الدولة المملوكية : بصمة خالدة في التاريخ الإسلامي
نظرة سريعة على محتويات المقال:
الدولة المملوكية فى مصر
لقد عرف التاريخ الإسلامي بروز العديد من الدول التي تركت آثرا بالغا في التاريخ الإسلامي بغزواتها وفتوحاتها وازدهارها ونشرها لراية الإسلام والمسلمين في مختلف بقاع الأرض، من بين أشهر الدول الإسلامية التي خلدها التاريخ: الدولة العباسية في العراق والدولة المملوكية والدولة الأموية في مصر والدولة الأيوبية والتي نشأت أيضا في مصر وامتدت لتشمل الشام والحجاز واليمن، دون نسيان الدولة المرابطية التي ظهرت في منطقة المغرب الإسلامي والدولة الفاطمية وهي إحدى دول الخلافة الإسلامية والوحيدةُ بين دُولِ الخِلافة التي اتخذت من المذهب الشيعي مذهبا رسميا لها، ثم الدولة العثمانية والتي تعتبر آخر خلافة إسلامية والتي امتدت على رقعة جغرافية واسعة جدا وتركت بصمة واضحة في التاريخ الإسلامي.
في موضوع اليوم سنتكلم عن الدولة المملكية والتي نشأت في مصر وسنتطرق للحديث عن تاريخ الدولة المملوكية وإنجازات الدولة المملوكية وأهم شخصيات الدولة المملوكية وكيف كانت نهاية الدولة المملوكية، فمرحبا بكم في موقع إهتم بنفسك.
نشأة الدولة المملوكية
من هم المماليك
يعود أصل إسم الدولة المملوكية أو دولة المماليك إلى كلمة مملوك وتعني عبد في الكلمة العربية وذلك لأن أغلب محاربي وجنود الدولة المملوكية كانو عبيدا وأتي بمعظمهم من تركيا ودول القوقاز وبعض الدول المجاورة، ثم إستقرو في مصر وتلقو دروسا في الحرب والقتال وكبرو في حضن دولة مصر.
لقد بدأت ملامح دولة المماليك تتشكل في مصر، بعد بداية إنهيار وتشتت الدولة الأيوبية والتي أسسها البطل العظيم صلاح الدين الأيوبي سنة 569 هجرية.
لقد إمتد حكم الدولة الأيوبية لمدة 20 سنة حتى سنة 589 هجرية وقامت بالعديد من الإنجازات ووحدت مصر والشام وهزمت الصليبيين بالإعتماد على المماليك وبراعتهم الحربية وفتحت بيت المقدس، حيث أسس صلاح الدين الأيوبي دولة قوية، إمتدت من مصر والشام إلى الحجاز والعراق واليمن وتركيا.
مباشرة بعد وفاة صلاح الدين الأيوبي، شهدت الدولة الأيوبية تصدعات وإنقسامات داخلية عنيفة، أدت إلى تشتت وإنهيار الدولة الأيوبية شيئا فشيئا.
ولقد دامت الخلافات والصراعات الداخلية بين أمراء الدولة الأيوبية لمدة 60 سنة، لتؤدي في النهاية إلى سقوط الدولة الأيوبية سنة 648 هجرية وقيام الدولة المملوكية في مصر بدلا عنها، لتبدأ الدولة المملوكية في كتابة تاريخ جديد في تاريخ مصر والتاريخ الإسلامي.
لقد قامت الدولة المملوكية على أكتاف العبيد والرقيق والذين أوتي بهم من بلدان مختلفة، لكنهم وبفضل شجاعتهم وإخلاصهم أقاموا دولة المماليك والتي تركت بصمة واضحة في التاريخ الإسلامي وذلك بعد قضائهم على التتار في المعركة التاريخية في عين جالوت تحت قيادة المملوكي سيف الدين قطز والظهر بيبيرس، كما هزمو الصليبيين في العديد من الحروب وأرجعوا هيبة الإسلام والمسلمين.
إقرأ أيضا : الدولة الأموية من الميلاد إلى السقوط
من هو مؤسس دولة المماليك
يعود الفضل في تأسيس الدولة المملوكية للسلطان عز الدين أيبك، الذي يعتبر مؤسس دولة المماليك ورمزها وأبيها الروحي، لقد كان عز الدين أيبك من المماليك الذين وهبوا نفسهم لخدمة ملوك الدولة الأيوبية آنذاك، حيث تزامن ظهور وبزوغ الدولة المملوكية مع حكم الدولة الأيوبية في مصر.
