حوريات البحر : حقيقة أم مُجرَّد خيال من نسج البشر
نظرة سريعة على محتويات المقال:
قديما و بالضبط في العصور القَديمة الكلاسيكية قبل مئات السنين، تم تمثيل حوريات البحر بالإنجليزية (mermaid) ككائنات هجينة ذَات وجه أو جذع انسان أو بالأحرى امرأَة ولها جسدُ طائر تَعيش على جزر صخرية.
لكن في العُصُور الوسطى اكتسبت تلك الكائِنات مظهرًا على شكل ذيول سمكة، و تطورت لتصبح على هيئة نساء جميلات بذيول سَمَكة بدلاً من أرجل تسكن في الأعماق. في كلتا الحالتين قيل عنها انها تمتلك صَوت رخيم لا يقاوم اجتذبوا به بجنون البَحَّارة و الصيادين.
حسب الأَسَاطير الإغريقية لم يكن لدى حورية أو عروس البحر هذا الشكل دائمًا، ولكن في البداية كانوا من النِّسَاء الجميلات رفيقات بيرسيفوني (إلهة العالم السفلي ورفيقة هاديس)، قبل أن يتم اختطافها من قبل هاديس أَحَد آلهة و رموز الشر ليحولهن لكائنات نِصْف بشرية و نصف سَمَكة.
قد يعجبك أيضا : أسرار مثلث برمودا الغامض : السر وراء حوادث الإختفاء
أصل وتطور أُسْطورة حوريات البحر :
حوريات البحر (في اليونَانية القَديمة: Σειρήν Sireinhn، عباره عن مخلوقات بحرية أسطورية تنتمي إلى الأَسَاطير وإلى التراث الشعبي.
يرجع أصل الحكاية لقرون،حيث أشار البَحَّارة والصيادون إلى حورية البحر في قصصهم. تم عمل الملاحظات المكتوبة الأولى في آشور، حوالي 1000 قبل الميلاد. وفقًا لهذه السجلات، كانت بعض حوريات البحر مَخْلُوقات لطيفة وحققت الأمنيات للبحارة الذين ساعدوهم و قابلوهم.
بدأت أساطير و إشاعات أخرى في التعبير عن المزيد من الخوف من هذه الكائِنات وأكدت أن مجرد رؤيتهم يعني سوء الحظ. كانت رؤية حورية البحر نذيرًا بحدوث عاصفة أو غرق سفينة. وهكذا، كان العَديد من الصيادين و البَحَّارة يتشائمون لمجرد ذكر هاته المخلوقات الأسطورية.
تحدث الإغريق القدماء عن حوريات البحر المجنحة مثل البغايا اللواتي قمن بإغراء المسافرين و المساهمة في غرق السفن على حد قولهم.
في القرن التاسع عشر، تحطمت سفينة هولندية في جزيرة قبالة الشواطئ الكورية. انتظر طاقمها 13 عامًا حتى يتم إنقاذهم. وعلق أحد البَحَّارة عند عودته بأنه شاهد حوريات البحار.
بعد تلك الحادثة زعم العديد من المغامرين انهم شاهدو حورية البحر بأم أعينهم في مناطق مختلفة، ولكن تبقى كل تلك الإدعائات غير مثبتة، كما أن حورية البحر لم تظهر للناس و العامة لتبقى لغزا محيرا يصعب حله.
قد يعجبك أيضا : أسرار خطوط نازكا في بيرو : لغز عجز العلماء عن حله
حقائق عن حوريات البحر :
أهم ما يميز حورية البحر هو جانبها السفلي، وهو سمكة ذات ذيل أخضر فضي وقشور. الجزء العلوي من جسد حورية البحر مشابه لجسم البشر، بنفس الوزن والطول، لكنها تتمتع أيضاً بجمال غير عادي. و من المميزات الأخرى لحُوريات البحار :
1- مَخْلُوقات جذابة :
بالإضافة إلى ذيل السمكة، لديهم صفات أخرى أقل وضوحًا للوهلة الأولى، ولكنها لا تقل أهمية. لعل أكثر شيء إثارة للإهتمام هو صوت حورية البحر. لقد كان غناء حوريات البحر عذبا جدا ومنوما. لَقَد جعل البَحَّارة يدخلون في نشوة دون أن يدركوا ذلك ولا يفكروا في أي شيء أكثر من العثور على هؤلاء النساء الرائعات دون الاهتمام بحياتهن، والمخاطرة بها وفقدانها في النهاية.
