التبت الروحانيين بإمكانهم رؤيتها و هم الوحيدون الذين يعرفون السر وراء حقيقه ولغز شامبالا المقدسة، حيث يؤمنون بأن عليهم توجيه و حماية البشرية.
في الثلاثينيات من القرن الماضي، أمضى نيكولاس رويريتش، الفنان الروسى و المعلم الروحي الشهير، سنوات عديدة في رحلة استكشافية حول هذا الجزء من العَالم، بحثًا عن المملكة المفقودة و الموجودة في باطن الأرض شامبالا و التي يقال أنها جنة خالدة تخطف الأبصار.
إقرأ أيضا : حضارة بلاد الرافدين : مهد الحضارة البشرية وأسرارها الخفية
قصة شامبالا الاسطورية :
اشتق اسم أو كلمة “شامبالا” من النُّصوص المتوفرة باللغة السنسكريتية و يعتقد أنه تعني “مَكان الهدوء”.
ظهرت أسطورة شامبالا لأول مرة في نصوص الكلاتشاكرا البوذية المبكرة، والتي تحدد أن عاصمتها تدعى كالابا وأن الحكام من سلالة كالكي. يعتقد العديد من العلماء أن الاسطورة مستمدة من الذكريات الشعبية لمملكة ملكية، في مكَان ما في جِبَال جنوب اسيا أو وسطها.
تم ذكر القصة في العديد من النَّصوص القديمه، بما في ذلك كالاتشاكرا تانترا في التبت و ماهابهاراتا في الهند. من المعروف أنها الأرض النقية التي انقرضت في وقت ما ؛ ليس لأسباب ظاهرية أو كارثية ؛ ولكن لأن كل الكائنات التي سكنت فيها كانت منيرة.
إحدى جوانب اسطورة شامبالا المثيرة وفقًا للنصوص السنسكريتيه، سينزلق العَالم إلى الظلام والفوضى حوالي عام 2400 بعد الميلاد، لكن الملك الكالكي الخامس والعشرين سينهض بطريقة مسيانية لهزيمة قوى الظلام وقيادة العَالم إلى فترة من السلام والنور حسب المؤمنين بوجود مملكة شامبالا المقدسة.
ومن المثير للاهتمام، أن النَّصوص القديمه التي تعود إلى عصر ما قبل البوذية و التي تصف مملكة شامبالا الاسطوريه المفقودة في غرب التبت قد تم تأكيدها من خلال الاكتشافات الأثرية في المناطق الحدودية بين التبت وجزء كشمير من باكستان.
تذكر هذه النَّصوص أن شامبالا أرض الهدوء، كانت تَقَعُ في ما يعرف الآن بوادي سوتليج في باكستان.
تتحدث الأساطير العبرية أيضا عن مكَان يسمى لوز يوصف بأنه مدينه غير معروفة بالقرب من جبل مقدس يسمى “دار الخلود”.
إقرأ أيضا : طقوس السوكوشينبوتسو اليابانية : تحنيط الرهبان البوذيين وهم على قيد الحياة
مغامرون حاولوا العثور على المملكة المفقودة
حوالي سنة 1833، حاول المجري الكسندر كسوما دي كوروس، الذي كان متخصصا في الترات و التاريخ التبتي، أن يثبت أصل شعب ماغيار في تركستان. كان أول غربي يتحدث عن مملكة شامبالا وحتى أنه حدد موقعها جغرافيًا قائلا :
“من المفترض أن يأتي نظام ديني غريب و جديد يسود العَالم من مملكة شامبالا shambala، واصفا إياها بالمملكة الرائعة في الشمال.”
كانت عاصمتها كالابا، وهي مدينة مثالية رائعة، ومقر إقامة العديد من الملوك اللامعين، وتقع خلف نهر سيتا أو ياكسارتيس.
سافر أيض آلجغرافي وعالم الطبيعة نيكولاي بريجيفالسكي عبر اسيا الوُسطى ومنغوليا بين عامي 1870 و 1885، وكتب عنها في تاريخ أسفاره :
“هناك قصه أخرى مثيرة جدًا للاهتمام تشير إلى مملكة شامبالا المفقودة، وهي جزيرة تَقَعُ على حافة البحر الاسكندنافي. الذهب يكثر فيها و القمح ينمو إلى ارتفاع مذهل. الفقر غير معروف في هذا البلد. الحليب و العسل لهما طعم لا يقاوم”.
كما يصف الباحث والكاتب فرديناند أوسيندوفسكي في كتاب “الوحوش و الرجال و الآلهة” (1922) أن رجلا سيبيريا من بورياتيا كشف له كهفًا كان مدخلًا إلى داخل مدينة أغارثا، وهي أكبر مدينة في مملكة شامبالا، بينما يقول بعض المؤرخين أن أغارثا و الشامبالا نفس المكان، مع إختلاف الأسماء.
يضيف فرديناند أوسيندوفسكي قائلا :
دخل الكثير من المسافرين إلى ذلك الكهف، وفضل معظمهم البقاء هناك ولم يخبر أولئك الذين عادوا بأي شيء عما شاهدوه لأنهم وعدوا بذلك. بينما كن هنالك صياد عاد وأراد الكشف عما رآه، ولكنه قبض عليه من طرف اللاما على الفور ثم قطعوا لسانه.
أخبرت لامَا مغولية الشكل أوسيندوفسكي أن شبكة من الأنفاق الواسعة تمتد تحت الأرض، حيث كان سكان شامبالا يسافرون في مركبات سريعة بسرعة البرق.
الطريق نحو شامبالا
من بين القصص الأخرى هو قصة سفر الباحثة ألكسندرا دافيدنيل المغامرة الباريسية عبر التبت سيرًا على الأقدام بين عامي 1921 و 1924 لكنها لم تجد الدولة الأسطورية هناك. ذكرت في أحد كتبها : “تَقَعُ مملكة شامبالا جغرافيًا بالقرب من مدينة بلخ في أقصى شمال أرض أفغانستان”. هناك لمن يريد الذهاب للتحقق من ذلك.
بينما كان الرسام الروسى وداعية السَّلام نيكولاي رويريتش الأكثر إصرارا للعثور على المملكة المفقودة. حيث قام برحلتين عبر اسيا الوُسطى، إحداهما بين عامي 1925 و 1928 والأخرى من سنة 1934 إلى 1936.
أثناء الرحلة، فسر المرشدون المحليون أي شيء على أنه علامة على أن حدود شامبالا كانت قريبة : صخرة بها نقوش، حيوانات تعبر الطريق… وصفها قائلا : شامبالا مكان يمكن للمرء أن يقترب منه إلى الأبد ولا يصل إليه أبدًا.
يقول روريش إنه عندما عرض على بعض المغول صورة لنيويورك مع ناطحات سحابها، كانوا مندهشين وهتفوا بشكل غريب : “انها شامبالا“.
إقرأ أيضا : رهبان معبد شاولين : مقاتلون من عالم آخر
مملكة شامبالا وعلاقتها بمدينة اغارثا
تعتبر مدينة اغارثا أو اجارثا عاصمة لمملكة شامبالا المفقودة و التي تعتبر مدينة مقدسة عند أتباع الديانة الهندوسية والبوذية.
شامبالا مملكة أسطورية موصوفة في البوذيه وهناك العديد ممن حاولوا الوُصُول إليها؛ ومع ذلك، فإن موقعها الفعلي الحقيقى غير معروف على وجه اليقين.
يضع الاعتقاد شامبالا shambhala في مكَان ما في سلسلة جِبَال الهمالايا، و التي تمر عبر دول مثل بوتان و الصين و كاتماندو عاصمة نيبال والهند. في الداخل، تولد بعض أكبر الأنهار في العَالم، مثل نهر الغانج، وبراهمابوترا، ونهر اليانغتسي. تعبر عبر سلسلة جِبَال الهمالايا، بالإضافة إلى أن أنهارها، ذات أهمية كبيرة في الديانتين الهندوسية والبوذية.
يُعتقد أن هناك مملكة مثالية حسب الأساطير تسمى مملكة شامبالا ويقال انها مملكة أسطورية مخبأة في قمم الهمالايا.
