أسرار حضارة الإنكا العظيمة : حضارة متوحشة وشعب مبدع
نظرة سريعة على محتويات المقال:
أسرار حضارة الإنكا العظيمة : لا يكاد يخلو التاريخ البشري من العديد من الحضارات القديمة والمختلفة والمتعددة الأعراق و التقاليد و العادات. فهنالك العديد من الحضارات التي تلاشت واختفت دون ترك أي أثر لتخرج من الباب الخلفي للتاريخ.
بينما هنالك العديد من الحضارات العظيمة والتي تركت ورائها تاريخا حافلا وبصمات لا تمحى وآثارا لازالت شاهدة على رقيها وإبداعها.
من أهم هاته الحضارات حضارة الإنكا الأسطورية في بيرو والتي تواجدت في قارة أمريكا الجنوبية. ولعل أبرز ما ميز هاته القارة، هو وجود حضارتين تقاسمتا وتشاركتا الموقع الجغرافي مع حضارة الإنكا لكن في حقب زمنية مختلفة وهما “حضارة المايا” و “حضارة الأزتك” الغنيتين عن التعريف، نظرا لكثرة الأساطير التي تمجدهما والمصادر التاريخية التي أرخت لحقبتهما التاريخية.
تعريف حضارة الإنكا (INKA EMPIRE)
ما هي حضارة الإنكا وأين تقع حضارة الإنكا : لقد تواجدت حضارة الإنكا في قارة أمريكا الجنوبية على جبال الأنديز الشهيرة وبالضبط في دولة البيرو. وقد قدر العدد الفعلي للإنكا ب 10 مليون شخص.
تميزت حضارة الإنكا في العديد من المجالات أبرزها العمران والبناء وعلوم الفلك والصيد وكيفية القتال.
كان مقاتلو الإنكا مقاتلين شرسين وشديدي البأس وقد كانوا يقومون بالعديد من الغارات على الممالك المجاورة ويسحقونها عن بكرة أبيها.
وقد أسس شعب الإنكا إمبراطورية كبيرة مترامية الأطراف وقد كانت تعتبر حضارة الإنكا أحد أكبر وأقوى وأغنى الحضارات آنذاك بدون منازع و ذاع صيتها في كل بقاع الأرض.
كان الإنكا يعيشون في أكواخ صغيرة من الحجر والطين، أما بالنسبة للغة فلقد كانت هنالك أكثر من 700 لغة متداولة في الإمبراطورية، نظرا لجلب الإنكا العديد من العبيد من المماليك المجاورة والبعيدة، لكنك اللغة الأساسية كانت هي الكيتشوا.
قد يهمك: أكثر الحضارات المتوحشة في التاريخ : الانكا والازتيك والمايا
الطبقات الإجتماعية في حضارة الإنكا
الإنكا وكباقي المجتمعات والحضارات كانوا يتميزون باختلاف بين طبقات المجتمع. تكونت الطبقات المجتمعية في حضارة الإنكا من 3 طبقات وهي :
الطبقة الأولى : الإمبراطور الإلهي الذي يمجدونه.
الطبقة الثانية : لقد تكونت من طبقة النبلاء وتتكون من أبطال عسكريين أو قساوسة أو مواطنين بارزين، الذين أطاعوا وخمدوا الإمبراطورية ومثلوا الطبقة الأرستقراطية المحلية.
وقد تكونت طبقة النبلاء من قسمين:
- نبلاء الدم : أحفاد ملوك الإنكا وكبار المسؤولين في الإمبراطورية، مثل الحكام والكهنة، إلخ.
- الذين نالوا طبقة النبل بالامتياز : أين كان المواطنون الذين أكسبهم أداؤهم المتميز في الحرب أو الكهنوت أو الفنون الأخرى لقب المواطن النبيل.
و أخيرا طبقة الفلاحين والعامة من الناس المغلوب على أمرهم. ولقد قسمت هاته الطبقة أيضا لعدة أقسام:
- هواتونروناس: الفلاحون ومربي الماشية.
- متماكوناس: المستعمرون وغزاة الأراضي.
- ياناس: الخدم وأسرى الحرب.
