أسطورة برج بابل وكيف تفرق البشر في بقاع الأرض
نظرة سريعة على محتويات المقال:
تعتبر أسطورة برج بابل من بين أكثر الأساطير التاريخية إثارة للفضول، برج بابل هو بناء يعتقد أنه بني في مدينة بابل في بلاد ما بين النهرين (العراق حاليا)، ورد ذكر البرج الذي يتحدث عنه أغلب المؤرخين القدماء في الكتاب المقدس على وجه التحديد.
يقال أن برج بابل كان مبنى ضخمًا بناه أحفاد نوح الناجون الوحيدون من الطوفان، في سهول سنار أو بابل، بهدف أن يوصلوه إلى السماء.
حسب الأسطورة، بعد أن شعر بالإهانة من الغطرسة البشرية تدخل الله (يهوه) قرر أن كل واحد من الناجين يجب أن يتحدث لغة مختلفة، مما جعل من المستحيل عليهم الموافقة على مواصلة بناء البرج. ثم غادر الناس البرج وانتشروا في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى ظهور اللغات المختلفة التي نعرفها.
يمثل برج بابل انتشار اللغات المختلفة المنطوقة في العالم وبداية شيء مهم للبشر مثل التواصل. كما أنه يمثل خطيئة الكبرياء، وعقاب الله للبشر بسبب عنادهم ورغبتهم للوصول إلى أعالي السماء.
إقرأ أيضا : حدائق بابل المعلقة : تحفة هندسية منقطعة النظير
قصة برج بابل
التواصل وأصل اللغات هما أساس الأسطورة التوراتية الشهيرة لبرج بابل. منذ بداية الزمن، كان أحد الجوانب التي تسببت في أكبر المشاكل للإنسان هو قلة التواصل. يمكن أن يؤدي عدم القدرة على التواصل إلى عدم احترام الآخر أو العنف أو الحرب.
تقول الأسطورة أنه في البداية تم التحدث بلغة واحدة وأن جميع الناس فهموا بعضهم البعض. هاجر الرجال من الشرق وجاءوا إلى سهل شنعار (هي منطقة معينة ذكرت في التوراة، غير محددة الحدود في بلاد الرافدين) ليستقروا.
قرروا بناء برج للوصول إلى السماء. بدا هذا متعجرفًا عند الله، الذي قرر إنشاء لغات مختلفة للبشر حتى لا يفهموا بعضهم البعض ليمنعهم من تحقيق أمنيتهم وشتتهم بعدئذ في مغارب الأرض ومشارقها، ولم يتمكنوا من بناء البرج.
كما ورد في سفر التكوين في العهد القديم كان برج بابل عبارة عن بناء من طرف نسل نوح الناجين من الطوفان العظيم الذي عرفه العالم كله، في الفترة التي كان فيها النمرود زعيما وحاكما لمدينة بابل.
كان الهدف من هذا البرج هو تحدي الله والانتقام منه لموت أولئك الذين لقوا حتفهم في الطوفان العظيم، مما جعل الجزء الأعلى من المبنى يصعد إلى السماء ولكن قبل الانتهاء من بنائه، أمر النمرود رماة السهام بإطلاق السهام في السماء، فطلب الله من ملائكته النزول إلى الأرض والتشويش على لغة البابليين، حينها لم يتمكنوا من فهم بعضهم البعض وأجبروا على التخلي عن بناء البرج.
بعد هذا الفشل، تقول الأسطورة أن البابليين انتشروا في جميع أنحاء العالم. وبعد مرور بعض الوقت، ابتلعت الأرض جزءًا كبيرًا من المبنى. بالإضافة إلى ذلك، اختفت الأجزاء المتبقية بسبب حريق ثم تآكل باقي البرج بشكل طبيعي، لذلك لا يمكن اكتشاف موقعه الحالي.
إقرأ أيضا : كتاب أغنى رجل في بابل : الكتاب الذي يعلمك كيف تكون طموحا
برج بابل في المصادر المختلفة
قصة برج بابل هي واحدة من أشهر الأساطير التأسيسية للكتاب المقدس، والتي تم وصفها في الجزء الافتتاحي من العهد القديم ، سفر التكوين. لقد كان موضوع الدراسة من قبل العديد من المتخصصين، حيث يفترض العديد منهم أن برجًا مشابهًا كان موجودًا في الماضي البعيد، ربما في بلاد ما بين النهرين القديمة.
في الواقع، هناك إشارات إلى أسطورة برج بابل في كتاب اليوبيلات (كتاب يهودي ديني قديم يعتبره أغلب البروتستانت والرومان الكاثوليك والأرثوذكس الشرقيين كتابا مزورا)، وفي كتابات فيلو الإسكندري (70 م) وفلافيوس جوزيفوس (37 إلى 100 م)، وكذلك في العديد من المصادر الدينية الأخرى.
ومع ذلك، مثل جميع الأساطير التأسيسية، تكمن قيمة قصة برج بابل في حقيقة أنها تقدم تفسيرًا أسطوريًا فيما يتعلق بأصل اللغات البشرية المختلفة، في نفس الوقت كقصة رمزية تتعلق بالفخر البشري والعقاب الإلهي.
إقرأ أيضا : حضارات ما قبل الطوفان والعهد الأول للبـشر قبل الطوفان
خصائص برج بابل
تتميز أسطورة برج بابل بما يلي :
- إنها أسطورة توراتية وردت في العهد القديم، ولكن لها حضور في العديد من النصوص اللاحقة والمصادر التاريخية. إنها جزء من الأساطير التأسيسية التوراتية، أي تلك التي تشرح أصل الأشياء.
- تشرح الأسطورة أصل اللغات البشرية وكيف تفرق البشر، ولكنها تروي أيضًا العقوبة التي فرضها الله على نسل نوح، عندما أرادوا بناء برج يصل إلى أعالي السماء أو الجنة.
- أصبح برج بابل رمزًا مهمًا في الثقافة الغربية، كاستعارة أو عبرة للكوارث التي تجلبها الغطرسة البشرية.
- بُذلت جهود أثرية عديدة للعثور على برج بابل المحتمل في مواقع بابل القديمة، دون العثور على أي دليل قاطع على وجوده الفعلي.
إقرأ أيضا : الحضارات التي عبدت الشمس : قدسوها وقدموا لها قرابين بشرية
برج بابل بين الحقيقة والخيال
كلمة بابل مشتقة من الفعل العبري baibál وتعني “الخلط”. تظهر أسطورة برج بابل في التقليد المسيحي، ولكن أيضًا في اليونان القديمة وفي ثقافات بعض القبائل في شرق إفريقيا. يعتقد بعض العلماء أن برج بابل يمكن أن يكون بناء حقيقي لبابل القديمة.
عثر عالم الآثار روبرت كولديوي في عام 1913 على بعض البقايا التي يمكن أن تتوافق مع مواصفات برج بابل. و كان من المفترض أن يكون له قاعدة مربعة، طول كل جانب 92 مترا وارتفاعه 60 مترا ووزنه حوالي 400 ألف طن، وكان مصنوعة من الطوب اللبن.
كان البرج يحتوي على مصاطب كبيرة يمكن للمرء من خلالها الصعود إلى قمة البرج. يقال إن البرج قد دمره الآراميين وأعيد بناؤه عدة مرات.
إقرأ أيضا : عجائب الدنيا السبع في العالم القديم من بناها وأين تقع
تفسير اللوح البابلي
من جهة أخرى، قام أندرو جورج، أستاذ التاريخ البابلي بجامعة لندن، بفحص لوح من القرن السادس قبل الميلاد وجد في بابل منذ أكثر من 100 عام. كان يوجد على اللوح رسم لمبنى بهيكل متدرج ورجل يحمل صولجان.
فسر البروفيسور جورج أن الرجل المرسوم على اللوح كان هو نبوخذ نصر الأول، حاكم بلاد ما بين النهرين. بالإضافة إلى ذلك، يوجد على اللوح نقش يقول : “برج معبد بابل”. لذلك، يقول جورج أن اللوح هو دليل على الوجود الفعلي لبرج بابل.
في اللوح الذي حلله جورج، يوصف أن شعوبًا مختلفة من البحر الأبيض المتوسط والخليج الفارسي شاركوا في بناء البرج. هذا يمكن أن يفسر استخدام لغات مختلفة من قبل الأشخاص الذين حضروا البناء.
على الرغم من أنه من غير الممكن معرفة ما إذا كان هذا هو ما حدث، فإن الحقيقة هي أن معظم الخبراء يربطون برج بابل ببرج Etemenanki، وهو بناء من سبع مصاطب مع معبد للإله مردوخ في الأعلى وصل ارتفاعه إلى 90 مترًا.
من المحتمل أن المكان الفعلي الذي كان يقع فيه البرج هو القصر في الجزء الجنوبي من بغداد. لكن لحدا يومنا هذا، لا يوجد دليل فعلي وقاطع، يمكن أن يؤكد قصة برج بابل مما يدع البابا مفتوحا على جميع الإحتمالات.
إقرأ أيضا : مدينة بابل والسحر : أكثر الحضارات إتقانا لفنون السحر