2- جسد حوريات البحر :
على الرغم من حقيقة أن حورية البحر تَعيش في المحيطات وما تم تمثيله تقليديًا، فقد تشكلت من جسد طائر ووجه امرأَة، لذلك لم يكن لديهم زعانف في البداية، بل أجنحة.
3- هل تأكل حوريات البحر؟
هناك العديد من الأَسَاطير حول هذا الموضوع. يشير أحدهم إلى أن نظامهم الغذائي يعتمد على الطحالب والعوالق والأسماك الصغيرة.
تشير أُسْطورة أخرى إلى أن حوريات البحار لا تأكل طعامًا حيًا ولا تتحمل رؤية الحيوانات المائية الأُخْرى تموت. بالإضافة إلى ذلك، فهم لا يأكلون أبدًا في مجموعة لأن ذلك يسبب لهم بعض الإحراج، لذا فهم يأكلون على إنفراد.
4- كم من الوقت تَعيش حوريات البحر؟
حسب الأساطير القَديمة و الترات الشعبي، فإن حورية البحر قد تَعيش لمدة لا تزيد عن 150 عامًا، (على الرغم من عدم تأكيد ذلك)، بينما يشاع أيضًا أن لديهم حياة أبدية حيث لم يتم العُثور على أي جسم أو هيكل عظمي على شكل حورية البحر الحقيقية.
5- أين تسكن حوريات البحر؟
هذه المخلوقات الأسطورية على علاقة وثيقة مع الأشخاص الذين يعملون في البحر و الشاطئ. وفقًا للعديد من البحارة، فقد سمعوهم يغنون أثناء الإبحار وهذا جزء من القصص التي يتم سردها بين البَحَّارة. البحر هو مكان تجمع و عيش حوريات البحر للغالبية العظمى من المؤمنين بهذه المخلوقات.
6- ما هو إسم ذكر الحورية؟
Triton في الأساطير اليونَانية، Triton (في اليونانية القَديمة Τρίτων Tritôn) هو إله، رسول أعماق البحار. هو ابن آلهة البحر بوسيدون وأمفيتريت. عادة ما يتم تمثيله بجذع الإنسان وذيل السمكة.
نظرًا لعدم وجود كلمة محددة لذكور حوريه البحر، يشار إليهم عادةً باسم Tritons.
7- كيفية تكاثر حوريات البحر
إذا كانت حوريات البحر موجودة في الواقع، فكيف يمكن أن تتكاثر؟
تتكاثر الغالبية العظمى من الكائِنات البحرية بواسطة أو عن طريق الإخصاب الخارجي، واستنادا إلى المظهر، لا يبدو أن أنثى حوريات البحر لديها جهاز تناسلي متقدم مثل البشر.
أتخيل أنه سيكون مشابهًا للتكاثر في الضفادع، حيث يجتمع كائنان معًا، يمسكان الذكر بالأنثى أسفل الساقين، ويسبحان بطريقة متزامنة بحيث عندما يفرزون الأمشاج يكونون قريبين من بعضهم البعض، مما يؤدي إلى توسيع احتمالية إخصابها.
قد يعجبك أيضا : إكسير الحياة : اللغز الذي حاول البشر حله سعيا نحو الخلود
هل حوريات البحر موجودة :
عرائس حوريات البحر mermaids، عبارة عن مَخْلُوقات خيالية فائقة الجمال تعيش تَحتَ الماء نصف سمكة ونصف إنسان، لا توجَد إلا في خَيال الناس وأساطير الشعوب. حقق العلماء الذين يدرسون المحيط في الولايات المتحدة في احتمال وجودها ويقولون إنه لم يتم العُثور على أي دليل مادي يثبت وُجود حوريات البحر على الإطلاق كما أنه لم يتم إلتقاط أي صور لها.
لكن لمجرد أن حوريات البحر ليست حقيقية لا يعني أنها ليست مهمة. و بدون معنى حوريات البحر، هي جزء مهم من التاريخ و التراث الشعبي للعديد من البلدان والثقافات، كما أن لديهم تاريخ طويل ومعروف في جميع أنحاء العالم تمامًا مثل التنانين والجنيات وأحادي القرن وطائر العنقاء وغيرها من المخلوقات و الكائنات الأسطورية الأُخْرى.
