حمى الذهب في كاليفورنيا : عندما تهاطل الآلاف من الحالمين بالثروة على كاليفورنيا
نظرة سريعة على محتويات المقال:
لقد بدأت حمى الذهب في كاليفورنيا California Gold Rush في أوائل عام 1848, حين أثارت أنباء مثيرة عن وجود ذهب بكميات كبيرة شمال شرق سان فرانسيسكو حالة من الجنون في جميع أنحاء العالم بشأن المعدن الثمين، مما دفع بموجات من الآلاف من الأشخاص الراغبين في الوصول إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة.
في يناير 1848، اكتشف جون مارشال آثارًا من الذهب أثناء بناء منشرة بالقرب من ساكرامنتو لرائد أعمال اسمه جون سوتر. في البداية، أراد سوتر أن يبقي الأمر سراً، لكن الشائعات انتشرت كالنار في الهشيم وسط الناس.
مع انتشار الشائعات، تخلى الأمريكيون والمهاجرون على حد سواء عن هواياتهم وأعمالهم ومنازلهم من أجل البحث الذهب في كاليفورنيا.
جلبت حمى الذهب 300000 شخص إلى كاليفورنيا. أولئك الذين لم يصلوا عن طريق البحر أتوا بشكل رئيسي من شرق الولايات المتحدة، عبر طريق كاليفورنيا ومسار نهر جيلا.
كما استقل الآلاف القطار والعربات والسفن وحتى ساروا على الاقدام من قارتي أمريكا والعالم القديم طمعا في الحصول على ثروة سريعة.
كانت مصاعب المسافرين كبيرة، وعلى الرغم من أن البعض قد جنى مبالغ كبيرة من اكتشافاتهم، إلا أن العديد منهم بالكاد استطاعوا تحمل تكاليف الرحلة.
انتهت حمى الذهب في كاليفورنيا في عام 1855م وأما جيمس مارشال الذي وجد الذهب فقد مات فقيرا معدما، مع ذلك كان لحمى الذهب إيجابيات كثيرة على ولاية كاليفورنيا إذ استقر فيها الكثير من التجار ورجال الأعمال الذين كان لهم فضل في تطوير ولاية كاليفورنيا.
إقرأ أيضا : تاريخ اكتشاف الذهب : المعدن الأغلى الذي أسال لعاب البشر
حلم جون سوتر
عندما كان جون سوتر شابًا، ترك موطنه سويسرا تاركًا زوجته ومجموعة من الدائنين، بحثًا عن الثروة في العالم الجديد.
عبر قارة الشاب الطموح أمريكا الشمالية، هنالك التقى بمجموعة من المبشرين وانتهى به المطاف في الأراضي المكسيكية في ألتا كاليفورنيا، وهي واحدة من أكثر المناطق خصوبة على وجه الأرض.
هناك، ليس بعيدًا عن ساكرامنتو الحالية، بدأ سوتر العمل في المشروع الذي كان يأمل أن يجعله غنيًا : كان يود تسميته نيو هيلفيتيا New Helvetia، وهي عبارة عن حصن به متاجر وورش عمل مصممة لتكون محور مجتمع جديد مزدهر وزراعي بإمتياز.
بحلول عام 1848، كان سوتر قد أقام في كاليفورنيا لما يقرب من عقد من الزمان. في تلك الفترة، انفصل المستعمرون الأمريكيون عن الحكومة المكسيكية واحتلت الدولة من قبل الجيش الأمريكي.
لكن حلم سوتر ببناء مدينة فاضلة ومجتمع مثالي كان لا يزال قائمًا: حتى أنه استأجر شابًا أصغر سنًا، يدعى جيمس مارشال، لبناء منشرة على النهر القريب.
لم يكن جون سوتر ومساعده يتوقعان ماسيحدث بعد ذلك وفي ذلك المكان، وأنهما سيكونان أول من يشعل فتيل ما سيعرف لاحقا ب “حمى الذهب في كاليفورنيا“.
إقرأ أيضا : أزمة الكساد العظيم : عندما صارت أكياس الطحين الزيّ الأكثر شعبية في أمريكا
اكتشاف المعدن النفيس
في صباح يوم 24 يناير من سنة 1848، لاحظ مارشال توهجًا وشيئا يلمع في قاع القناة، بينما كان يحفر من أجل إنشاء طاحونة المياه في ذلك المكان.
إنحنى الشاب الريفي برأسه، وإلتقط قطعة أو قطعتين وفحصها عن كثب، وكان لديه معرفة عامة بالمعادن، لم يستطع في البداية من التعرف على نوف المعدن الذي كان بيده، لقد ظنه الحديد، لكنها كان متألقا للغاية وهش وذهبي ولامع وفي نفس الوقت مرن.
