تجربة الوحش وكيف تم إستغلال الأطفال كفئران تجارب
نظرة سريعة على محتويات المقال:
تجربة الوحش هي تجربة نفسية واجتماعية للدكتور ويندل جونسون، من ولاية أيوا (الولايات المتحدة الأمريكية)، والذي كان مقتنعا بأن التلعثم هو مرض يتم اكتسابه بسبب عدم الأمان لدى بعض الأطفال عند تعلم الكلام.
لقد عانى هو نفسه من مشاكل في النطق منذ أن كان طفلاً، مما دفعه إلى تكريس جهوده والعمل على التحقيق في أسباب هذه الحالة المرضية.
كانت جامعة أيوا بالفعل على دراية ببعض الدراسات حول تلك الظاهرة، وعندما تخرج استدعى الدكتور ويندل جونسون أحد ألمع طلابه ماري تيودور، بهدف إجراء تجربة في دار للأيتام لاختبار نظريته.
كان في وسط هاته التجربة أو الدراسة انعدام كامل للمقاييس الأخلاقية، كما أنّ الدراسة لم تُنشر نتائجها لأن جونسون كان يظن أن التجربة سوف تُستغل من قبل النازيين في القيام بعدة تجارب.
دراسة الوحش هي تحقيق تم إجراؤه في الولايات المتحدة في الثلاثينيات من القرن الماضي وسعى إلى اكتشاف آثار العلاجات المختلفة لدى الأطفال الذين يعانون من اضطرابات اللغة والتواصل. أثارت هذه الدراسة نقاشات وخلافات ميزت جزءًا مهمًا من البحث في علم النفس ، وتحديداً فيما يتعلق بمعضلاته الأخلاقية
إقرأ أيضا : تجربة توسكيجي لعلاج الزهري : تجربة لاأخلاقية تقشعر لها الأبدان
خلفيات عن تجربة الوحش
اشتملت تجربة الوحش على جمع 22 فتى وفتاة من دار الأيتام، بعضهم يعاني من مشاكل في التلعثم و التأتأة والبعض الآخر لا يعاني من أي نوع من مشاكل النطق.
أُخبرت المجموعة التي كانت تعاني من التلعثم بأنّهم في حالة جيدة ولا يعانون من أي شي و المجموعة الطبيعية تم إخبارهم بانهم يحتاجون لعلاج مشدد في التكلم لانهم يعانون من التلعثم.
حاولَ جونسون خلال هذه التجربة إقناع الأطفال السليمين بأنهم يعانون من التلعثم، بجيث أُخطرَ الأطفال السليمين: «الأطباء وصلوا الى قناعة بأنكم تعانون من مشاكل كبيرة في الكلام فلا تتكلموا حتى تتأكدوا بأن بإمكانكم التكلم بشكل صحيح»،
بينما أُخطرَ الأطفال الذين يعانون من التلعثم: «لا تهتموا لما يقولونه الآخرين عن طريقة كلامكم فأنتم طبيعيين وهذه مرحلة عادية». الملخص أنهم قاموا بإعطاء علاج سلبي للمجموعة الأولى عن طريق استصغارهم وإهانتهم عند حدوث ءي خطأ في الكلام، وعلاج إيجابي للمجموعة الثانية التي تعاني من التلعثم.
تم إجراء البحث في جامعة أيوا وشارك فيه اثنان وعشرون طفلاً يتيمًا من دار أيتام المحاربين القدامى في ولاية أيوا أيضًا. وكان الهدف الرئيسي من الدراسة هو تحليل ما إذا كان يمكن إحداث التلعثم وما إذا كان يمكن تقليله من خلال العلاج القائم على على التعزيز الإيجابي.
إقرأ أيضا : تجربة لازلو بولغار : كيف تجعل إبنك عبقريًا منذ الصغر
نتائج عكسية على الاطفال السليمين
تم تعميد التحقيق من قبل باحثين آخرين كـ “دراسة الوحش” ، بسبب القسوة التي عوملت بها المجموعة الثانية من الأولاد والبنات وما ترتب على ذلك من نتائج.
في المجموعة الأولى، تم تشجيع الأطفال على التحدث بشكل جيد وتم مكافأتهم وإشادتهم على أي تحسن. في المجموعة الثانية، تم معاقبة الأطفال وانتقادهم، سواء تحدثوا بشكل سيء أو جيد وتم التأكيد على جميع الأخطاء، وتم وصفهم بالتلعثم وقيل لهم إنهم لن يكونوا قادرين على التحدث بشكل جيد.
