حدائق الحيوان البشرية : من أبشع مظاهر العنصرية في التاريخ
نظرة سريعة على محتويات المقال:
التاريخ المنسي لحدائق الإنسان
لا بد وأنك يا عزيزي القارئ ذهبت في يوم ما إلى حديقة الحيوان واستمتعت بمشاهدة العديد من الحيوانات المختلفة في الحجم والفصيلة، محبوسة وراء أقفاص حديدية لترفه عن الزوار.
لكن هل سمعت من قبل عن حدائق الحيوان البشرية ؟ نعم كما تسمع عزيزي القارئ، لقد كانت ظاهرة حدائق الحيوان البشرية منتشرة في أوائل القرن التاسع عشر في العديد من الأماكن حول العالم.
وقد كان يتم فيها عرض البشر مكان الحيوانات من أصحاب البشرة السمراء وذوي الأصل الأفريقي، محبوسين وراء القضبان الحديدية ويلقبونهم بالبدائيين المتوحشين.
وكان السبب الأساسي وراء إقامة حدائق الحيوان البشرية، هو تعزيز و تأكيد تفوق العرق الأبيض المتحضر مبنيا على دوافع داروينية و عنصرية محضة.
سنتطرق اليوم عبر موقع إهتم بنفسك للحديث عن ظاهرة حدائق الحيوان البشرية والتي تعد من أبشع الظواهر والأحداث وأكثرها عنصرية في التاريخ.
طالع أيضاً: قصة أوتا بينغا : مأساة شاب عرض في حديقة للحيوانات وكأنه قرد
تاريخ وحقائق حديقة الحيوان البشرية
لقد إستخدم الأوروبيون والبيض مصطلحات عنصرية قديما، مثل الفرينولوجيا وعلم الفراسة لتصنيف الأجناس البشرية حسب شكلها ولونها، ليصنفوا العرق الأبيض على قمة هرم الأجناس و ليبرر الأوروبيون أسباب ودوافع استعمارهم لدول أفريقية وآسيوية، مدعين أن دوافعهم إنسانية محضة وأنهم استعمروا تلك الدول ليدفعوا بسكانها للتحضر والتقدم بدل البدائية والتخلف الذي يعيشون فيه.
من بين أهم هاته الدول الأوروبية والتي إتبعت هاته السياسة العنصرية في تصنيف الأجناس، بلجيكا وهولندا وإسبانيا وفرنسا وإنجلترا، حيث أقامت هاته الدول العديد من حدائق الحيوان البشرية بين عامي 1870 و 1930.
لقد قام الأوروبيون بعرض النساء والأطفال والرجال من أصل أفريقي أتوا بهم من مختلف المستعمرات، ثم قامو أيضا بعرض الهنود الحمر في حدائق الحيوان البشرية، حيث كانت هاته العروض تحظى بشعبية واسعة جدا في أوروبا وأمريكا.
كان كارل هاجنبيك الألماني أول من أقام حديقة حيوان بشرية سنة 1874، حيث لم يكتفي بفكرة حدائق الحيوان، بل خطرت بباله فكرة شيطانية قد تذر عليه أموالا ضخمة فقام بخطف العديد من سكان الإسكيمو و سكان أستراليا المحليين الأوائل.
وقام بإستيراد الهنود الحمر والأفارقة السود، لتنجح فكرته الجهنمية بشكل غير مسبوق وتصبح بعد ذلك موضة في العديد من الدول الأوروبية وفي أمريكا، بل و قامت العديد من حدائق الحيوان البشرية بدمج عروض القردة والهنود الحمر أو الأفارقة في نفس الوقت في مشهد يؤكد العنصرية الداروينية التي كانت شائعة آنذاك.
قد يهمك: التجارب النازية على البشر : تجارب مروعة للحفاظ على العرق الآري
حديقة الحيوان البشرية في بلجيكا وفرنسا وأمريكا
لقد كانت أشهر حدائق الحيوان البشرية في القرن التاسع عشر، موجودة في بلجيكا و باريس و بريطانيا وأمريكا، لأنها كانت تضم العديد من الأجناس البشرية المختلفة كالأفارقة والآسيويين والهنود الحمر.
وكانت حدائق حيوان البشر في أمريكا، تتركز بشكل كبير على الهنود الحمر، بينما كانت حدائق حيوان البشر في بلجيكا وفرنسا وبريطانيا، تعتمد على العبيد الذين يأتون بهم مستعمراتهم في آسيا وأفريقيا.
لقد كان بعض السكان الأصليون من الهنود الحمر و الأفارقة و غيرهم، يوافقون على المشاركة في حدائق الحيوان البشرية عن طيب خاطر و يتطوعون للمشاركة بها، مقابل مساعدات إقتصادية و إتفاقات بينهم و بين الأوروبيين و الأمريكيين.
لكن الرجال البيض أخلفوا بوعودهم، خصوصا بعد كثرة الطلب على شراء تذاكر حدائق حيوان بني البشر، فقام الأوروبيون بخطف الهنود الحمر والأفارقة والآسيويين وإرغامهم على المشاركة في تلك العروض الغير إنسانية و بدؤو في عرضهم في أقفاص حديدية للعامة في كل من لندن و باريس و بروكسل أواخر سنة 1889.
ذات صلة: طرق التعذيب في العصور الوسطى : نقطة سوداء في تاريخ البشرية
حديقة الحيوان البشرية في باريس
ولعل أبرز حدائق الحيوان البشرية هي تلك التي كانت في باريس، و قاد كانت في برج إيفل الشهير حديقة حيوان بشرية إسمها قرية السود، يعرض فيها العديد من الأفارقة الرجال والأطفال والنساء وكانت تجلب العديد من السياح والزوار طوال السنة.
حديقة الحيوان البشرية في بلجيكا
أما بالنسبة لبلجيكا، فلقد كان حاكمها آنذاك ليوبولد الثاني من أكثر الحكام عنصرية ووحشية، حيث إرتكب العديد من المجازر البشرية في الكونغو التي كانت تابعة لبلجيكا.
لقد كان ليوبولد الثاني متعطشا لإراقة الدماء و قام بقطع أيادي ما لا يقل عن 800 شخص أفريقي بكل قسوة ووحشية.
وقد راقت ليوبولد الثاني فكرة حديقة الحيوان البشرية في باريس ولندن، مما جعله يأتي بالعديد من السود من مستعمرته في الكونغو، ليقيم حديقة حيوان بشرية في بروكسيل تنافس نظيراتها في باريس و لندن.
لقد عانى العديد من البشر الذين كانوا معروضين في حدائق الحيوان البشرية، من الجوع والعنصرية والإعتداء الجنسي واللفظي وأصيب العديد منهم نتيجة لذلك بالعديد من الأمراض، كالزوهري والحصبة والجدري، ليموت المئات منهم، بعيدا عن وطنهم وتاركين ورائهم عائلات تنتظر رجوعهم، شاهدين بذلك على واحدة من أكثر الحوادث والظواهر عنصرية ووحشية في التاريخ الأوروبي الحديث.
إقرأ أيضاً: حادثة تشي تشي جيما : عندما أكل الجنود اليابانييون لحوم أسرى الحرب الأمريكيين