الدولة الأموية من الميلاد إلى السقوط ومن الإزدهار إلى الإندحار
نظرة سريعة على محتويات المقال:
لقد شهد التاريخ البشري و الإنساني ظهور العديد من الدول والحضارات والإمبراطوريات مختلفة الأعراق و العادات والتقاليد في مواقع جغرافية مختلفة و في كل بقاع الأرض.
الدول العربية و الإسلامية بكل مذاهبها لم تشكل إستثناء، فلقد ظهرت العديد من الدول الإسلامية والتي تركت ورائها تاريخا مشرفا و مشرقا و لعل أهم هاته الدول:
الدولة الأموية والتي كانت عاصمتها دمشق، ثم الدولة العباسية والتي أزاحت الدولة الأموية عن الحكم ونقلت عاصمة الدولة من دمشق إلى الكوفة.
ومن أبرز الدول الإسلامية أيضا نذكر دولة المماليك في مصر والتي حققت نصرا تاريخيا على المغول الذين كانوا يشكلون بعبعا مخيفا للمسلمين والمسيحيين وذلك عن طريق سيف الدين قطز و ركن الدين بيبرس في معركة عين جالوت التاريخية.
كما لا يسعنا التغافل عن الدولة الأيوبية و التي نشأت في مصر و التي أسست ما بين مصر و المغرب ونافست الدولة العباسية.
في مقال اليوم سنتطرق للحديث عن أهم المحطات التاريخية في الدولة الأموية و مؤسسيها وأسباب سقوطها.
إقرأ أيضا : معركة ذات العيون : عندما فُقِعت ألف عين من الجيش الفارسي
تأسيس الدولة الأموية
لقد تم تأسيس الدولة الأموية على يد معاوية إبن أبي سفيان سنة 41 للهجرة ولقد كان يتقلد منصب والي الشام آنذاك. لتصبح بعد ذلك دولة الأمويين أكبر ثاني خلافة إسلامية في التاريخ.
وقد كان بنو أمية أول الأسر الحاكمة في تاريخ الدولة الأموية، سميت الدولة الأموية بهذا الإسم نسبة إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف والذي كان من الشخصيات القوية والمؤثرة في بني قريش أيام الجاهلية.
أتخذ الأمويون من دمشق عاصمة لخلافتهم وقد توراث بني أمية حكم الدولة الأموية فيما بينهم لمدة تصل إلى 91 سنة، شهدت فيها الدولة الأموية توسعا جغرافيا كبيرا منقطع النظير وصل إلى أوروبا، حيث أصبحت دولة شاسعة ومترامية الأطراف ومزدهرة في كل المجالات العلمية والأدبية والثقافية، إلى أن سقطت الدولة الأموية سنة 750 للهجرة.
تأسست الدولة الأموية عام 661 م على يد معاوية بن أبي سفيان، بعد وفاة الخليفة علي بن أبي طالب. اتخذ الأمويون من دمشق عاصمة لدولتهم، وامتدت حدودها لتشمل بلاد الشام ومصر والعراق وشمال إفريقيا وإسبانيا وأجزاء من آسيا الصغرى.
إقرأ أيضاً: معاهدة صلح الحديبية: معاهدة قلبت الموازين بين المسلمين وقريش
إنجازات الدولة الأموية
كان تاريخ الدولة الأموية حافلا بالإنجازات، خاصة تحت ولاية معاوية حيث تمكن من القضاء على الفتنة في ربوع الدولة وأسس جيشا قويا يحسب له ألف حساب وجال بقاع الأرض شرقا و غربا.
كما شهد العالم الإسلامي في ظل الخلافة الأموية ازدهارا كبيرا جدا في جميع المجالات، حيث تم العناية بالعلم والعلماء والأدباء مما أدى إلى ظهور العديد من المفكرين والعلماء المبدعين في دمشق والإسكندرية والمدينة المنورة وباقي مدن الخلافة الإسلامية.
من الجدير بالذكر أن العرب برعوا في مجالات الكيمياء والفيزياء والطب وغيرها من العلوم، حيث حصدت دولة الأمويين ثمار ما زرعته من إهتمام وعناية بالعلم والعلماء.
أهم إنجازات الأمويين:
- التوسع الإسلامي: تميزت الدولة الأموية بفتوحاتها الإسلامية الواسعة، حيث ضمت بلادًا جديدة إلى الدولة الإسلامية، مثل الأندلس وشمال إفريقيا.
