مدينة إرم ذات العماد

مدينة إرم ذات العماد : أعجوبة قوم عاد المخفية عن الأعين

قصة مدينة إرم ذات العماد هي قصة غامضة ومثيرة للاهتمام تم ذكرها في القرآن الكريم والعديد من المصادر التاريخية والأسطورية الأخرى، تقول القصة أن المدينة كانت مدينة عظيمة وجميلة بنيت بأبهى العمارة وتزينت بالمعادن الثمينة والأحجار الكريمة، ومع ذلك، فقد تم إخفاء موقعها ومصيرها في الغموض لعدة قرون.

لطالما تناهى إلى سمعنا وجود العديد من المدن الأسطورية التي تداولتها الألسن جيلا بعد جيل والتي تهافت على الوصول إليها المؤرخون وصائدو الكنوز وغيرهم، لعل أبرز هاته المدن الأسطورية المفقودة:

مدينة النحاس الأسطورية التي بناها الجيل لسيدنا سليمان، مدينة أغارثا التي يقال أنها موجودة في جوف الأرض وتضم حضارات متقدمة، مدينة شامبالا السرية والتي توجد في جبال التبت، مدينة الذهب الدورادو المفقودة، مدينة اطلانتس الغارقة في المحيط، ومدينة ماتشو بيتشو تحفة حضارة الإنكا وغيرها…

لكن في موضوع اليوم سنتحدث عن مدينة إرم ذات العماد، حيث تعود أقدم ذكرى لمدينة إرم ذات العماد إلى القرآن الكريم، وتحديداً في سورة الفجر، الآية 59: “إرم ذات العماد، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ” أثار هذا المرجع القصير تكهنات لا حصر لها حول روعة المدينة وزوالها.

قام كتاب العرب في العصور الوسطى بتوسيع قصة المدينة، واصفًا إياها بأنها جنة على الأرض، مع قصور من الذهب والفضة، وشوارع مرصوفة بالجواهر، وحدائق مليئة بالفواكه الغريبة، نسبوا بنائها إلى الملك الأسطوري شداد من قبيلة طسم، وهو حاكم قوي كان يهدف إلى منافسة السماء.

إقرأ أيضا : هيكل سليمان المقدس: هل هو فعلا موجود تحت المسجد الأقصى

شكل مدينة إرم ذات العماد

مدينة إرم ذات العماد

وصف القرآن الكريم مدينة إرم ذات العماد بأنها مدينة عظيمة وقوية، حيث كانت قصورها من الذهب والفضة، وأساطينها من الياقوت والزبرجد، هذا بالإضافة إلى وجود أنواع عديدة من النباتات والأشجار، كما كانت المدينة محاطة بسور مرتفع من الحجارة.

يُعتقد أن مدينة إرم كانت تحتوي على هياكل معمارية متقدمة، بنيت بطرق محكمة وفقًا للفنون الهندسية والمعمارية القديمة، قد تكون قصورًا ومعابدها جزءًا من المشهد الحضري الفخم الذي امتازت به المدينة في العصور القديمة.

في النهاية، فإن شكل مدينة إرم ذات العماد لا يزال لغزاً، حيث لم يتم العثور عليها حتى الآن.

إقرأ أيضا: مكان سفينة نوح أحد أكبر الألغاز في تاريخ البشرية

أين تقع مدينة إرم ذات العماد

مدينة إرم ذات العماد

على الرغم من بروزها في الروايات القديمة، إلا أن الموقع الدقيق لمدينة إرم ذات العماد لا يزال مجهولاً، تم اقتراح العديد من النظريات، من شبه الجزيرة العربية إلى عمان واليمن وحتى القارة الأفريقية.

لطالما اعتبر الربع الخالي كونه منطقة شاسعة وغير مألوفة مرشحًا محتملًا بسبب قربه من طرق التجارة القديمة وشهرته بإخفاء أطلال المدن المفقودة.

هناك روايات أخرى تشير إلى أن مدينة إرم ذات العماد تقع في أماكن أخرى، مثل مصر أو الشام، ولكن لا يوجد دليل يدعم هذه الروايات.

في أوائل القرن العشرين ، تم القيام بعدة حملات للعثور على إرم، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، جعلت الظروف الصحراوية القاسية وعدم وجود أدلة تاريخية ملموسة البحث صعبًا.

