علم النفس الجنائي : دراسة عقلية المجرمين وشخصياتهم
نظرة سريعة على محتويات المقال:
علم النفس الجنائي هو فرع من فروع علم النفس يركز على دراسة العملية الجنائية، وشرحها، وفهم كيف ولماذا حدثت، وبالتالي محاولة منعها، تاريخ هذا التخصص طويل جدًا ونظريات ومجالات تطبيقه متعددة ومتنوعة.
ما هو علم النفس الجنائي
علم النفس الجنائي هو فرع من فروع علم النفس موجه لدراسة وفهم وشرح أصل الجريمة والجريمة، كما تدرس دوافع وشخصية الجاني، بالإضافة إلى الاستفادة مما تم تعلمه لمنع الجريمة ومكافحتها وإعادة تأهيل الجاني.
بناءً على كل هذا، تبرز شخصية عالم النفس الجنائي في السجون ومراكز الصحة العقلية والمحاكم، وإجراء مقابلات مع المتورطين في الجريمة وتصميم برامج منع الجريمة.
علم النفس الجنائي أو الإجرامي هو نظام اجتماعي تطبيقي استطاع مؤخرًا نسبيًا، أن يصبح مستقلاً عن الفروع المجاورة الأخرى، من بين هذه الفروع التي ترتبط بها لدينا علم النفس القانوني وعلم النفس الشرعي وعلم نفس السجون وعلم نفس الشرطة.
إقرأ أيضا : خصائص علم البيولوجيا : ما لا تعرفه عن علم الأحياء
أصول علم النفس الجنائي التاريخية
تتنوع الأصول التاريخية ل علم النفس الجنائي أو الإجرامي وتتعلق بالتخصصات الأخرى، وخاصة علم الإجرام وعلم الاجتماع وعلم النفس، في الواقع، لم يكن بوسع علم النفس الإجرامي أن يتطور حتى اليوم كما هو بدون تطور علم النفس كعلم بشكل عام.
واحدة من أعظم المعالم في علم النفس الجنائي، هي إنشاء الاختبارات التي تم استخدامها على نطاق واسع في علم النفس الإجرامي كتقييم للخصائص الجنائية للمشتبه به في جريمة.
واحدة من أهم التطورات في علم النفس الإجرامي هي دراسات الذاكرة لدى هيرمان ابجنهاوس، لقد كانت هذه ذات أهمية كبيرة عندما يتعلق الأمر بتقييم شهود العيان، وكيف يتذكرون الحدث الإجرامي وكيفية التحقق من صحته.
كما أنه مرتبط بعلم النفس، وعلى وجه التحديد الاجتماعي، ودراسة ديناميكيات المجموعة، وزيادة الاهتمام بدراسة صنع القرار من قبل الأفراد المتورطين في عمل إجرامي.
ولكن بالإضافة إلى تطور علم النفس نفسه، يدين علم النفس الجنائي أيضًا بنضجه للعديد من الأحداث التاريخية والاجتماعية، من بينها الموجة النسوية في الستينيات والسبعينيات، بالإضافة إلى حساسية أكبر تجاه الاعتداء الجنسي على الأطفال.
في هذا السياق، حاول علم النفس الإجرامي فهم الجريمة ومواجهتها، خاصة الجرائم الجنسية والجنسية، بقصد منعها، مع كل هذا، كان الهدف هو تطوير وتنفيذ علاجات للمجرمين والمعتدين، ودراسة قدرة الأطفال على الإدلاء بشهادتهم في المحكمة قبل أن يعيشو التجربة الصادمة.
ولا يمكن تجاهل أن جزءًا من علم النفس الجنائي الإجرامي الحالي له جذوره في العلوم الزائفة، من بينها لدينا علم الفراسة، وهو نظام اعتبر أن الجسد والروح في علاقة حميمة، مما تسبب في تشوهات الجسد بسبب عيوب روحية، إلى جانب ذلك، لدينا علم فراسة الدماغ لفرانز جوزيف غال، الذي طور نظرية تتوافق فيها كل وظيفة نفسية مع جزء من الدماغ، ويمكن ملاحظة ذلك في الجمجمة، على شكل انخفاضات وتلال على طول الرأس.
من المساهمات العظيمة الأخرى التي تلقاها علم النفس الجنائي الإجرامي أصله في الطب النفسي، كان هذا النظام في ذلك الوقت يميز بين المصابين بأمراض عقلية وبين المجرمين، على الرغم من أنه تم اقتراح أن الإجرام له أصل نفسي، كما هو الحال مع الجنون الأخلاقي الذي اقترحه جيمس كاولز بريشارد، فقد تم استبدال هذا المفهوم في النهاية بمفهوم الشخصية الإجرامية خلال القرن التاسع عشر، وبالتالي، تم الاعتراف بأن السلوك الإجرامي حدث بسبب السمات الإجرامية الموجودة في شخصية الفرد.
النظريات المتعلقة بالسلوك الإجرامي
كما ذكرنا من قبل، يُفهم علم النفس الجنائي على أنه تطبيق للمعرفة النفسية في فهم وتفسير السلوك الإجرامي، على الرغم من أن هذا التعريف واضح ولا لبس فيه، إلا أن هناك العديد من النظريات التي تحاول تفسير حقيقة أن شخصًا ما يرتكب فعلًا إجراميًا.
من علم النفس التطوري، يتم التركيز على كيفية تأثير مسارات النمو على السلوك الإجرامي، ينصب تركيز الاهتمام على التأثيرات البيئية، مثل قادمة من خلفية اجتماعية واقتصادية منخفضة، وعدم تلقي التحفيز الثقافي، وكونها موضوعًا لأسلوب تربية مهمل وتدني احترام الذات، كل هذا يمكن أن يؤدي إلى سلوك إجرامي، خاصة في مرحلة المراهقة.
من ناحية أخرى، بالذهاب إلى علم النفس الاجتماعي، هناك العديد من النظريات التي تحاول شرح كيفية حدوث السلوك الإجرامي، ومن بينها نظرية فيستنجر للإسناد الاجتماعي والتي تشير إلى أن الناس يميلون إلى عزو سبب داخلي أو خارجي لارتكاب جرائمهم، وأيضًا، من نفس المؤلف، لدينا نظرية التنافر المعرفي والتي تم شرحها على أنها ميل الناس لاتخاذ قرار بين خيارين يتم تقييمهما بطريقة مماثلة ويؤديان إلى التوتر النفسي.
فيما يتعلق بعلم نفس الشخصية، لدينا دراسة الخصائص النفسية الفردية، يحاول سيكولوجية الشخصية التي تركز على العملية الجنائية أن تشرح وتكتشف ما هي الخصائص المحددة للشخصية التي تجعل بعض الأفراد أكثر عرضة لارتكاب أعمال إجرامية، مع علاقة وثيقة للغاية بضبط النفس.
ضمن علم النفس الإكلينيكي يمكننا تسليط الضوء على دراسة علم النفس المرضي المتعلق بالجريمة، يمكن ربط الجريمة ببعض الاضطرابات النفسية، مثل الفصام والاضطراب ثنائي القطب واضطرابات المزاج، يمكن أن يرتبط وجود نوع من الإعاقة الذهنية أو اضطراب السيطرة على الانفعالات أو هوس السرقة أو هوس الحرائق أو اضطرابات طيف التوحد بالإجراءات الجنائية.
إقرأ أيضا : علم الطاقة حقيقة أم خرافة
كيفية يتم تقييم المجرم أو الجاني
يحتوي علم النفس الجنائي على العديد من مجالات التطبيق، ومن أبرزها شخصية عالم النفس الجنائي في السجون والمراكز الصحية والمحاكم.
التحليل الجنائي
من بين الوظائف التي تتم في علم النفس الجنائي، لا يمكن تجاهل التحليل الجنائي، هذا هو أحد الأسباب الرئيسية لضرورة إدراج علم النفس في مجال علم الجريمة، حيث يمكن للعديد من الأشخاص التدخل في جريمة، سواء من يرتكبها أو الضحية والمتواطئين.