فقط الأشخاص الذين يصلون إلى حالة نقية ويتمكنون من فصل روحهم عن الجسد والحياة الأرضية يمكنهم الوُصُول إلى شامبالا، البلد الذي تسود فيه السعادة. انها مملكة يحكمها النقاء المطلق والسلام. لا مكَان فيه للكراهية ولا للرغبة.
مميزات و معالم مملكة شامبالا المقدسة
على غرار مَدينة اغارثا فإن مملكة شامبالا لا يوجد فيها ظلم، والمحبة والسكينة جزء من الحياة اليومية. سكانها مخلوقات و كائنات متطورة للغاية، ولديهم حكمة واسعة ونقاء قلب. لديهم معرفة كبيره بالعالم الروحي وهم أيضًا خالدون. المعاناة لا مكَان لها في شامبالا والسعادة دائمة.
التكنولوجيا التي يمتلكونها تبعد سنوات ضوئية عن تلك الموجودة و الرائجة في الدولة الأكثر تقدمًا على وجه الأرض. سكانها موهوبون بهبة الاستبصار ويمكنهم الانتقال من مكان إلى آخر بسرعة لا تصدق.
كان نيكولاي رويريتش (1874-1947)، رسامًا وفيلسوفًا وعالمًا ورحالة روسيًا، وكذلك مرشحًا لجائزة نوبل للسلام في عدة مناسبات، من بين العديد من المؤمنين بوجود هذه المملكة الأسطورية.
وقضى جزءًا من حياته في السفر من خلال جِبَال الهمالايا بحثا عن مملكة شامبالا. يعتقد هذا العالم الروسي أنه رأى رسالة لم يتم فك شفرتها بعد يمكن أن توضح حقيقة هذه المملكة لفهم معناها الحقيقي. بالنسبة له، كان مكانًا غير مرئي لا يمكن إلا لعدد قليل من الأتباع أن يدركه في أنقى صوره.
إقرأ أيضا : إكسير الحياة : اللغز الذي حاول البشر حله سعيا نحو الخلود
التنبؤ بمملكة شامبالا ونهاية العالم
وفقًا للعديد من النصوص التبتية، تتشكل المملكة على شكل زهرة اللوتس ذات الثمانية بتلات. كل من هذه البتلات تتوافق مع منطقة كابالا عاصمة شامبالا، وتقع في الوسط. قصر quingos، الذي هو عبارة عن مبنى مصنوع من مجوهرات الأحجار الكريمة و المرجان و الماس بتصميم يثير الدهشة.
تُشِيرُ الأسطورة إلى وُجود ما يصل إلى اثنين و ثلاثين ملكًا من سلالتين : سلالة كوليكا وسلالة كالكي. ستكون مدة كل حكم مائة سنة.
بعدها ستكون هناك حرب مدمرة في جميع أنحاء العَالم ستجلب الكراهية في كل مكان. بسبب هذا الوضع الفوضوي، سيتخلى ملك شامبالا العظيم عن مملكته السرية ويقود جيشًا كبيرًا لإنهاء الخراب الحالي.
ثم ستعيش الأرض عصرًا ذهبيًا. لا يعرف بالضبط متى ستندلع هذه الحرب العالمية المرعبة. ومع ذلك، وفقًا لبعض الباحثين في هذا الموضوع، فإن السنة التي ستقتحم فيها المملكة الرائعة الأسطورية عالمنا المادي ستكون سنة 2424.
اليوم، يؤمن أتباع الدالاي لاما البوذي و رهبان التيبت ايضاً بالعالم الأسطوري لشامبالا. ومع ذلك، بناءً على معتقداتهم هذه المملكة ليست مكانًا ماديًا. إنه عالم لا يمكن الوُصُول إليه، ما لم “يمتلك الإنسان الجدارة ورابطة الكارما الحقيقية”. وهذا يعني أنه مكان مخصص لعدد قليل من الناس.
لقد أصبحت اسطورة شامبالا shambhala شائعة جدا في العقل الباطن لمجتمعنا الحديث، وذلك بواسطة العمل الشهير لجيمس هيلتون “Lost Horizons“.
هل سيتم في يوم من الأيام العثُور على مملكة شامبالا وحضارة مدينة اغارثا ؟ أم أنها مجرد أساطير وخرافات من تأليف البشر قائمة على أساس الخيال الواسع والفانتازيا؟