كانت نتائج تجربة الوحش، التي أجريت بين يناير ومايو 1939 واضحة للعيان في غضون فترة زمنية قصيرة. في حين بدأ الأطفال في المجموعة الأولى (الاطفال الذين يعانون من التلعثم في الكلام) يكتسبون الثقة ويتحسنون بمرور الوقت، فإن المجموعة الثانية (الاطفال السليمين) كانت احوالهم تتدهور يوما بعد يوم، وحتى الأطفال الذين لم يواجهوا مشاكل في البداية بدؤوا في إظهار مشاكل انعدام الأمن والاكتئاب والقلق.
بل وأصبحَ لدى 5 أطفال من اصل 6 الذين كانوا سليمين تأتأة في الكلام ومشاكل في الكلام بعد علاج سلبي دام إلى 6 اشهر.
عندما أدرك جونسون خطورة التجربة التي قام بها، حاول أن يعيد التجربة عليهم ويعطيهم علاج إيجابي ولكن من دون فائدة، فالأطفال عند الكبر أصبحوا يعانون من مشاكل نفسية كالاكتئاب وانعدام الثقة بالنفس.
إقرأ أيضا : تجربة ستانلي ميلغرام : تغير البشر وبطشهم عند الوصول للسلطة
نتائج دراسة الوحش لم تظهر للعلن
بالنظر إلى هذه النتائج العكسية الغير متوقعة، قررت طالبة الطبيب النفسي ماري تيودور، التخلي عن التحقيق، وفضل جونسون عدم نشر نتائج تجربة الوحش خوفًا من أن تكون دراسته مرتبطة بما يفعله النازيون في ألمانيا وأن يتم استغلال دراسة الوحش وتطبيقها من طرف النازيين.
بعد سنوات من التجربة، كشفت ملاحظات ماري تودور المكتوبة على أوراق مخزنة في درج منسي، حقائق التجربة ونشرت النتائج. تم تعميق التحقيق من قبل باحثين آخرين في “دراسة الوحش” ، بسبب القسوة التي عوملت بها المجموعة الثانية من الأولاد والبنات وما ترتب على ذلك من نتائج.
لا يزال الأطفال في التي أجريت عليهم دراسة الوحش يعانون من بعض الآثار المترتبة على الدراسة كبالغين، وفي عام 2001 ظهر مقال في ميركوري نيوز يناقش بحث الدكتور جونسون والعواقب التي تسببت فيه.
اعتذرت جامعة أيوا علنًا عن دراسة الوحش في عام 2001. وبحلول 17 أغسطس 2007 حصل سبعة من ضحايا التجربة على ما مجموعه 1.2 مليون دولار من ولاية آيوا لإصابتهم بندوب نفسية وعاطفية مدى الحياة ناجمة عن ستة أشهر من العذاب أثناء تجربة جامعة أيوا، وعلمت الدراسة أنه على الرغم من عدم تأتأة أي من الأطفال، فقد أصبح بعضهم خجولًا ومترددًا في الكلام.
إقرأ أيضا : التجارب النازية على البشر : تجارب مروعة للحفاظ على العرق الآري
لماذا تعرف بدراسة “الوحش
تُعرف هذه الدراسة بـ “الوحش” بسبب المعضلات الأخلاقية التي ولّدتها. مجموعة الأطفال الذين تلقوا العلاج القائم على التعزيزات السلبية أظهروا أيضًا آثارًا نفسية سلبية طويلة المدى، بالإضافة إلى أولئك الذين يعانون بالفعل من اضطرابات لغوية، فقد احتفظوا بها طوال حياتهم.
عند الانتهاء من الدراسة، عادت الطالبة ماري تيودور إلى دار الأيتام طواعية لتقديم المساعدة لأولئك الذين أصيبوا بالقلق وأولئك الذين عانوا من مشاكل في طلاقة الكلام بسبب التجربة حتى أنها حاولت العلاج التعزيزي الإيجابي9 لديهم.
وبالمثل، اعتذر جونسون بعد عام قائلاً إن الأطفال سيتعافون بالتأكيد في الوقت المناسب، على الرغم من أنه كان من الواضح أن دراسته تركت بصمة سلبية عليهم.
أطلق أقران جونسون وزملاؤه من الباحثين على هذا البحث اسم “دراسة الوحش” ، واصفين إياه بأنه من غير المقبول استخدام الأطفال الأيتام لاختبار تلك الفرضية. حاليًا، وبعد عدة حالات مماثلة لهذه الحالة، تمت إعادة صياغة المعايير الأخلاقية للبحث في علم النفس بطريقة مهمة.
إقرأ أيضا : تجربة الكون 25 المثيرة : كيف يمكن أن تتحول الجنة إلى جحيم