تجدر الإشارة أنه تم ذكر حوريات البحر، كأحد أهم الكائِنات التي تَعيش في مدينة أتلانتس المفقودة.
حوريات البحر في الثقافات المختلفة :
في بولندا :
في العَديد من الأماكن من العالم، تم استخدام عرائس حوريات البحر بشكل كبير كرموز للسلطة والثروة. على سبيل المثال، تشتهر مدينة وارسو في بولندا ان لديها أُسْطورة حورية البحر التي تعتبر حامي المدينة. يوجد تمثال ضخم لها هناك، ويظهر حتى على شعار المدينة.
تحتوي الكثير من القلاع في أوروبا أيضًا على رموز مخلوق حورية البحر لإظهار القوة والثروة الملكية – حتى في البلدان التي لا توجد بها محيطات، مثل النمسا.
حورية البحر في الصين القديمة :
في الصين وحسب بعض الحكايات القَديمة، حوريات البحر هي من الأنواع التي تتحول دموعها إلى لآلئ ثمينة. يمكن لحُوريات البحر أيضًا نسج مادة قيمة جدًا (اللؤلؤه) ليست خفيفة فحسب، بل إنها أيضًا جميلة وشفافة.
لهذا السبب، أراد الصيادون دائمًا الإمساك بهم، لكن أغنية الحوريات المنومة جعلت الأمر صعبًا.
في الأساطير الصينية الأُخْرى، تعتبر حوريات البحر مَخْلُوقات رائعة ومهارة ومتعددة الاستخدامات وكان من المستهجن وغير المستحب أن يقوم الصيادون بالإمساك بهم.
قد يعجبك أيضا : الآلهة المصرية القديمة : أهم 7 آلهة عند الفراعنة
في التراث البريطاني :
في الأساطير الاسكتلندية، هناك حورية البحر تدعى Ceasg أو “Maiden of the Waves”. الجزء السفلي من حورية البحر تشبه سمك السلمون و ونصفها من الجزء العلوي بشري. يقال إن الذين يأسرونها يمنحون ثلاث أمنيات إذا أعادوها إلى الماء، ولكن عندما يقع الرجل في حبها، تغويه امرأَة السلمون وتجره إلى الأعماق.
في الجزر البريطانية تمت الإشارة إلى كائنات حوريات البحر في الفولكلور البريطاني كنذير لسوء الحظ. كانو يعتقدون أنه يمكن لحُوريات البحر أيضًا السباحة في المياه العذبة والوصول إلى الأنهار والبحيرات وإغراق ضحاياهم.
كما كانوا أيضاً يعتقدون أنه يمكن لحوريات البحر في بعض الأحيان أن تكون علاج بعض الأمراض. بينما وصفت بعض حوريات البحر بأنها وحوش كبيرة يصل ارتفاعها إلى 600 متر.
قصة داهود أميرة كاير يس، معروفة جيداً في ثقافة ويلز، المدينة التي بسبب خطايا ابنة الملك (الشابة والجميلة داهود)، أدانتها الآلهة أن تبتلعها الأمواج. عندما هرب والد داهود، سقطت ابنته في البحر، وكانت هناك منذ ذلك الحين، وتحولت إلى حُوريَّة بحر.
اساطير أخرى مشهورة جدًا في ويلز هي أُسْطورة مورغن : في القرن السادس، تم التقاط حورية البحر وتعميدها في شمال ويلز، وتم تعليم لغتها الأم. قيل انها لم تكن سمكة فقط لأنها كانت تخيط وتتكلم، لكنها لم تكن امرأَة لأنها تستطيع العيش تحت الماء. ظهرت حورية البحر على انها قديسة في بعض التقويمات القَديمة، تحت اسم مورغن، والذي يعني امرأة قادمة من البحر.
تعتبر حوريات البحر من الكائِنات الأسطورية الواسعة الشهرة، حيث تم التطرق إليها في العديد من الأعمال و الأفلام السينيمائية و الأدبية و أيضاً في كتب الأدباء و المبدعين، في مختلف الأزمنة و لازالت تحظى بشعبية واسعة إلى اليوم. فما هو رأيك عزيزي القاريء بحوريات البحر ؟ هل هي كائن أسطوري لا يُوجَدُ إلا في الخيال أم انها موجودة فعلا، لكنها تَعيش في سرية و آمان ؟ و لماذا لم يسعى احد لالتقاط صورة لها رغم تقدم العلم في عصرنا الحالي؟