قام جيمس مارشال بضرب قطع المعدن التي كانت بين يديه بين صخرتين ووجدت أنها يمكن أن تتشكل في شكل مختلف لكنها لم تنكسر.
في تلك اللحظة عرف أن ما تلك القطع كانت عبارة عن ذهب خام، لكنه أحضر “أربع أو خمس قطع” إلى رئيسه في العمل جون سوتر وقال له : “لقد وجدتها”. فجابه ماذا وجدت ؟ أجاب مارشال ببساطة “ذهب”.
بالنسبة لجون سوتر، كانت الأخبار التي تفيد بأن رجاله قد وجدو الذهب بمثابة صدمة. كان يعلم جيدًا أن أخبار اكتشاف الذهب ستحطم أحلامه في الثروة الزراعية، وفي البداية حاول التستر على الأخبار.
لكن الرجال يتحدثون ، وانتشرت الشائعات. بعد بضعة أسابيع ، تم تداول قصص مفادها أن بعض موظفي Sutter كانوا يستخدمون قصاصات الذهب لدفع ثمن البضائع في المتاجر في New Helvetia.
مفتونًا بأخبار اكتشاف الذهب، ذهب ناشر ومالك متجر في سان فرانسيسكو يدعى صموئيل برانان ليرى ما يجري شخصيًا.
عندما أدرك برانان أن الشائعات كانت صحيحة، كان أول شيء فعله هو فتح متجر لبيع مستلزمات التنقيب. عاد بعد ذلك إلى سان فرانسيسكو، مرتديًا ملابسه الأنيقة، ومشى عبر البلدة الصغيرة حاملاً قنينة ذهبية، ثم بدأ يصرخ : صرخ “ذهب!” “ذهب! ذهب! ذهب من نهر الأمريكيين!” تغير كل شيء في الأشهر القليلة المقبلة.
إقرأ أيضا : المجاعة الروسية الكبرى التي جعلت الروس يأكلون جثث بعضهم البعض
حمى الذهب في كاليفورنيا
وصلت الأخبار إلى الساحل الشرقي في أغسطس وفي ديسمبر، أكدها الرئيس جيمس نوكس بولك رسميًا للكونجرس.
ابتداء من عام 1849 ، غمر الآلاف من المنقبين المحتملين – المعروفين باسم “49ers” – الولاية كل يوم.
قالت إحدى الصحف المحلية : “البلد كله يرنّ بالصيحة الدنيئة” ذهب! ذهب! ذهب! وإنتشرت ظاهرة حمى الذهب في كاليفورنيا في كل مكان.
في البداية، تُركت سان فرانسيسكو فارغة تقريبًا بين عشية وضحاها، حيث هرع سكانها إلى حقول الذهب.
كما أتى الكثير من “49ers” للعيش هناك بحيث تغيرت المدينة بالكامل.
في يناير 1848، كان عدد سكان سان فرانسيسكو 800 نسمة. بحلول نهاية عام 1850 كان عددهم يقارب حوالي 25000، العديد منهم كانوا يقيمون في أكواخ وخيام ويحلمون بالثروة السريعة.
كانت حمى الذهب في كاليفورنيا واحدة من أكبر الهجرات الجماعية في التاريخ الأمريكي، حيث انتقل ما يقدر بنحو 300 ألف شخص إلى الساحل الغربي في غضون عامين فقط.
مع ظهور موانئ ومدن وخطوط سكك حديدية جديدة لتلبية الطلب، تحولت الولاية، وولد حلم الدولة الذهبية.
لكن المفارقة الكئيبة كانت أن الخاسرين أكثر من الرابحين. قلة من المنقبين أصبحوا أثرياء حقًا، في حين مات المهاجرون بسبب المرض وكذلك عشرات الآلاف من السكان الأصليين، بينما نزح العديد من الناجين من أراضيهم.
أما بالنسبة لجيمس مارشال مكتش الذهب لأول مرة، فقد فشلت المنشرة الخاصة به وأنهى حياته مفلسا، بينما تخلى جون سوتر عن مشروع نيو هيلفيتيا وتوفي بمرارة.
بالنسبة لأولئك الذين وجدوه، لم يكن الذهب أكثر من لعنة. هكذا عنونت بعض الصحف الشهيرة، واصفة نهاية تلك الحقبة وتلك الحمى، التي أصابت الناس بهوس الثروة والغنى بشكل سريع.
إقرأ أيضا : التضخم الجامح في المانيا : عندما فقدت الأوراق النقدية قيمتها