تجربة الغوريلا الخفية : رحلة مذهلة إلى داخل العقل البشري
نظرة سريعة على محتويات المقال:
تجربة الغوريلا الخفية لتجربة التي أجرتها جامعة هارفاد بقيادة الأستاذين الشهيرين christopher chabris و Daniel simons في عام 1999، تم تسجيل فيلم قصير لفريقين يلعبان كرة السلة ويرتدي أحدهما ثيابا بيضاء، و تم عرضه على عدد كبير من الطلبة، وطلب منهم عد كم تمريرة قام بها لاعبو الفريق الأبيض وكم تمريرة للاعبي الفريق الآخر.
وبعد انتهاء عرض الفيلم سُأل الطلبة”من منكم رأي الغوريلا”.. حيث كانا الباحثان قد قاموا بإضافة لقطات لغوريلا تجري في الملعب وسط اللاعبين تظهر لمدة ٣٠ ثانية، وكانت المفاجأة أن ٥٠٪ ممن شاهدوا الفيلم لم يروا هذه الغوريلا أصلًا، فالطلبة التي جلست أمام الشاشه وقامت بمنتهى اليقظة والدقة بحساب عدد التمريرات لم ينتبهوا مطلقًا لهذه الغوريلا رغم أنها كانت وسط هؤلاء اللاعبين..
وقام الباحثان أيضا بمراقبة حركة العين للمشاركين في التجربة، ووجدا أن الذين انتبهوا للغوريلا والذين لم يروها نظرت أعينهم الغوريلا لفترة لا يقل عن ثانية، و يعني هذا أن الطرفين قد نظرا فعلا للغوريلا، لكن الذي أدرك وجودها فعلا كان النصف.
فمن هاته التجربة ان الانسان يصاب بعدة ظواهر كالعمى والصمم الادراكي وفقدان الذاكرة اللانتباهي يعني هذا أنه حين تقوم بالتركيز علي شيء ما، أو تحصر انتباهك في أمر محدد، تصبح أسيرًا لذلك فلا تري بقيه الشخوص التي قد تظهر أمامك عموما.
وعموما فإن هذه الظواهر تعكس ما لخصه علماء النفس في قولهم ”وهم الانتباه” هذا في علم النفس، illusion of attention، و هو وهم يلقي بظلاله الكثيرة على ثقتنا و أحكامنا القائمة على النظر و السمع فقد ننظر و لا نرى وقد نمد آذاننا ولا نسمع.
تُعدّ تجربة الغوريلا الخفية مثالًا حيًا على قيود الإدراك البشري، حيث تُسلّط الضوء على أهمية التركيز والانتباه الانتقائي في حياتنا اليومية، كما تُساعدنا على فهم كيفية تفسيرنا للعالم من حولنا.
إقرأ أيضا : الإيقاع صفر : تجربة إجتماعية كشفت الجانب اللاإنساني للإنسان
الغرض الأساسي وراء تجربة الغوريلا الخفية
كان الغرض الأساسي وراء تجربة الغوريلا الخفية هو استكشاف كيفية عمل انتباهنا وإدراكنا.
أراد الباحثون اختبار قدرة الناس على التركيز على مهمة واحدة مع تجاهل المعلومات الأخرى، تأثير توقعاتنا على ما نراه في العالم من حولنا وأخيرا موثوقية ذاكرتنا.
إقرأ أيضا : تجربة الوحش وكيف تم إستغلال الأطفال كفئران تجارب
نتائج تجربة الغوريلا الخفية
أظهرت تجربة الغوريلا الخفية نتائج مثيرة للاهتمام حول كيفية عمل انتباهنا وإدراكنا، إليك بعض النتائج الرئيسية:
1. عمى الانتباه غير المتعمد
أظهرت التجربة أن الأشخاص الذين يركزون على مهمة محددة، مثل عدّ تمريرات الكرة في الفيديو، قد لا يلاحظون أشياء واضحة مثل الغوريلا التي تمر عبر الشاشة، يُعرف هذا باسم عمى الانتباه غير المتعمد.
2. انتباهنا محدود
لا يمكننا التركيز على كل شيء في نفس الوقت، عندما نركز على مهمة ما، فإننا نوجه انتباهنا بشكل انتقائي ونغفل عن المعلومات الأخرى.
3. توقعاتنا تؤثر على إدراكنا
نتوقع عادةً رؤية أشياء معينة في سياقات معينة، في تجربة الغوريلا الخفية، لم يتوقع الناس رؤية غوريلا في ملعب كرة سلة، لذلك كان من المرجح أن يغفلوا عنها.
