كيف تعمل الذاكرة البشرية : معلومات مثيرة وغير متوقعة
نظرة سريعة على محتويات المقال:
كيف تعمل الذاكرة البشرية وماهي أنواع الذاكرة وما هي الأمراض التي من الممكن أن تصيب ذاكرتنا ؟ قبل الإجابة عن كل هاته الأسئلة، يجب علينا أولا أن نعرف ما هي الذاكرة.
مفهوم الذاكرة
نسمي الذاكرة قدرة الدماغ على تخزين وترميز واسترجاع المعلومات المكتسبة من خلال الخبرة أو آليات التعلم المختلفة، إن الذاكرة تسمح للكائن الحي باشتقاق التعلم مما جربه وتعديل سلوكه من أجل التكيف بشكل أفضل مع المواقف المستقبلية، لذلك فهي جزء أساسي من التعلم.
لا تقتصر الذاكرة على البشر، بل تشترك في هذه القدرة مع الحيوانات، على الرغم من عدم وجود تفسير مثبت لظاهرة الذاكرة والتفكير، يُعتقد أن السبب الأول هو نتيجة الشبكات العصبية التي يتم إنشاؤها من خلال اتصال متشابك متكرر بين الخلايا العصبية.
ومع ذلك، يبدو أن القدرة على تكوين الذكريات تنتشر عبر فصوص وأقسام الدماغ، على طول شبكة واسعة من حوالي 100 مليار خلية عصبية و 100 تريليون وصلة متشابكة فيما بينها.
يحتوي جهاز تخزين المعلومات البيولوجية هذا، وفقًا للتقديرات (نظرًا لعدم وجود طريقة لقياس سعة الدماغ، بين 1 و 10 تيرابايت (1 تيرابايت = 1024 ميجا بايت) من المعلومات هذا يعادل حوالي عشرة تريليون صفحة موسوعة.
إقرأ أيضا : الذاكرة الفوتوغرافية حقيقة علمية أم مجرد سراب
دراسات البشر حول الذاكرة
بدأت دراسة الذاكرة بالحضارات القديمة التي نسب إليها فلاسفتها العديد من الخصائص الإلهية، بالنسبة لليونانيين القدماء، على سبيل المثال، كانت نيموسين إلهة الذاكرة.
في القرن التاسع عشر، تعمقت الدراسة الرسمية للذاكرة وأشكالها، بناءً على مساهمات ويليام جيمس (1890) وخاصة هيرمان إبنغهاوس (1885).
في وقت لاحق تم إزاحته من مجال اهتمام علم النفس بالنظر إلى غلبة مذهب السلوكية خلال أوائل القرن العشرين واستعاد أهميته كموضوع حيوي لدراسة العقل منذ عام 1950 مع الثورة المعرفية.
من ناحية أخرى، فإن ظهور الكمبيوتر كتشبيه لقدرات دماغ الإنسان يفترض نظرة جديدة على الذاكرة.
إقرأ أيضا : تقنية قصر الذاكرة : إبنِ قصرا في ذاكرتك لتتذكر كل شيء
الفرق بين ذاكرة البشر وذاكرة الحيوان
ألم يتبادر إلى ذهنك في يوم من الأيام كيف تعمل الذاكرة البشرية وما الفرق بينها وبين الذاكرة الحيوانية.
تختلف ذاكرة الإنسان عن ذاكرة الحيوانات من حيث أنها أقل اعتمادًا على صلابة النبضات، يولد الطفل البشري كصفحة فارغة وسيكون قادرًا على تسجيل جميع الأحداث التي تحدث له في الحياة، لتحديد هويته بناءً على ذكرياته الحيوية.
في الوقت نفسه، فإن الوظائف الحيوية التي لا تتطلب التعلم، مثل التنفس أو ردود الفعل، هي أكثر بدائية وأساسية في دعم الأعصاب لجسمنا، ولهذا السبب يجب ألا نتعلم القيام بها.
إقرأ أيضا : ظاهرة قوس قزح : كيف تتشكل ولماذا تتكون من 7 ألوان
أنواع الذاكرة
يتعلق التصنيف الأكثر شيوعًا لأشكال الذاكرة بالحواس المشاركة في تكوين الذاكرة (الذاكرة الحسية)، أو بالقدرة الاستدلالية للأحداث الماضية، كما يحدث عندما نشم رائحة مألوفة أو نستمع إلى أغنية الطفولة.
هذه الأنواع من الذاكرة الحسية هي الذاكرة السمعية و الذاكرة البصرية واللمسية والذوقية والشمية، من بين أهمهم جميعًا، السمع والبصري (أهم الحواس بالنسبة لجنسنا البشري)، عادة ما يكونان الأكثر انتشارًا.
هناك أيضًا ذاكرة تشغيلية، لم تعد مخصصة لتخزين هذه المعلومات الحسية ولكن لتوضيحها في الذكريات، أي للقفزة في المعنى بين المنبه الخارجي والتجربة السابقة.
أخيرًا، عادة ما يتم التمييز بين الذاكرة الأولية (قصيرة المدى) والثانوية (طويلة المدى).
الذاكرة طويلة المدى
الذاكرة طويلة المدى، والتي تسمى أيضًا الذاكرة غير النشطة أو الثانوية، هي تلك التي تسمح لنا بالعودة إلى الأحداث البعيدة في الوقت المناسب والتي لا يوجد بها اتصال حقيقي مباشر وحديث، ولكنها بعيدة وغالبًا ما تكون غير دقيقة.