كان عز الدين أيبك يتولى قيادة الأسطول البحري لدولة المماليك، حيث قادهم لهزيمة الصليبيين في العديد من المناسبات.
مباشرة بعد وفاة السلطان نجم الدين آخر سلاطين وحكام الدولة الأيوبية، قامت زوجته شجرة الدر بتولي الحكم بدلا عنه، لكن أمراء الدولة الأيوبية والعباسية أبوا أن تأخذ إمرأة زمام الحكم فقامو بمعارضتها بشدة، لتتزوج بعد ذلك شجرة الدر بعز الدين أيبك وتتنازل له عن الحكم معلنة نهاية الدولة الأيوبية وبزوغ فجر جديد للدولة المملوكية.
عصر الدولة المملوكية
لقد أقام المماليك دولة قوية ومتماسكة وكان محاربوا الدولة المملوكية يتميزون بالقوة والشجاعة والإقدام، هذا راجع للعديد من العوامل أهمها : تلقي المماليك دروسا في تعلم اللغة العربية وكتابتها وتعلمهم لمبادئ الفقه وحفظ القرآن وآداب الشريعة الإسلامية والصلاة في سن مبكرة جدا.
كما كانوا يتلقون تدريبات بدنية قاسية وتعلموا الفروسية وإستعمال السيف، حيث كان لهاته التربية المميزة الآثر الكبير والبالغ في ظهور العديد من الشخصيات المملوكية العظيمة في التاريخ الإسلامي.
من الجدير بالذكر أيضا أن الصالح أيوب ومن تبعه من أمراء الدولة الأيوبية، كان لا يتعاملون مع المماليك كأنهم عبيد، بل كانوا يقربونهم إليهم ويحترمونهم ويقدرونهم، وبالرغم من أن أغلب المماليك أتي بهم من أسواق النخاسة ومن دول غير عربية : كتركيا وتركمنستان وأفغانستان وبلدان القوقاز وغيرها، إلا أنهم تشبعو بمبادئ الثقافة العربية والإسلامية وأصبحوا جزأ لا يتجزأ من المجتمع المصري آنذاك.
من أهم عصور الدولة المملوكية : العصر الأول: المماليك البحرية (648هـ 792هـ) والمماليك الجراكسة أو البرجية (792- 923هـ).
إقرأ أيضا : الحملات الصليبية : دوافعها وأسبابها ونتائجها
أهم إنجازات دولة المماليك
- القضاء على الوجود الصليبي في الشام.
- وقوفهم في وجه المغول والذين كانوا يشكلون كابوسا مزعجا للمسلمين والصليبيين وقضائهم عليهم في معركة عين جالوت الشهيرة تحت قيادة المملوك سيف الدين قطز والقائد المملوكي الشهير الظاهر بيبرس.
- تنظيم إداري محكم للدولة المملوكية وتطوير كبير في نظام الحكم وإلغاء الوصول إلى مناصب إدارية عن طريق التوريث، كما ألغو الحكم عن طريق التوريث.
- بناء العديد من البنايات والجوامع والحمامات والمدارس والقلاع على طريقة الطراز المعماري المصري الأصيل، تحت حكم دولة المماليك.
- نشاط إقتصادي وعمراني وإقتصادي شهدته مصر في عصر دولة المماليك، لتصبح بعد ذلك مصر مركز الحضارة الإسلامية، خاصة بعد سقوط بغداد ودمشق على يد المغول.
إقرأ أيضا : معركة عين جالوت : حين وضع المسلمون حدا لتوسعات المغول وكسرو شوكتهم
أهم شخصيات وسلاطين الدولة المملوكيه
- سيف الدين قطز قاهر المغول في معركة عين جالوت.
- الظاهير بيبرس ، الذي لعب دورا كبير في معركة عين جالوت، كما لعب دورا مهما في العديد من الحروب الإسلامية ضد الصليبيين.
- عز الدين أيبك مؤسس الدولة المملوكية وأحد القادة العظماء.
- السلطان الناصر محمد بن قلاوون والذي إنتصر على المغول في معركة مرج الصفر وأعاد هيبة المسلمين، كما قام بهزيمة الصليبيين عي العديد من الغزوات والحروب وشهدت فترة حكمه نهضة حضارية وثقافية غير مسبوقة.
