قصة هيرو أونودا : قصة وفاء وانضباط ألهمت اليابان
نظرة سريعة على محتويات المقال:
تعتبر قصة هيرو أونودا من بين أكثر القصص المؤثرة في تاريخ بلاد الساموراي، حيث يمكن اعتبارها مثالا حيا للمثابرة والانضباط وهي أحد كثر السمات والصفات التي تميز الشعب الياباني منذ القدم.
إن المجتمع الذي يؤمن بالعمل الجاد والولاء المطلق والأصل الإلهي لإمبراطوره لا يمكنه سوى خلق نوع واحد من الجنود، وبطلنا لقصة اليوم هو أحد هؤلاء الجنود.
لقد حارب وناضل هيرو أونودا لمدة تفوق ال 30 سنة متخفيا في إحدى غابات الفلبين، كان الاستسلام دائمًا خارج خياراته، لم يكن خيارا لأنه كان وصمة عار.
لقد حدثت قصة هيرو أونودا في عز أجواء الحرب العالمية الثانية، ففي 6 من أغسطس لسنة 1945، أسقطت الولايات المتحدة القنبلة النووية على هيروشيما. في 9 أغسطس، بينما غزا الاتحاد السوفييتي منشوريا، منتهكًا بذلك اتفاقية الحياد مع اليابان.
وفي اليوم نفسه، بعد ساعات قليلة، أسقطت الولايات المتحدة القنبلة الثانية على ناغازاكي (على الرغم من أنه قد يبدو الأمر لا يصدق، فقد نجا رجل من كلتا القنبلتين). وفي 15 أغسطس، أعلنت اليابان استسلامها.
وفي 2 سبتمبر، تم التوقيع على إعلان بوتسدام. لقد انتهت الحرب العالمية الثانية بالنسبة لجميع البلدان المعنية. باستثناء الملازم هيرو أونودا، ضابط مخابرات الجيش الإمبراطوري والذي ظل مختبئا في أدغال غابات الفلبين مع بعض من زملائه يحاربون العدو الذي ل يعد له وجود، وظل على تلك الحال ل 30 سنة.
إقرأ أيضا : قصة اوميرا سانشيز : الفتاة التي ماتت أمام أنظار العالم
قصة الجندي الياباني هيرو أونودا
قبل الحديث عن قصة هيرو أونودا، من المهم أولا معرفة من هو هيرو أونودا Hiroo Onoda؟ ما هي قصة الجندي الياباني هيرو أونودا؟ ولماذا اشتهرت قصته في اليابان وبل في العالم؟
هيرو أونودا (小野田 寛郎) هو ضابط استطلاع في الجيش الياباني، قاتل في الحرب العالمية الثانية، ولم يستسلم حتى عام 1974.
ولد أونودا في 19 مارس 1922. وفي سن السابعة عشرة، ذهب للعمل في الصين التي يحتلها الجيش الإمبراطوري. في عام 1942، عندما كان عمره 20 عامًا وبعد دخول الولايات المتحدة الحرب، التحق أونودا بالجيش.
وهناك قاموا بتدريبه على تقنيات حرب العصابات والاستخبارات العسكرية. في نهاية عام 1944 ومع اقتراب الحرب من نهايتها على الجبهة الأوروبية، تم تعيين أونودا في جزيرة لوبانغ الفلبينية، حيث كان من المفترض أن يشن حرب عصابات ضد القوات الأمريكية.
في عام 1945، استسلمت اليابان للحلفاء، لكن أونودا لم يصدق ذلك. فقد كان مقتنعًا بأن أمر الاستسلام كان مزيفًا، وأن الحرب لم تنته بعد.
بعد إستسلام اليابان، عندها بدأت خطة لإعلان نهاية الحرب وإجلاء لمجموعات من الجنود اليابانيين مثل جنود أونودا، المتوزعين خلال حملات مختلفة.
لكن هيرو أونودا ومجموعته رفضوا ذلك دائمًا: لقد اعتبروا الأمر برمته مجرد دعاية. ولم تكن اليابان لتستسلم أبداً للولايات المتحدة. بالنسبة لهم، استمرت الحرب. وواصلوا تنفيذ أعمال التخريب في الجزيرة وسرقوا الطعام من القرى المجاورة.
مع اثنين من زملائه، اختبأ أونودا في الغابة لمدة 29 عامًا، واصل خلالها القتال ضد القوات الأمريكية والفلبينية. خلال تلك الفترة، قتل أونودا ما يقدر بـ 30 شخصًا، بينهم مدنيون.
هناك عدة أسباب لرفض أونودا الاستسلام، منها:
- تدريبه العسكري: تلقى أونودا تدريبًا عسكريًا صارمًا، تم فيه زرع فيه الشعور بالوطنية والالتزام بالواجب.
- أمره من قائده: تلقى أونودا أمرًا من قائده بعدم الاستسلام، حتى لو كانت الحرب قد انتهت.
- إيمانه بالوطنية: كان أونودا مؤمنًا بالوطنية اليابانية، وكان مقتنعًا بأن واجبه هو القتال من أجل بلاده.