لا تزال آلياتها البيولوجية غير معروفة، ولكن يُعتقد أنها تشكل شكلاً من أشكال الذاكرة قصيرة المدى التي تصبح من خلال أنماط التكرار وإعادة الإرسال، أكثر ديمومة ولكنها غير مرئية.
من المعروف أيضًا أن الأحداث الأكثر أهمية من الناحية العاطفية، أي أكثر إيلامًا أو متعة، تميل إلى أن تكون ثابتة بقوة أكبر في الذاكرة طويلة المدى، ويمكن أن تكون موجودة في السلوك اليومي على الرغم من أن الموضوع لا يستحضرها بوعي كما حذر سيغموند فرويد في دراساته حول طبيعة الصدمة.
الذاكرة قصيرة المدى
الذاكرة قصيرة المدى، والتي تسمى أيضًا الذاكرة النشطة أو الأولية، هي التي تسمح بالحفاظ على كمية محدودة من المعلومات في الانتباه العقلي، وبالتالي فهي متاحة على الفور للاستخدام والتذكر لفترة قصيرة من الزمن، بعد هذه الفترة، تُنسى الذاكرة وتختفي وتُستبدل بأخرى جديدة.
تتميز عن الذاكرة الثانوية في أن صياغاتها لا تدوم عادة، وفي معظم الحالات لا يمكن استرجاعها لاحقًا، حيث تعتبر”مخزن” بيانات مستقل، مع آليات تنشيط مستقلة تمامًا وردود فعل كيميائية حيوية.
إقرأ أيضا : ظاهرة السراب : من أكثر الظواهر المثيرة للفضول على كوكبنا
كيف تعمل الذاكرة البشرية
تعمل الذاكرة على أساس ثلاث مراحل مختلفة، يقوم خلالها الانتباه العقلي بأدوار محددة، هذه المراحل هي :
- التسجيل أو الترميز : يتم تحويل المعلومات القادمة من الحواس إلى رموز لفظية ومرئية وحسية يمكن التعامل معها بشكل مستقل، يمكن أن تنعكس هذه الرموز أو يمكن نقلها من خلال اللغة، إنها عملية تجريد معقدة.
- التخزين : الاحتفاظ بالمعلومات، سواء في الذاكرة قصيرة المدى (سريعة الزوال ولكنها سريعة) وفي الذاكرة طويلة المدى (دائمة ولكنها بطيئة وغير دقيقة).
- الإستعادة : يُطلق عليها أيضًا اسم مكان التجميع، وتتعلق بموقع المعلومات وتحديثها، واستحضارها والعودة إلى الوعي، والتي يمكن من خلالها العودة إلى الذاكرة المتغيرة قليلاً.
كيف تعمل الذاكرة البشرية وماهي مراحل الذكرة ؟
هنالك مرحلتين مختلفتين فيما يتعلق بوظائف الذاكرة :
- على المستوى المادي : تربط الخلايا العصبية في الدماغ عملياتها التي تسمى التشعبات، لصنع نقاط الاشتباك العصبي ونقل سلسلة من الإشارات من واحدة إلى أخرى في شكل نبضات كهربائية ومواد كيميائية، ثم تُترجم هذه النبضات الكهربائية إلى أحاسيس في القشرة الدماغية.
- على المستوى النفسي : الأشكال المختلفة للذاكرة في تفاعل مستمر واستحضار (واع وغير واعي) للمحتوى العاطفي أو المنطقي أو التجريبي أو أي محتوى يحتاجه الشخص في حياته اليومية، يسمح هذا التعاون بتعقيد العمليات العقلية للاستدلال والاستنتاج.
العوامل التي تؤثر سلبا على الذاكرة
إن قلة التمرين والخمول العقلي الشديد، بالإضافة إلى قلة النوم المزمنة، ومشاكل الغدة الدرقية (التمثيل الغذائي)، والتدخين، وبعض حالات التوتر العاطفي مثل الاكتئاب والقلق، لها آثار مدمرة على ديناميكيات ووظائف الذاكرة.
إليكم مقال مفصل حول كيفية الإقلاع عن التدخين: أفضل الطرق للإقلاع عن التدخين: طرق طبيعية مجربة وفعّالة
العوامل التي تؤثر إيجابيا على الذاكرة
إن عادات التحفيز الفكري مثل القراءة والتمارين الذهنية، وتناول مضادات الأكسدة مثل الشاي الأخضر وفيتامين ب 12 وفيتامين د والإندورفين وهرمونات التخلص من التوتر التي يفرزها الجسم أثناء ممارسة الرياضة البدنية أو الجماع تساهم في تعزيز التأثير على الذاكرة والعمليات العقلية، كما أن النوم الكافي وتناول القهوة هي أيضًا من بين هذه العوامل المؤثرة الإيجابية.
الأمراض التي تصيب الذاكرة
هناك أمراض تؤثر على عمل الذاكرة البشرية، في نطاق يمكن أن يتراوح من فقدان الذاكرة المؤقت، مثل الذي يعاني منه أثناء حالة الصدمة والذي يتعافى بشكل طبيعي وتدريجي، إلى الأمراض التنكسية التي تفسد الذاكرة مثل مرض الزهايمر بسبب ظهور لويحات وعقدة في مناطق مختلفة من القشرة الدماغية تؤثر بشكل سلبي في عمل الذاكرة وبالتي تؤدي إلى خلل دائم في وظائفها.