- ماماكوناس: عاملات النسيج والطهاة اللائي يمكن أن يصبحن زوجات ثانويات للإنكا.
- بيناس: العبيد وأسرى الحرب المقدمون إلى الدولة للعمل الزراعي.
ومن الجدير بالذكر أن كل شخص كان يرث مهنة أبيه حتى بدون إرادته، فمثلا إبن الفلاح سيصير فلاحا وابن الزعيم سيصير زعيما و إبن الصياد سيصير صيادا و هكذا دواليك.
ومن المثير للإهتمام أيضا، أن الأبناء الحديثي الولادة للطبقة الراقية والنبيلة كان يتم ربط وثيقة محكمة على رؤوسهم لتشويه جماجمهم، لأن الجماجم المهشمة كانت بالنسبة لهم رمزا للإزدهار والنبل والرقي.
ذات صلة: أقدم 10 حضارات في التاريخ : حضارات عظيمة تركت أثرا في تاريخ البشرية
اقتصاد حضارة الانكا
كان اقتصاد الإنكا مستدامًا على أساس الزراعة القوية، المكرسة للحفاظ على الناس وأيضًا لتقديم القرابين للآلهة، بالإضافة إلى الماشية القائمة على الإبل (اللاما، الألبكة) وتربية الخنازير.
بالإضافة إلى ذلك، كان اقتصاد الإنكا قائمًا على الزراعة التي عرفوا كيفية الاستفادة منها من خلال نظام زراعة المدرجات على منحدرات الجبال. أدارت الدولة عمل الأراضي وكانت مسؤولة عن إعادة توزيع الإنتاج بين جميع السكان. حصدوا البطاطس والذرة والفاصوليا والكوسا والكينوا والقطن والفول السوداني، من بين أمور أخرى.
استخدموا أيضا النول لصنع الملابس والمعاطف من القطن أو صوف اللاما. كان نظام الإنكا الاقتصادي ناجحًا بسبب نوع إنتاجه وتوزيع الثروة بين جميع سكانه.
ولقد كان صيد الأسماك أيضًا مصدرًا مهمًا للبضائع، سواء في البحر المفتوح أو في البحيرات (مثل تيتيكاكا في بوليفيا)، وكذلك التجارة مع الحضارات أو القبائل المجاورة الأخرى.
إقرأ أيضاً: المدينة المفقودة ماتشو بيتشو : تحفة هندسية لحضارة الإنكا العظيمة
معتقدات الإنكا وديانتهم
من بين أعظم أسرار حضارة الإنكا العظيمة، أنهم كانوا يؤمنون بالعديد من الآلهة المتعددة في نفس الوقت.
لقد كان الدين جزءاً لا يتجزء في ثقافة الإنكا وكان ذا أهمية بالغة في حياتهم، لكنهم كان يعبدون العديد من الآلهة في نفس الوقت. فهنالك إله الشمس “إينتي” وإله الخلق “فيراكوشا” وإله الرعد والبرق والقمر. لكنهم كانوا يعبدون كل إله حسب حاجاتهم المحددة.
بالنسبة للإنكا، كان الموت ممرًا مقدسًا إلى الحياة التالية حيث يمكن لجميع أولئك الذين مارسوا أوامر الإنكا بعدم الكذب وعدم السرقة أن يعيشوا في جنة تحت حرارة الشمس. حيث تم تحنيط الحكام المتوفين وحفظهم في المعابد.
كان الإنكا يؤمنون أن الموت هو مجرد طريق للجنة وفي جنازاتهم كانو يلبسون الميت أجمل الملابس وأفضل زينة ويقومون بتحنيطه، ظناً منهم أنه ذاهب للفردوس الموعود وأرض السعادة الأبدية، كما أنهم كانوا يؤمنون أن كل ميت سيبعث من جديد في صورة كائن آخر.
علاوة على ذلك، آمنوا بوجود ثلاثة عوالم مترابطة :
- هانان باشا : العالم العلوي.
- كاي باشا : العالم الأوسط.
- أوكو باشا : العالم السفلي.