إقرأ أيضا: الرجل الفيل جوزيف ميريك : الرجل الذي عاش بائسا ومات مختنقا بسبب شكله
3 عقود من الكر والفر
دخل هيرو أونودا وزملائه في مواجهات مباشرة مع السكان المحللين في الجزيرة وقتلوا في مواجهات متتالية نحو 30 قروياً لاعتبارهم أعداء. وتم تنظيم دوريات للبحث عنهم، إلا أن هؤلاء الجنود نجحوا في تجنبهم. لقد بنوا أكواخًا من الخيزران وأصلحوا زيهم الرسمي باستمرار.
من بين مجموعة الجنود بقيادة هيرو أونودا، استسلم أحدهم في عام 1950 للقوات الفلبينية، بعد خمس سنوات من نهاية الحرب العالمية الثانية. أما الثاني فقُتل بالرصاص عام 1954، بعد تسع سنوات. والثالث مات أيضاً بطلق ناري عام 1972.
ظل هيرو أونودا وحيدا بعد موت وإستسلام كل زملائه، يختبئ في الجزيرة موقنا بعدم نهاية الحرب ورافضا لفكرة إستسلام اليابان من الأساس، لقد كان يشن غارات ليلية مفاجئة على السكان المحليين لسرقة مايمكن أن يسد به رمقه.
في عام 1974، تم العثور على أونودا من قبل فريق من الجنود اليابانيين والفلبينيين. بعد تلقي تعليمات مباشرة من الإمبراطور الياباني، استسلم أونودا وعاد إلى اليابان.
منحه رئيس الفلبين عفوا رئاسيا عن جرائمه التي اركتبها في الجزيرة، معتبرا أنه ارتكبها معتقدا أنه في حالة حرب. عاد أونودا إلى موطنه اليابان وتم الترحيب به كبطل, لتكتب قصة هيرو أونودا مع الإختباء والهروب والقتال.
إقرأ أيضا : قصة ميشيل لوتيتو : الرجل الذي أكل طائرة في سنتين
قصة هيرو أونودا رمز للمثابرة والإنضباط
بعد عودته إلى اليابان، أصبح هيرو أونودا رمزًا للوطنية اليابانية. وقد كتب كتابًا عن تجربته، بعنوان “الرجل الذي قاتل 30 عامًا”.
لقد كانت المثابرة في أداء الواجب قيمة مفقودة في هذا المجتمع الياباني الحديث والمعاصر، لذلك كانت قصة هيرو أونودا مثالا يحتدى به للشباب الياباني على وجه الخصوص.
لم تكن هذه هي الحقيقة الوحيدة التي واجهها الملازم القديم هيرو أونودا، لقد تحولت بلاده في فترة غيابه إلى شيء آخر لا يمكن التعرف عليه. ناطحات السحاب والسيارات الحديثة وأجهزة التلفزيون غمرت المدن المزدحمة مثل طوكيو. لكنه رأى أيضًا كيف أصبح المجتمع فاسدا: فقد أصبح الآن أكثر مادية وسطحية.
إقرأ أيضا : قصة ديفيد فيتر : الطفل الذي عاش كل حياته داخل فقاعة بلاستيكية
وفاة هيرو أونودا
بعد عودته لليابان ومعاملته كبطل، عاش هيرو أونودا لفترة في البرازيل وتزوج، بعدها عاد أونودا مرة أخرى إلى اليابان وأنشأ مدرسة لتعليم أساليب البقاء على قيد الحياة للشباب، على أمل نقل قيمه لهم.
انتهى به الأمر بكتابة سيرة ذاتية عن تجربته في الحرب بعنوان “لا استسلام: حربي التي استمرت 30 عامًا”. أمضى هيرو أونودا بقية حياته في اليابان حيث عاش بسلام حتى وفاته عام 2014 عن عمر يناهز 91 عامًا.
توفي أونودا في 17 يناير 2014 عن عمر يناهز 91 عامًا، تاركا ورائه إرثا ثقافيا وإجتماعيا يحتدى به، وتظل قصة هيرو أونودا مثالا للمثابرة والإخلاص والصبر.
إقرأ أيضا : قصة لينا ميدينا : أصغر فتاة حامل في التاريخ
فيلم الجندي الياباني هيرو أونودا
لقد كان تأثير قصة أونودا قويا جدا في المجتمع الياباني الذي كان منكسرا بعد الحرب، خاصة بعد الهزيمة والإستسلام وهم أمرا لم يستسغه معظم اليابانيين.
قصة هيرو أونودا هي قصة عن الوطنية والتضحية والإخلاص. وقد ألهمت العديد من الناس في جميع أنحاء العالم وليس في اليابان فقط.
وقد تم تصوير قصة أونودا في عدة أفلام وبرامج تلفزيونية، منها:
- فيلم “آخر ساموراي” (2003)
- فيلم “الرجل الذي قاتل 30 عامًا” (2014)
- مسلسل “الرجل الذي قاتل 30 عامًا” (2014)
المصادر