خاتم سليمان السحري الذي سخر له الرياح والجن في خدمته
نظرة سريعة على محتويات المقال:
أدى خاتم سليمان السحري إلى ظهور عدد لا يحصى من الأساطير معظمها من القرون الوسطى، حيث يُزعم أن قوة وحكمة هذا النبي الإسرائيلي القديم يمكن تفسيره من خلال السيطرة المطلقة على كيانات وكائنات معينة وغير مرئية من كالعفاريت والجن بكل أنواعهم.
وبحسب المعتقدات اليهودية فإن الخاتم كان يملكه النبى سليمان، الذى أعطاه الله القدرة على قيادة الشياطين (أو الجن)، والحديث مع الحيوانات وتسخير الرياح له، كما تذكر الأساطير والشائعات ان كل من يمتلك خاتم سليمان السحري يظهر له ملك الجن، ويحقق له جميع أمانيه.
بعد وفاة النبي سليمان، تم دفن الخاتم على جبل صهيون، على الرغم من أن بعض الروايات تؤكد أن ملكة سبأ وهي تدرك القوة الهائلة للخاتم، قد صنعت خاتمًا متطابقًا ومشابها، واستبدله بالخاتم الأصلي واحتفظت به حتى وفاتها.
أشار بعض المصادر الأخرى، على أنه بعد سنوات من وفاة الملك سليمان أعطي للحكيم زرادشت أو لخلفائه في الأراضي الإيرانية، ليعود بعد ذلك بكثير إلى يهودا تحت حراسة ثلاثة سحرة زرادشتية أخذوه كقربان لكهف في بيت لحم.
إقرأ أيضا : مدينة النحاس الاسطورية التي بناها الجن بأمر النبي سليمان
قصة خاتم سليمان السحري :
خاتم سليمان السحري هو خاتم اسطوري عرف منذ قديم الزمان ،خاصة في التقاليد اليهودية.
ينسب الى سيدنا سليمان، وتقول الاسطورة انه خاتم يمكن صاحبه من إمتلاك قدرات خارقة، كالتي وهبها الله تعالى لسيدنا سليمنا، كإعطاء اوامر للجان بواسطة الخاتم وتسخير الرياح لخدمته وفهم لغة الدواب والحيوانات.
أول من ذكر قصة خاتم سليمان السحري هم اليهود، فلقد ذكرت قصته في التلمود وتناقلتها الأجيال لاحقا جيلا بعد جيل، مع إضافة تفاصيل أخرى وبعض البهارات لجعل قصة الخاتم أكثر غموضا وتشويقا.
حسب أساطير القرون الوسطى والمعتقدات الخاصة باليهود، كان ذلك الخاتم هو السبب الكامن وراء قدرة سيدنا سليمان الحكيم وجعله قادرا على التحكم في الإنس والجن والحيوان, كما يقال أن للخاتم قدرة كبيرة لعلاج الأمراض الجسدية والنفسية بشكل مذهل.
إقرأ أيضا : عجائب الدنيا السبع في العالم القديم من بناها وأين تقع
قصة سيدنا سليمان مع النملة :
يقال أن سيدنا سليمان عليه السلام، جمع جيشا مهيبا من الإنس والجنّ والشياطين والطير، وسار هذا الجيش العظيم بقيادته يطيعونه ويستجيبون لأوامره نحو مملكة الجنوب والتي كانت تحكمها الملكة بلقيس ملكة سبأ، والتي كانت تعبد الشمس مع شعبها.
ثمّ لمّا وصل هذا الحشد العظيم إلى وادٍ سماه القرآن الكريم “وادي النمل” سمع سليمان صوتًا غير كلّ تلك الأصوات التي كانت في جيشه، صوتًا أتاه من ذاك الوادي ألا وهو صوت نملةٍ رأت جيش سليمان العظيم وجعلت تنادي معشر النمل لتحذّرهم من النبي سليمان وجنوده.
وقد ذكر الله تعالى ما قالته النملة في محكم كتابه فقد قال :
{حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ.
وقد طلبت من رفاقها أن يدخلوا مساكنهم خوفًا عليهم من أن يحطهم جيش سليمان العظيم، فلمّا سمعها سليمان عليه السلام تبسّم معجبًا بقولها وفصاحتها وحسن أدبها-
فهي قد التمست العذر لسليمان وجنود بأنّهم قد يحطمون منازل النمل وهم لا يشعرون، ثمّ شكر ربه ودعاه أن يهديه ويوفقه، وذهب بجيشه العظيم من طريق آخر حتى لا يتسبب بالأذى لتلك النملة ومن معها من بني جنسها.
يرجع العديد من المؤرخين وبعض المصادر اليهودية في التلمود، السبب في ذلك لقدرة خاتم سيدنا سليمان والذي جعله قادرا على فهم كلام النملة.
إقرأ أيضا : اسطورة شمشون الجبار الذي صرع أسدا بيديه العاريتين
قدرة تسخير الرياح :
أثناء رحلة سيدنا سليمان للجنوب مع جيشه، نحو مملكة سبأ، جاب الجيش الصحراء الكبيرة واللامتناهية في طريقهم نحو مقصدهم، فنفذت منهم كل مصادر المياه وأصيب الجنود بالعطش.
أصدر بعد سيدنا سليمان أوامره للجن بحفر الآبار وإخراج المياه، فقاموا بحفر المئات من الحفر، لكنهم لم يعثروا على أي أثر للمياه، وعادوا إلى الملك سليمان بخيبة أمل.
فقام أحد مستشاري الملك سليمان بنصيحته بأن يستخذم طائر الهدهد للعثور على المياه، لقدرة طائر الهدهد المدهشة في معرفة أماكن المياه في باطن طبقات الأرض، فقال سيدنا سليمان ” علي بالهدهد “، لكن طائر الهدهد لم يكن موجودا، مما أثار غضب سيدنا سليمان.
وقد ذكر الله الحادثة في كتابه العزيز :
وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ فَقَالَ مَا لِىَ لَآ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ. ( النمل )
بينما كان طائر الهدهد آنذاك في بلاد مملكة سبأ يتفقد الأمور هناك، ويستطلع أمور شعب الملكة بلقيس التي تعبد الشمس مع شعبها، في تلك الأثناء كانت مسألة إيجاد المياه تؤرق بال سيدنا سليمان عليه السلام.
أوحى الله لسيدنا سليمان أن يخرج من خيمته، ثم أمر الرياح العاصفة بحمل السحب الممطرة، فهبت الرياح من الشمال والجنوب وساقت السحب ونزل المطر غزيرا من السماء، فملئت القرب والمواعين وشرب جيش سيدنا سليمان حتى إرتوى وشكرو الله سبحانه وتعالى.
ولقد سخر الله الرياح لسيدنا سليمان وذكر ذلك في كتابه الكريم :
فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ (36)
لكن العديد من المصادر التاريخية تعزي قدرات سيدنا سليمان عليه السلام في تسخير الرياح وفهم لغة الدواب والحيوانات للخاتم السحري.
إقرأ أيضا : جيش قمبيز المفقود ولغز إختفاء أحد أقوى الجيوش في التاريخ
شكل خاتم سليمان :
لا أحد يعرف شكل الخاتم بالتحديد، لكن بحسب بعض الرسوم المنسوبة إليه, يقال أن الخاتم السحري كان يحتوي على حلقة من سداسية يشار اليها على انها سلف نجمة داود استخدمت كرمز للشعب اليهودي في العصر الحديث, كما يقال إن إسم الله الأعظم محفور عليه.
يُطلق على الرمز الذي ظهر محفورًا على الحلقة اسم “ختم سليمان” ويتكون من تراكب مثلثين متساويين الأضلاع يشكلان مخططًا سداسيًا مثاليًا.
يختلف العديد من المؤرخين اليهود وحتى المسيحيين من المؤمنين بوجود خاتم سليمان السحري حول مكوناته. لكن العديد من المصادر ذكرت أنه مصنوع من 7 معادن : الرصاص، القزدير، الحديد، الذهب، النحاس، الزئبق والفضة.
وبحسب الروايات، فلهذه المعادن القدرة على التحكم في الجن والشياطين والسيطرة عليهم وتجنب شرهم.
إقرأ أيضا : رحلة سلام الترجمان لسد ياجوج ومأجوج وتفاصيلها المثيرة
أين يوجد خاتم سليمان :
لقد سعى العديد من المؤرخين وجامعي التحف وصائدي الكنوز، لسنوات بل ولعقود طويلة وراء خاتم سيدنا سليمان، إيمانا بهم بوجوده ولقيمته التي لا تقدر بثمن أبدا، لكن كل جهودهم بائت بالفشل.
يرجع البعض عدم العثور على خاتم الملك سليمان، لعدم وجوده بالأساس وأنه لا يتعدى كونه مجرد أسطورة وخرافة تناقلتها الأجيال.
بينما يرجح البعض الآخر أنه لم ولن يتم العثور على الخاتم السحري، تحقيقا لأمنية سيدنا سليمان عليه السلام، وذلك لأنه دعى الله أن يمنحه ملكا وقدرة لم يحصل عليها أحد من قبله ولا من بعده، مصداقا لقوله تعال :
قَالَ رَبِّ ٱغْفِرْ لِى وَهَبْ لِى مُلْكًا لَّا يَنۢبَغِى لِأَحَدٍۢ مِّنۢ بَعْدِىٓ ۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْوَهَّابُ.
إقرأ أيضا : قصة أصحاب الكهف ومعجزة النائمين السبعة وكلبهم
ماذا يقول الإسلام :
ينفي الإسلام قطعاً مثل هذه الخرافات،وينهي عن الأخذ بها ،ألا ان بعضاً ذكروا أن سليمان عليه السلام كان يسيطر على الجن والإنس بهذا الخاتم ، وأنه كان إذا أراد شيئا حرك خاتمه.
كما ورد ذكر خاتم سليمان عليه السلام في بعض الأحاديث النبوية :
فروي عن أَبِي هُرَيْرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ :”تَخْرُجُ الدَّابَّةُ وَمَعَهَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ، وَعَصَا مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ – عَلَيْهِمَا السَّلَامُ – فَتَجْلُو وَجْهَ الْمُؤْمِنِ بِالْعَصَا، وَتَخْطِمُ أَنْفَ الْكَافِرِ بِالْخَاتِمِ، حَتَّى أَنَّ أَهْلَ الْحِوَاءِ لَيَجْتَمِعُونَ، فَيَقُولُ: هَذَا يَا مُؤْمِنُ, وَيَقُولُ هَذَا: يَا كَافِرُ“.
لكن كل تلك الأقوال والأحاديث التي تذكر ذلك لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا تقوم بها حجة.
وقال النسفي انها من أباطيل اليهود،ومثله الطبري وابن كثير،فقالو :هذه القصة مكذوبة، وهي من إفترائات اليهود وكذبهم على الأنبياء، فإن طوائف منهم لا يعتقدون بنبوة سليمان عليه السلام.
وإنما يقولون : إنه كان ملكا ساحرا، ولعلهم اختلقوا هذه القصة ليروجوا سحرهم على الناس، وليقنعوا جهلة الناس أن السحر لا بأس به ، وأنه من الممكن أن يكون لك مثل ملك سليمان عليه السلام عن طريق السحر .
وإذا كان خاتم سليمان عليه السلام بهذه المثابة ، فكيف يغفل الله شأنه في كتابه الشاهد على الكتب السماوية ولم يذكره بكلمة” .
إقرأ أيضا : مكان سفينة نوح أحد أكبر الألغاز في تاريخ البشرية