إقرأ أيضا: خريطة بيري ريس : الخريطة العثمانية الغامضة السابقة لزمانها

الصحابي الذي دخل مدينة إرم

دخول مدينة إرم

يقال أن الصحابي الذي دخل مدينة إرم ذات العماد هو عبد الله بن قلابة الأنصاري، وقد ورد ذكر ذلك في العديد من الروايات، منها ما رواه ابن إسحاق في كتابه السيرة النبوية، وابن كثير في كتابه البداية والنهاية، وابن أبي شيبة في كتابه المصنف.

وبحسب هذه الروايات، فقد ضلّت إبل لعبد الله بن قلابة الأنصاري في صحراء الربع الخالي، فخرج في طلبها، وبينما هو يسير في الصحراء، رأى مدينة عظيمة، فدخلها، فوجدها مدينة فخمة وجميلة، وكان فيها قصور من الذهب والفضة، وأساطين من الياقوت والزبرجد، كما كانت المدينة محاطة بسور مرتفع من الحجارة.

وقد ذكر بعض الرواة أن عبد الله بن قلابة الأنصاري رأى في المدينة أشخاصًا يرتدون ملابس جميلة، وكانوا يتحدثون بلغة غير معروفة له، فسألهم عن مكانهم، فأخبروه أنهم من قوم عاد، وأنهم ماتوا منذ زمن بعيد.

وقد ذكر ابن كثير في كتابه البداية والنهاية أن عبد الله بن قلابة الأنصاري مكث في المدينة عدة أيام، ثم خرج منها، وعاد إلى المدينة المنورة، وقص ما رأى على النبي صلى الله عليه وسلم، فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له: “صدقت، تلك هي مدينة إرم ذات العماد التي ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم”.

وبحسب هذه الروايات، فإن مدينة إرم ذات العماد لا تزال قائمة حتى اليوم، ولكن لا يعلم أحد مكانها بالضبط، حيث إنها تقع في صحراء الربع الخالي، وهي منطقة صحراوية شاسعة ووعرة.

إقرأ أيضا : لغز الكأس المقدسة الكنز الذي تم البحث عنه لقرون طويلة

اكتشاف إرم ذات العماد

مدينة إرم ذات العماد

في السنوات الأخيرة، تم إجراء العديد من الاكتشافات الأثرية في صحراء الربع الخالي، والتي قد تكون ذات صلة بمدينة إرم ذات العماد.

في عام 1932، قام عالم الآثار البريطاني فريدريك هورسفيلد بإجراء حفريات في منطقة جبل رم، وهي منطقة تقع في جنوب شرق الأردن، وقد عثر هورسفيلد على العديد من الآثار في هذه المنطقة، بما في ذلك بقايا مدينة قديمة، كانت تتكون من قصور ومنازل وطرق وقنوات مائية.

وقد أعتقد بعض العلماء أن هذه المدينة هي مدينة إرم ذات العماد، ولكن لم يتم التأكد من ذلك حتى الآن.

في عام 2002، قام فريق من علماء الآثار من جامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية بإجراء حفريات في منطقة مدائن صالح، وهي منطقة تقع في شمال غرب المملكة العربية السعودية، وقد عثر الفريق على العديد من الآثار في هذه المنطقة، بما في ذلك بقايا مدينة قديمة، كانت تتكون من قصور ومنازل وطرق وقنوات مائية.

وقد أعتقد بعض العلماء أن هذه المدينة هي مدينة إرم ذات العماد، ولكن لم يتم التأكد أيضا من ذلك حتى الآن.

في عام 2009، أعلن فريق من علماء الآثار بقيادة نيكولاس كلاب من جامعة أستراليا الغربية عن اكتشاف حضارة قديمة في الربع الخالي، تتوافق مع الموقع التقليدي المرتبط بإرم، وأسفر الموقع المعروف باسم أوبار عن أدلة أثرية على مركز تجاري مزدهر يعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد.

في حين أن اكتشاف أوبار مهم، إلا أنه لم يثبت بشكل قاطع أنه هو المدينة الأسطورية إرم ذات العماد.

في النهاية، فإن اكتشاف إرم ذات العماد لا يزال لغزاً، حيث لم يتم العثور عليها حتى الآن، ولكن الاكتشافات الأثرية الحديثة في صحراء الربع الخالي قد تعطي أدلة جديدة حول موقع المدينة وتاريخها.

قصة مدينة إرم ذات العماد هي مزيج آسر من الروايات التاريخية والنصوص الدينية والفولكلور، إنها بمثابة تذكير بالمناطق الشاسعة والمستكشفة من العالم القديم، حيث قد لا تزال الحضارات المفقودة والكنوز المخفية منتظرة الكشف عنها.

إقرأ أيضا : جنة عدن الضائعة : اين تقع وكيف هي أوصافها

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *