حرب البسوس

حرب البسوس : حرب دامية استمرت مدة 40 سنة بسبب ناقة

تعتبر حرب البسوس واحدة من أشهر الحروب في التاريخ العربي وأكثرها شراسة وضراوة، إذن ما هي حرب البسوس؟ وأين وقعت؟ كم استمرت وما سببها؟

حرب البسوس هي حرب قامت بين قبيلتي تغلب بن وائل وبنو شيبان من قبيلة بكر بن وائل، استمرت أربعين عاماً من سنة 494م حتى سنة 534م، وقيل بضعة وعشرين عاماً.

لقد قامت الحرب بين قبيلة تغلب بن وائل وأحلافها ضد بني شيبان وأحلافها من قبيلة بكر بعد قتل جساس بن مرة الشيباني البكري لكليب بن ربيعة التغلبي.

تداولت كتب التاريخ أنّ سبب اندلاع حرب البسوس هي ناقةٌ؛ حيث كانت هذه الناقة ترافق ابنة منقذ في زيارةٍ لمضارب بني بكر وكانت قد توجّهت إلى بئرٍ يعود لقبيلة تغلب لتروي ظمأها، وكانت هذه اللحظة بمثابة شرارة للحرب؛ حيث قام كُلَيب بقتل هذه الناقة كونها شربت دون إذنه.

أثّرت حرب البسوس على المجتمع العربي بشكل كبير، حيث أدت إلى هلاك العديد من الرجال والنساء، وإلى تشريد الكثير من الناس، كما أدت إلى ضعف قوة قبيلتي تغلب وبكر بن وائل، وإلى ازدياد نفوذ قبيلة قريش.

إقرأ أيضا : حرب المائة عام : حرب العدوين اللدودين فرنسا وإنجلترا

حرب البسوس كم استمرت : تاريخ حرب البسوس

حرب البسوس هي حرب أهلية وقعت في الجزيرة العربية بين عامي 278 هـ و 279 هـ (891م – 892م)، وتحديداً في نجد، تعتبر حرب البسوس من الحروب الهامة التي ساهمت في تكوين التاريخ والهوية الثقافية للجزيرة العربية.

بدأت الحرب في عام 494م، واستمرت لمدة أربعين عاما، وكانت من أطول الحروب في تاريخ العرب القديم.

وقعت الحرب في شبه الجزيرة العربية، في منطقة نجد، وامتدت إلى مناطق أخرى في الجزيرة، مثل الحجاز والعراق.

كان سبب حرب البسوس هو الخلاف بين كليب بن ربيعة التغلبي وجساس بن مرة الشيباني البكري.

كانت الحرب شديدة العنف، وراح ضحيتها الكثير من القتلى.

كان لهذه الحرب أثر كبير على تاريخ العرب، وساهمت في ظهور العديد من الشخصيات التاريخية البارزة، مثل الزير سالم، الذي كان من أبرز أبطال قبيلة تغلب في الحرب.

وتعد حرب البسوس من أهم الأحداث التي ورد ذكرها في الشعر العربي، وتناولها العديد من الشعراء في قصائدهم، ومن أشهر هذه القصائد قصيدة “معلقة عنترة”.

إقرأ أيضا : ما هي الحرب الباردة : الحرب التي قسمت العالم لكتلتين

أسباب حرب البسوس

حرب البسوس

أسباب حرب البسوس متعددة ومعقدة، وتعكس التوترات الاجتماعية والسياسية التي كانت تميز الجزيرة العربية في ذلك الزمن.

سبب حرب البسوس هو قتل جساس بن مرة الشيباني لبنت عمه البسوس بنت منقذ، وذلك انتقاماً لها من كليب بن ربيعة التغلبي الذي قتل ناقتها.

كانت البسوس بنت منقذ من قبيلة بني تميم، وكانت تمتلك ناقة جميلة جداً، وكان كليب بن ربيعة سيد قبيلة تغلب، وكان معروفاً بحبه للجمال، ذات يوم، رأى كليب الناقة عند البسوس، فأعجب بها كثيراً، وسألها أن يبيعها إياه، ولكنها رفضت.

غضب كليب من رفض البسوس، فقتل ناقتها، علمت البسوس بما حدث، فغضبت بشدة، وقررت أن تأخذ ثأرها من كليب.

ذهبت البسوس إلى قبيلة بكر بن وائل، ووجدت ابن عمها جساس بن مرة، وطلبت منه أن يساعدها في قتل كليب، وافق جساس على طلب البسوس، وفي يوم من الأيام، قتل كليب بن ربيعة انتقاماً لخالته البسوس.

كان مقتل كليب بن ربيعة سبباً في اندلاع حرب البسوس، التي استمرت لمدة أربعين عاماً، وراح ضحيتها العديد من الرجال والنساء.