ذات صلة: الحضارات التي عبدت الشمس : قدسوها وقدموا لها قرابين بشرية
طقوس بربرية متوحشة
أسرار حضارة الإنكا العظيمة : الطقوس الوحشية والبربرية
تميزت حضارة الإنكا بتقديم قرابين للألهة وقد إشترك معها في ذلك حضارة المايا وحضارة الأزتك واللتين تواجدتا أيضا في أمريكا الجنوبية.
كان طقس التضحية البشرية واسع الإنتشار، حيث يقومون بذبح الأطفال الأصحاء الذين تتراوح أعمارهم ما بين 5 و 12 سنة كوسيلة لإرضاء الآلهة ومحاولة منهم للتقرب منها.
ومن طقوس هاته الأضحية، أن الكاهن كان يقود الأطفال إلى مكان الذبح فوق الجبال العالية، حيث يقوم بتسكير الأطفال ببعض المشروبات المحلية المخدرة لإضعاف مقاومتهم وتقليل شعورهم بالرهبة والخوف وأخيرا يقوم بخنقهم بكل وحشية أو ضربهم على الرأس حتى يفقدو الوعي، ثم يقوم بقطع الرأس ودحرجته من أعلى قمة الجبل.
لغة الإنكا
أسرار حضارة الإنكا العظيمة : اللغة
تحدث الإنكا لغة الكيتشوا الكلاسيكية المعتمدة كلغة رسمية للإمبراطورية على الرغم من حقيقة تعايشها مع لغات الأيمارا، والموشيكا، والبوكينا. جاءت الوثائق الأولى المكتوبة بلغة كيتشوا من مؤرخين ومبشرين أوروبيين، قاموا بتعديلات صوتية للأبجدية الإسبانية. لم يعرف الإنكا الكتابة الأبجدية، لذلك لا توجد طريقة لتمثيل الأصوات الأصلية للغة الإنكا اليوم.
الإنكا شعب مبدعون في مجال البناء والعمران
أسرار حضارة الإنكا العظيمة : والابداع في مجال الهندسة والبناء والعمران لعل أبرز ما ميز حضارة وحقبة الإنكا هو تميزهم و إبداعهم في مجال البناء و العمران، حيث تميزت أبنيتهم بالأشكال الهندسية الفريدة ممزوجة برسوم الحيوانات كالثعابين والعقارب والصقور.
ولعل أبرز شاهد على إبداع حضارة الإنكا في عصرنا الحالي هو مدرج”ماتشو بيتشو” الذي لا زال في حالة سليمة ويجلب العديد من السياح من مختلف بقاع العالم ويعتبر رمزا وطنيا وتراثا شعبيا وفخرا لمواطني البيرو.
سقوط حضارة الإنكا
أسرار حضارة الإنكا العظيمة : السقوط على يد الاسبان ونهاية حقبة وحضارة الانكا
يعتبر قدوم الإسبان وعلى رأسهم “فرانسيسكو بيزارو” سنة 1533 و السيطرة على شعب ومناطق الإنكا السبب الرئيسي في فناء تلك الحضارة العظيمة.
فبالرغم من قوة وجبروت حضارة الإنكا وحنكتهم القتالية، لكنهم لم يصمدوا أمام تطور الأسلحة والعتاد التي أتى به الإسبان.
فبعد وصول الإسبان لعاصمة الإنكا قاموا بالقبض على الإمبراطور “أتاهوالبا” والذي عرض عليهم الحصول على الذهب مقابل إطلاق سراحه فوافق الإسبان على ذلك، لكنهم نقضوا وعدهم وقاموا بسرقة ونهب الذهب في كل شبر من أرض الإنكا وقاموا بأسر السكان وتعذيبهم وإجبارهم على العمل لساعات طوال متواصلة في المناجم.
وما زاد الطين بلة، هي الأمراض التي أتى بها الإسبان معهم وأبرزها الطاعون والذي بدأ في حصد رؤوس الإنكا واحدا بعد الأخر لتكتب نهاية فصل كتاب حضارة الإنكا العريقة.
لعل أبرز فيلم جسد تاريخ وتقاليد وطقوس حضارة الإنكا المتوحشة هو الفيلم العالمي “Apocalypto” للممثل العالمي “mel Gibson” و يمكنك مشاهدة الفيلم عبر النقر هنا.