وهكذا، يحلل علم النفس الجنائي سلوك الجاني في مواقف محددة مختلفة، بحيث يقارن البيانات التي تم الحصول عليها مع قواعد البيانات، في حالة العثور على مصادفات، مثل الأسلحة المستخدمة ونوع الضحية (كما في حالات القتلة المتسلسلين) وطريقة العمل والموقع الجغرافي والجوانب الأخرى التي توفر أساسًا لتوجيه التحقيق.
يمكن أيضًا تضمين تحقيقات الشرطة هنا، بما في ذلك التفاوض مع المجرمين، والعمل على المحتوى النفسي للأدلة أو الحقائق المختلفة، ودراسات حول هيكل العصابات الإجرامية المتورطة في الجريمة، أو رسم خرائط الجريمة.
التنميط الجنائي
تطبيق آخر لعلم النفس الجنائي هو التنميط الجنائي، هي تقنية تحقيق تساعد المحققين على وضع أنفسهم في ذهن المجرم، مما يسمح لهم بالتعرف على شخصياتهم وخصائصهم السلوكية، وتحليل الجريمة ومسرحها.
بهذه الطريقة، يمكن معرفة جوانب مختلفة من شخصية المجرم أو دوافعه، على سبيل المثال، قد يكون للجريمة تخطيط مسبق، أو قد تكون متهورة وعاطفية، كما يؤخذ في الاعتبار سن الشخص الذي ارتكب الجريمة وجنسه والمنطقة التي قد يعيش فيها.
مقابلات مع المتورطين في الجريمة
يمكن تطبيق علم النفس الجنائي في إجراء المقابلات، مع كل من الجناة والضحايا، للحصول على معلومات ذات صلة وصادقة حول الأحداث التي وقعت.
وهذا يأخذ في الاعتبار الاحتياجات المختلفة لكل شخص يتعرض للفعل الإجرامي، لديهم احتياجات وقدرات وخصائص يجب مراعاتها عند إجراء المقابلة، مثل القاصر الذي شهد جريمة، الجاني الذي يرفض الاعتراف، شخص مصاب بصدمة…
تقييم المتهم لمحاكمته
تتمثل إحدى اختصاصات عالم النفس الجنائي في تقييم ما إذا كان المتهم لائقًا للمحاكمة.
يجب تقييم ما إذا كان الفرد قادرًا على فهم ارتكاب الجريمة المنسوبة إليه، وما إذا كان يتمتع بصلاحيات كاملة لفهمها في الوقت الذي قام فيه بذلك، وما إذا كان بإمكانه فهم أسباب اتهامه بها، إذا كان يفهم مدى الإدانات المحتملة وما إذا كان لديه القدرة على الشهادة دفاعًا عن نفسه.
الأسباب التي تجعل الشخص لا يمكن الحكم عليه عدة، مثل إصابة الدماغ أو الخرف أو الإعاقة الذهنية، وللتمكن من التحقق، يستخدم علماء النفس طرق التقييم أو الاختبارات النفسية.
تقييم حالة الضحية
ليس المقصود فقط معرفة خصائص الجاني، ولكن أيضًا معرفة مكانة الضحية، بمعنى آخر، الهدف هو معرفة آثار الفعل الذي تعرض له على صحته العقلية، والتي يمكن أن تكون مؤلمة بشكل خاص في حالة الشروع في القتل أو الاعتداء الجنسي.
إقرأ أيضا : ظاهرة تأثير المتفرج: لماذا يتراجع الناس عن تقديم يد المساعدة
الوقاية وتجنب الجريمة مستقبلا
أخيرًا، يمكننا الخلوص إلى أن علم النفس الإجرامي له هدف وقائي، لأن معرفة الجريمة يساهم أيضًا في تجنبها من خلال محاولة دراسة عقلية ونفسية وشخصيات الجاني أو المجرم من كل جوانبها، لمعرفة الأسباب والدوافع.
وبالتالي، فإن هذا الانضباط، ومعرفة العوامل البيولوجية النفسية الاجتماعية التي لها علاقة بظهور وتطور الجريمة من أجل الحد من الجريمة من خلال برامج الوقاية، والغرض منه هو تحسين المعرفة بالجريمة ومنعها.