- تنظيم الدولة: أنشأ الأمويون نظامًا إداريًا مركزيًا، وقاموا بتنظيم الجيش والضرائب، وضبطوا شؤون الدولة.
- النهضة العلمية: شجّع الأمويون العلوم والآداب، وازدهرت الحضارة العربية في عهدهم. ظهر العديد من العلماء والأدباء في مختلف المجالات، مثل الطب والفلك والرياضيات واللغة العربية.
- بناء المساجد: بنى الأمويون العديد من المساجد الكبرى، مثل مسجد دمشق الكبير ومسجد الأمويين في القدس، والتي أصبحت رمزًا للحضارة العربية الإسلامية.
- التجارة: ازدهرت التجارة في عهد الأمويين، وربطت الدولة الإسلامية بين الشرق والغرب. تم تأسيس أسواق تجارية ونظم ضرائبية لتنظيم التجارة.
الدولة الاموية في الاندلس
قام طارق بن زياد فاتح الأندلس بحملة عسكرية قوية بدعم كبير من الدولة الأموية سنة 92 هجرية الموافق ل سنة 711 ميلادية ضد مملكة القوط في إسبانيا بجيش أغلبه من البربر، حيث أنتصر فيها طارق بن زياد وفتح الأندلس وضمها للخلافة الإسلامية تحت راية الدولة الأموية آنذاك لتشكل إمتدادا و توسعا جغرافيا كبيرا لبني أمية.
في المقابل تميزت الدولة الأموية في الأندلس بإزدهار ورخاء إقتصادي وعسكري وتجاري وعمراني منقطع النضير.
كما شهدت نهضة في العلوم مما أدى إلى ضهور نخبة من العلماء والمفكرين في الأندلس بمختلف الديانات والأعراق، حيث صارت مدينة قرطبة قبلة عالمية للعلم والعلماء فيما كان نبلاء الغرب والمسيحيين لا يجيدون الكتابة والقراءة.
لعل أبرز العلماء في تلك الحقبة هم : عالم المثلثات جابر بن أفلح والجراح أبو قاسم الزهراوي وعالم الفلك يحيى الزرقالي وعالم الصيدلة الشهير جدا إبن زهر وغيرهم الكثير.
استطاعت الدولة الأموية في الأندلس تحقيق إنجازات عظيمة في مختلف المجالات، منها:
السياسة
- توحيد الأندلس تحت حكم واحد.
- توسيع حدود الدولة لتشمل معظم شبه الجزيرة الإيبيرية.
- bإقامة علاقات دبلوماسية مع الدول الأخرى.
الاقتصاد
- ازدهار التجارة والزراعة والصناعة.
- بناء العديد من الطرق والقنوات والأسواق.
الثقافة
- تأسيس العديد من المدارس والجامعات.
- ظهور العديد من العلماء والأدباء والفنانين.
- بناء العديد من المساجد والقصور والآثار.
أهم الأحداث في تاريخ الدولة الأموية
- معركة صفين: عام 657 م، وقعت معركة صفين بين جيش علي بن أبي طالب وجيش معاوية بن أبي سفيان. انتهت المعركة بالتحكيم، واتفق علي ومعاوية على تعيين أبو موسى الأشعري وعمرو بن العاص محكمين لتحديد من هو الخليفة الشرعي.
- معركة كربلاء: عام 680 م، وقعت معركة كربلاء بين جيش يزيد بن معاوية وجيش الحسين بن علي. استُشهد الحسين وأصحابه في هذه المعركة، والتي أصبحت رمزًا للظلم والاضطهاد في التاريخ الإسلامي.
- فتح الأندلس: عام 711 م، فتح طارق بن زياد الأندلس، وأصبحت جزءًا من الدولة الإسلامية.
- الثورة العباسية: عام 750 م، قام العباسيون بثورة ضد الأمويين، وانتهت الثورة بسقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية.
قد يهمك: رحلات ابن بطوطة المكوكية : أشهر رحالة مسلم عبر العصور
إنهيار وسقوط الدولة الأموية
كان الخليفة الأموي هشام إبن عبد الملك آخر خلفاء الدولة الأموية حكمة و بصيرة و بعد نظر، حيث جاء من بعده العديد من الخلفاء المستهترين وانشغلوا في الجري وراء رغباتهم ونزواتهم و غرقوا في مستنقعات التبذير والترف وصرف المال بدون تفكير، مما أدى إلى إنتشار الفساد الإداري و التفكك الإجتماعي.
تراجعت دولة الأمويين في جل المجالات، مما إنعكس سلبا عليها وأدى إلى تفككها و سقوطها سنة 750 للهجرة ليكتب التاريخ نهاية حزينة لواحدة من أقوى وأكبر الخلافات الإسلامية.
ويمكننا تلخيص سقوط الدولة الأموية فيما يلي:
- الصراعات الداخلية: كانت هناك صراعات داخلية بين أفراد العائلة الأموية.
- الثورات: قامت العديد من الثورات ضد الأمويين في مختلف أنحاء الدولة.
- ضعف الخلفاء: كان بعض الخلفاء الأمويين ضعفاء، ولم يتمكنوا من إدارة الدولة بشكل فعّال.
إقرأ أيضا : الحملات الصليبية : دوافعها وأسبابها ونتائجها
أهم خلفاء الدولة الأموية
- معاوية بن أبي سفيان: مؤسس الدولة الأموية, لقد جعل من دمشق عاصمة للخلافة الإسلامية وبنى جيشا قويا قام بإرساله لتحرير مدينة القسطنطينية و لم يذخر جهدا في سبيل فتحها.
- يزيد بن معاوية: ورث الحكم عن أبيه معاوية بن أبي سفيان و كان خير خلف لخير سلف، وأرسل الجيوش شرقا وغربا، حيث في عهده مات الحسين بن علي عليهما السلام في معركة كربلاء.
- عبد الله بن الزبير: إتسمت فترة حكمه بالإزدهار و العدل و كان تقيا محبا للعلم و العلماء و قد قتل على يد الحجاج بن يوسف.
- عبد الملك بن مروان: من أشهر الخلفاء الأمويين، حيث كان لا يتردد في القتال و إرسال الجيوش للتوسع و نشر الإسلام وقد غزا الهند ووصل إلى الصين وقضى على الخوارج و المتمردين و قد كان من بين الأوائل الذين قامو بسك النقود الإسلامية و أول من كسا الكعبة الشريفة بالحرير و الديباج و إنجازاته تتكلم عنه.
- عمر بن عبد العزيز: لقد تميز عمر بن عبد العزيز بالعدل وكان من بين أعدل الخلفاء في تاريخ الخلافة الإسلامية و قام بإعادة الأموال التي كانت بحوزة الأسرة الحاكمة إلى بيت المال لصرفها على المسلمين، مما جلب عليه سخط و نقمة باقي النبلاء و الأمراء الأمويين. وقد إشتهر عمر بن عبد العزيز بالمقولة الشهيرة “أنثروا القمح على الجبال كي لا يقولو قد مات طير بالجوع في بلاد المسلمين” حيث أنه و في فترة حكمه كان من الصعب وجود فقير أو محتاج حتى فاض المال و لم يعد هنالك محتاجون.
إقرأ أيضا : حرب البسوس : الحرب الدامية التي إستمرت 40 سنة بسبب ناقة
أثرها على الحضارة الإنسانية
تركت الدولة الأموية في الأندلس أثرًا كبيرًا على الحضارة الإنسانية، منها:
- نقل العلوم والمعارف من الشرق إلى الغرب.
- المساهمة في تطوير العلوم والفلسفة والطب.
- إثراء الفنون والعمارة والآداب.
يُعدّ الأمويون من أهم السلالات الإسلامية في التاريخ. لقد تركوا إرثًا غنيًا في مختلف المجالات، مثل: السياسة والإدارة والعلم والثقافة. لا تزال آثار حضارتهم موجودة حتى اليوم، مثل مسجد دمشق الكبير ومسجد الأمويين في القدس.
إقرأ أيضا : معركة عين جالوت : حين وضع المسلمون حدا لتوسعات المغول وكسرو شوكتهم
روابط مهمة :
- لتحميل كتاب الدولة الأموية PDF عوامل الإزدهار وتداعيات الإنهيار أنقر هنا.
- لتحميل كتاب الدولة الأموية من الميلاد إلى السقوط PDF أنقر هنا.
- لمشاهدة مسلسل “عمر بن عبد العزيز” الذي يصف لنا فترة من الفترات الذهبية لبني أمية تحت عهد “عمر بن عبد العزيز” و الذي قام بتأدية دوره الفنان القدير “نور الشريف” رحمه الله، أنقر هنا.