4. ذاكرتنا غير موثوقة
بعد مشاهدة الفيديو، غالباً ما ينسى الناس رؤية الغوريلا، هذا يدل على أن ذاكرتنا ليست موثوقة دائمًا، ونحتاج إلى توخي الحذر عند الاعتماد على ذكرياتنا.
5. الآثار المترتبة عن الحياة اليومية
تُظهر تجربة الغوريلا الخفية أن انتباهنا محدود، وأن توقعاتنا تؤثر على إدراكنا، وأن ذاكرتنا غير موثوقة دائمًا، يمكن أن يكون لهذه النتائج تأثيرات مهمة على حياتنا اليومية، على سبيل المثال:
- في العمل: قد نغفل عن معلومات مهمة إذا كنا نركز على مهمة أخرى.
- في القيادة: قد لا نرى سائقًا آخر أو دراجة نارية إذا كنا نركز على هاتفنا.
- في العلاقات: قد نسيء تفسير سلوك شخص ما إذا كنا نتوقع منه التصرف بطريقة معينة.
إقرأ أيضا : تجربة الكون 25 المثيرة : كيف يمكن أن تتحول الجنة إلى جحيم
تطبيقات نتائج تجربة الغوريلا الخفية
يمكن استخدام نتائج تجربة الغوريلا الخفية في العديد من المجالات، مثل:
- التعليم: يمكن استخدام التجربة لمساعدة الطلاب على فهم كيفية عمل انتباههم وكيفية تحسين مهاراتهم في التركيز.
- الأعمال: يمكن استخدام التجربة لمساعدة الموظفين على أن يكونوا أكثر وعيًا بعمى الانتباه وكيفية تجنبه في مكان العمل.
- الطب: يمكن استخدام التجربة لمساعدة الأطباء على فهم كيفية تأثير توقعات المرضى على إدراكهم لأعراضهم.
- علم النفس: لفهم كيفية عمل الإدراك البشري.
إقرأ أيضا : تجربة ستانلي ميلغرام : تغير البشر وبطشهم عند الوصول للسلطة
كتاب الغوريلا الخفية
يُعدّ كتاب الغوريلا الخفية من أهم الكتب في علم النفس الحديث، فهو كتاب سهل الفهم ومليء بالأمثلة الواقعية التي تُساعد على فهم المفاهيم النفسية المعقدة، كما يُقدم الكتاب نصائح عملية يمكن تطبيقها في الحياة اليومية.
يُعدّ كتاب “الغوريلا الخفية” رحلة مثيرة لاكتشاف الأوهام التي تخدع عقولنا يومياً، ينطلق الكتاب من تجربة علمية شهيرة أُطلق عليها اسم “تجربة الغوريلا الخفية” والتي أظهرت كيف يمكن للعقل البشري أن يفشل في ملاحظة أشياء واضحة بينما يركز على شيء آخر.
في الواقع، تجربة الغوريلا الخفية هي الأساس الذي بني عليه الكتاب، حيث يناقش الكتاب كيف تؤثر هذه الأوهام على حياتنا اليومية، كما يقدم الكتاب نصائح لتحسين انتباهنا وتجنب الوقوع في فخ الأوهام.
يتناول الكتاب ستة أوهام أساسية تُقيّد قدرتنا على إدراك الواقع بشكل دقيق:
- وهم الانتباه: اعتقادنا بأننا ننتبه لكل ما يدور حولنا بينما نركز في الواقع على جزء ضئيل فقط.
- وهم الذاكرة: ثقتنا المفرطة بدقة ذاكرتنا بينما هي عرضة للتشويه والنسيان.
- وهم الثقة: شعورنا بالثقة بأننا على حق بينما نخطئ أحيانًا بشكل فادح.
- وهم المعرفة: اعتقادنا بأننا نعرف أكثر مما نعرف بينما لدينا فهم محدود للعالم.
- وهم السبب: ربطنا للأحداث ببعضها البعض بشكل خاطئ بينما قد تكون مجرد صدفة.
- وهم المقدرة أو الإمكانية: شعورنا بأننا قادرون على فعل أي شيء بينما قد تعيقنا قيود بيولوجية ونفسية.
يساعد الكتاب على فهم كيفية عمل العقل البشري وكيف يمكن خداعه بسهولة، كما يقدم الكتاب نصائح عملية لتحسين قدرتنا على الملاحظة والانتباه والذاكرة، ويُساعد الكتاب على تجنب الأخطاء في التفكير واتخاذ القرار.
إقرأ أيضا: تجربة سجن ستانفورد : هل نحن فعلا كلنا ساديون في داخلنا