- السلطان الأشرف خليل بن قلاوون والذي قام بتطهير الشام من الصليبيين وقام بفتح عكا والساحل وفتح قلعة الروم.
إقرأ أيضا : قصة الفايكنج والمسلمين وغزو الفايكنج لإشبيلية
سقوط دولة المماليك
بم تفسر انهيار دولة المماليك ؟ في الواقع لقد تسببت العديد من العوامل الداخلية والخارجية في إنقسام دولة المماليك وتشتتها ودخول أمرائها في العديد من الصراعات الداخلية والتي أدت إلى نهاية دولة المماليك، ومن بين هاته العوامل :
عوامل سقوط الدولة المملوكيه
- اهمال الأسس والمباديء القيمة والتي تربى عليها المماليك منذ الصغر
- كثرة المصادرات وكثرة فرض الضرائب على الناس، مما أثار غضبهم وحنقهم على المماليك
- فساد النظام الإقطاعي ومعاملة الفلاحين بقسوة وعنف، مما أدى إلى تدهور الإنتاج الزراعي
- عجز الدولة عن توفير نفقات الجيش، مما اضطرها لفرع الضرائب، مما أدى إلى سخط شعبي وثورات شعبية جامحة ضد دولة المماليك
- بعدما تولى المماليك زمام الأمور والحكم، كان نظامهم الإداري والعسكري يضرب به المثل، نظرا لفعاليته وتنظيمه، لكنه بدأ بعد ذلك بالتدهور ونخره الفساد، ليصبح نقطة ضعف في الدولة المملوكيه.
- رغم كبرهم ونشأتهم في مجتمع عربي، إلى أن المماليك انعزلوا عن المجتمع وأقاموا مجتمعا خاصا بهم، يتكلمون فيما بينهم باللغة التركية أو الشركسية وحافظوا على تقاليدهم وعاداتهم وأبوا أن يندمجو مع باقي العامة من المجتمع المصري.
طالع أيضاً: هارون الرشيد : الخليفة العادل الذي شوهت صورته
الدولة العثمانية والمماليك
لقد ساهمت كل العوامل المذكورة أعلاه في ضعف الدولة المملوكية وإنقسامها وهذا ما أستغلته الدوة العثمانية لصالحها، حيث دخلت الدولة العثمانية في حرب مع الدولة المملوكية المتهالكة في يوم 25 من رجب 922هـ الموافق 24 من أغسطس 1516م في مكان يسمى دابق.
دخلت الدولة العثمانية الحرب بجيش قوامه يفوق ال 125.000 مقاتل، بينما كان عدد محاربي الدولة المملوكية غير محدد، إلا أن المؤرخين يعتقدون أنه كان أقل بكثير من تعداد الجيش العثماني.
لقد أبلى مقاتلو دولة المماليك البلاء الحسن عند بدأ الحرب وقامو بزرع الشك في نفوس المقاتلين العثمانيين حتى بدأ قائد الجيش العثماني سليم الأول في التفكير في الإنسحاب.
قد يهمك: رحلة سلام الترجمان لسد ياجوج ومأجوج وتفاصيلها المثيرة
نتائج الصراع بين المماليك والعثمانيين
لكن دوام الحال من المحال، بعد إشتداد الحرب، قام العديد من المحاربين المماليك بخيانة الدولة المملوكية لصالح الدولة العثمانية، مما ساهم في زعزعة إستقرار جيش المماليك، لتميل بعد ذلك الكفة لصالح الجيش العثماني والذي أذاق الدولة المملوكية طعم الهزيمة المر.
بعد هزيمة المماليك في هاته المعركة، سقطت الشام وأصبحت تحت حكم الدولة العثمانية.لقد كانت الشام تمثل نصف قوة الدولة المملوكية.
ليقرر بعدها قائد الجيش العثماني سليم الأول إستغلال الوهن والضعف الواضح في صفوف المماليك ويقوم بالزحف إلى القاهرة، حيث تمكن من هزم المماليك مرة أخرى ودخل قاهرة المعرز، ليعلن بعدها كتابة آخر سطر في تاريخ الدولة المملوكية، معلنا بذلك نهاية دولة المماليك.
المصادر المعتمدة :