العوامل التي ساهمت في اندلاع حرب البسوس:

  • الرغبة في الثأر: كان مقتل كليب بن ربيعة سبباً رئيسياً في اندلاع الحرب، حيث أراد قبيلة تغلب الثأر لزعيمهم.
  • الخلافات القبلية: كانت هناك خلافات تاريخية بين قبيلتي تغلب وبكر بن وائل، وقد ساهمت هذه الخلافات في اندلاع الحرب.
  • الديناميات العائلية: العلاقات بين أفراد العائلة والصراعات داخل العائلة لها تأثيرها الخاص في تصاعد حدة الأحداث واندلاع الحرب.
  • ضعف الحكم: كان الحكم في الجزيرة العربية في ذلك الوقت ضعيفاً، ولم يكن هناك قوة قادرة على منع اندلاع الحرب.

في النهاية، تعد حرب البسوس حدثًا تاريخيًا معقدًا نتج عن مجموعة من العوامل المتشابكة، وقد أثرت هذه الحرب بشكل كبير على تاريخ وثقافة الجزيرة العربية.

إقرأ أيضا: الحرب الأهلية الامريكية : صراع الشمال والجنوب التاريخي

دور الزير سالم في حرب البسوس

الزير سالم

كان للزير سالم دور كبير في حرب البسوس، حيث كان قائد قبيلة تغلب في الحرب، وسعى إلى الثأر لأخيه كليب.

بعد مقتل كليب بن ربيعة، أقسم الزير سالم على الثأر لأخيه، وبدأ في جمع جيش من قبيلة تغلب، كان الزير سالم فارساً شجاعاً وشاعراً موهوباً، وقد أظهر مهاراته العسكرية وشاعريته في الحرب.

قاد الزير سالم قبيلة تغلب في العديد من المعارك ضد قبيلة بكر بن وائل، وحقق العديد من الانتصارات، كما كان الزير سالم شاعراً موهوباً، وقد نظم العديد من القصائد التي تصف الحرب وأحداثها.

كان للزير سالم دور كبير في استمرار حرب البسوس لمدة أربعين عاماً، حيث كان يسعى إلى تحقيق الثأر لأخيه كليب.

أبرز أعمال الزير سالم في حرب البسوس:

  • قيادة قبيلة تغلب في الحرب: كان الزير سالم قائد قبيلة تغلب في الحرب، وكان مسؤولاً عن تنظيم الجيش وقيادة المعارك.
  • السعي إلى الثأر لأخيه كليب: أقسم الزير سالم على الثأر لأخيه كليب، وبدأ في جمع جيش من قبيلة تغلب.
  • تحقيق العديد من الانتصارات: قاد الزير سالم قبيلة تغلب في العديد من المعارك ضد قبيلة بكر بن وائل، وحقق العديد من الانتصارات.
  • نظم العديد من القصائد: كان الزير سالم شاعراً موهوباً، وقد نظم العديد من القصائد التي تصف الحرب وأحداثها.

تجسد شخصية الزير سالم في العديد من الأعمال الأدبية والفنية، ومنها:

  • ملحمة الزير سالم: ألفها الشاعر العربي أبو زيد السعدي.
  • مسرحية الزير سالم: ألفها الشاعر اللبناني جورج شحادة.
  • فيلم الزير سالم: أخرجه المخرج المصري عبد الرحمن شرف الدين.

في هذه الأعمال الأدبية والفنية، يتم تصوير الزير سالم كبطل قومي، يسعى إلى الثأر لأخيه كليب، وإلى حماية قبيلته من الأعداء.

إقرأ أيضا : معركة ماكتان ومقتل فرناندو ماجلان على يد لابو لابو

أبرز أحداث حرب البسوس

حرب البسوس

أبرز أحداث حرب البسوس:

  • مقتل كليب بن ربيعة على يد جساس بن مرة: كان كليب بن ربيعة سيد قبيلة تغلب، وكان محبوباً بين قومه، وكان جساس بن مرة من بنو شيبان، وهو ابن عم البسوس بنت منقذ، قتل جساس بن مرة كليب بن ربيعة انتقاماً لقتل خالته البسوس بنت منقذ.
  • مقتل جساس بن مرة على يد عدي بن ربيعة: كان عدي بن ربيعة شقيق كليب بن ربيعة، وكان معروفاً بشجاعته وقوة بأسه، سعى عدي بن ربيعة إلى الثأر لأخيه، وقتل جساس بن مرة في معركة.
  • زواج جساس بن مرة من اليمامة بنت كليب: بعد مقتل كليب بن ربيعة، تزوج جساس بن مرة من ابنته اليمامة بنت كليب، كان هذا الزواج رمزاً للصلح بين قبيلتي تغلب وبكر بن وائل.
  • صلح بين قبيلتي تغلب وبكر بن وائلانتهت حرب البسوس بصلح بين القبيلتين، وتزوج جساس بن مرة من ابنة كليب بن ربيعة، وهي اليمامة بنت كليب.

إقرأ أيضا : الحملات الصليبية : دوافعها وأسبابها ونتائجها

نتائج حرب البسوس

حرب البسوس

تركت حرب البسوس أثراً عميقاً في المجتمع العربي، حيث أدت إلى هلاك العديد من الرجال والنساء، وإلى تشريد الكثير من الناس، كما أدت إلى ضعف قوة قبيلتي تغلب وبكر بن وائل، وإلى ازدياد نفوذ قبيلة قريش.

كانت حرب البسوس من أطول الحروب في تاريخ العرب، وقد تركت آثاراً عميقة على المجتمع العربي.

النتائج السياسية

  • ضعف قوة قبيلتي تغلب وبكر بن وائل: أدت الحرب إلى ضعف قوة كلتا القبيلتين، حيث فقدتا العديد من الرجال والنساء، كما أدت إلى تشريد العديد من الناس.
  • ازدياد نفوذ قبيلة قريش: أدت الحرب إلى ازدياد نفوذ قبيلة قريش، حيث كانت قبيلة قريش بعيدة عن الحرب، ولم تتأثر بها كثيراً.

النتائج الاجتماعية

  • الهلاك والتشرد: أدت الحرب إلى هلاك العديد من الرجال والنساء، كما أدت إلى تشرد العديد من الناس.
  • انتشار الفوضى والاضطرابات: أدت الحرب إلى انتشار الفوضى والاضطرابات في الجزيرة العربية.
  • ضعف دور الحكام: أدى ضعف الحكم في الجزيرة العربية في ذلك الوقت إلى عدم قدرته على منع اندلاع الحرب، كما أدى إلى عدم قدرته على حل الخلافات بين القبائل.

النتائج الاقتصادية

  • السيطرة على الموارد: الحرب كانت تُنازَع حول الموارد الطبيعية والأراضي الخصبة، وانتهاءها أدى إلى تغيير في توزيع هذه الموارد.

النتائج الثقافية

  • الاهتمام بالشِّعر: ساهمت حرب البسوس في الاهتمام بالشعر، حيث نظم العديد من الشعراء قصائد عن الحرب وأحداثها.
  • ظهور شخصية الزير سالم: ساهمت حرب البسوس في ظهور شخصية الزير سالم، الذي أصبح بطلاً قومياً في الثقافة العربية.

بشكل عام، كان لحرب البسوس تأثير كبير على العديد من جوانب الحياة في الجزيرة العربية، من السياسة والاقتصاد إلى الثقافة والاجتماع.

طالع أيضاً: قصة حصان طروادة والخدعة العسكرية التي غيرت مجرى التاريخ

ماذا قال الرسول عن حرب البسوس

ورد ذكر حرب البسوس في حديث نبوي صحيح، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم:

“لا تقتلوا بعدي قتيلًا بقتيل، فإن حرب البسوس كانت لقتل رجل واحد، فأكلت العرب بعضها بعضًا، حتى هلك منهم سبعون ألفًا”.

هذا الحديث يبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكره القتل، ويدعو إلى الصلح بين الناس، حتى وإن كان القتل بسبب قاتل واحد. كما يبين أن حرب البسوس كانت سببًا في قتل كثير من الناس، وأنها كانت حربًا عبثية.

وقد ذكر بعض العلماء أن هذا الحديث هو من أسباب تحريم القتل العمد في الإسلام، حيث قال الإمام النووي:

“هذا الحديث هو السبب في تحريم القتل العمد في الإسلام، لأنه لما نهى عن قتل قتيل بعد قتيل صلى الله عليه وسلم، دل ذلك على أن القتل العمد حرام، وأن من قتل رجلًا إنما يقتله لنفسه، لا لنفس القاتل”.

وهناك رأي آخر يرى أن هذا الحديث لا يدل على تحريم القتل العمد، وإنما يدل على أن القتل العمد يجب أن يكون له عقاب، حتى لا تكثر الفتن والقتل.

وعلى أي حال، فإن هذا الحديث يبين أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو إلى السلام والرحمة، ويكره القتل والفتن.

حرب البسوس في الأدب والثقافة

حرب البسوس في الأدب والثقافة

تعتبر حرب البسوس من أهم الأحداث في تاريخ العرب، حيث تركت آثاراً عميقة على المجتمع العربي، وقد تناولت العديد من الأعمال الأدبية والفنية هذه الحرب، ومنها ملحمة الزير سالم.

وردت قصة حرب البسوس في العديد من المصادر العربية، ومنها:

  • كتاب “المجمل في اللغة والأدب” لأبي بكر الأنباري.
  • كتاب “الأغاني” لأبي الفرج الأصفهاني.
  • كتاب “العقد الفريد” لابن عبد ربه الأندلسي.
  • كتاب “مروج الذهب ومعادن الجوهر” للبلاذري.

وقد تناولت قصة حرب البسوس العديد من الأعمال الأدبية والفنية، ومنها:

  • ملحمة “الزير سالم” التي ألفها الشاعر العربي أبو زيد السعدي.
  • مسرحية “الزير سالم” التي ألفها الشاعر اللبناني جورج شحادة.
  • فيلم “الزير سالم” الذي أخرجه المخرج المصري عبد الرحمن شرف الدين.

وتعد حرب البسوس من أشهر الحروب في تاريخ العرب، وهي من الأحداث التي شكلت جزءاً مهماً من الثقافة العربية.

إقرأ أيضا : حرب فيتنام : أسوء هزيمة عسكرية للولايات المتحدة في تاريخها

المصادر

المصدر 1 و 2

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *