مادة الفانتابلاك

الفانتابلاك : مادة جديدة تمتص الضوء بالكامل وكأنها ثقب أسود

تعتبر مادة الفانتابلاك المادة الأكثر سوادا وظلاما على الإطلاق، كما نعلم التكنولوجيا قادرة على تحقيق أشياء رائعة ولاتصدق، وخير مثال على ذلك فانتابلاك Vantablack والتي تتكون من أنقى لون أسود على وجه الأرض.

كان الحصول على منتج يتمتع بأنقى لون أسود ممكن، حتى وقت قريب، مهمة مستحيلة. ولكن بفضل هاته المادة الجديدة، سنرى المباني والأعمال الفنية وجميع أنواع الأشياء، بخلفية سوداء قاتمة كما لو كانت الأنوار مطفأة.

تعتبر فانتابلاك من أحلك المواد وأشدها سوادا على وجه الأرض، حيث عند اصطدام الضوء بمادة الفانتابلاك، بدلاً من أن يرتد من سطح المادة يعلق في شباك الأنانيب النانوية الكربونية وينعكس باستمرار بين هذه الأنانيب الكربونية إلى أن يُمتص تدريجياً ويتشتت إلى حرارة فقط 0.035% من الضوء هو الذي يتسرب ويهرب من شباك الأنابيب النانوية الكربونية أي أن تمتص الضوء بنسبة تتراوح بين 95 و98%.

إقرأ أيضا : حجر الفلاسفة المادة السحرية التي تحول المعادن إلى ذهب

ما هي مادة الفانتابلاك

مادة الفانتابلاك

مادة الفانتابلاك هي مادة تمكنت بسبب تركيبتها الفريدة، من الحصول على واحدة من أحلك الألوان التي رأيناها على الإطلاق. في الواقع، تتميز هاته المادة بقدرتها على التسبب في الغياب التام للضوء. بدلاً من عكس الضوء، ما تفعله هذه المادة هو امتصاصه، أو بالأحرى امتصاص 99.96٪ من الضوء.

الفانتابلاك VantaBlack أكثر المواد سوادًا تمتص حوالي 99.965% من طيف الضوء المرئي والأشعة فوق البنفسجية وتحت الحمراء.

تُصنع هذه المادة من أنابيب كاربون متناهية الصغر carbon nanotubes، تمتص أي ضوء يقع على سطوحها بمحاصرة الفوتونات حتى يتم امتصاصها بالكامل من خلال أسطوانات كربونية سمك جدرانها بسُمك ذرة واحدة.

اعتمادًا على ترتيب ذرات كل مادة، فإنها تمتص جزءًا من الضوء وتعيد جزءًا آخر، وهذا الجزء من الضوء الذي تعكسه هو ما تتلقاه أعيننا ويجعلنا نراها بلون أو آخر. ولكن عندما لا ينعكس أي ضوء فإن الرؤيا تصبح شبه مستحيلة وكل شيء يبدو مظلما، وهذا ما تفعله فانتابلاك.

علاوة على ذلك، يسمح لنا الضوء أيضًا برؤية أشكال وأحجام الأشياء، وهو أمر معقد للغاية فيما يخص مادة الفانتابلاك.

إقرأ أيضا : مشروع هايبرلوب : مشروع إيلون ماسك لتقنية نقل بسرعة الصوت

اختراع مادة الفانتابلاك

الفانتابلاك

تم اختراع مادة الفانتابلاك Vantablack في المملكة المتحدة في عام 2014 من قبل شركة Surrey NanoSystems. تتكون هذه المادة من أنابيب نانوية كربونية أدق بكثير من شعر الإنسان وتوضع عموديًا، وهي مسؤولة عن امتصاص الضوء.

نتجت هذه المادة صدفة عندما حاول العلماء تطوير الياف الكربون النانومترية عبر مزجها مع الالومنيوم بهدف تحسين ناقليتها الكهروحرارية و من ثم محاولتهم ازالة الطبقة الناتجة من الالومنيوم المتأكسد عبر نقع هذه الرقائق في محلول مائي ملحي قلوي قائم على الكلور (Chlorine -based saltwater).

و بالتالي نقلها الى بيئة خالية من الاكسيجين و من ثم وضعها في فرن خاص وذلك بهدف تكثيف ألياف الكربون عبر عملية ترسيب البخار الكيميائي.

رغم ان هذه العملية حسنت من الخصائص الكهروحرارية للالياف الكربون كما كان متوقعا الا انها انتجت صدفة مادة شديدة السواد و التي تبين انها الاحلك على الاطلاق.

وقد جذبت هذه المادة فائقة السواد اهتمام شركات صناعة الطائرات و التلوسكوبات خصوصا حيث تقي هذه المادة السوداء شديدة الامتصاص للضوء التلوسكوبات من الاشعاعات الكونية الضارة لأداءها والغير مرغوبة بها.

ولجعل هذه المادة أكثر قابلية للتسويق، أصدر الفريق منتجاً على هيئة رذاذ، لكن ليس بسواد مادة الفانتابلاك، فهو يمنع امتصاص الأشعة فوق البنفسجية، المرئية وتحت الحمراء بنسبة 99,8%، وهذا كافٍ لجعل الأشياء ثلاثية الأبعاد تبدو وبشكلٍ واضح ثنائية الأبعاد.

إقرأ أيضا : اكتشاف المجهر وتطوره : الجهاز الذي أحدث ثورة طبية

إستخدامات فانتابلاك

الفانتابلاك

جذبت الخصائص المميزة التي تتمتع بها مادة الفانتابلاك المهندسين المعماريين والمصممين حول العالم، حيث يجدون بالفعل هذه المواد مفيدة.

استخدم المهندس المعماري البريطاني آصف خان الأنابيب الكربونية النانوية فانتابلاك لإنشاء مبنى وسط الثلج في بيونغ تشانغ حيث أقيمت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2018، حيث أراد خان أن يكون مبناه نافذة على مساحة أعمق.

كما استخدمت BMW أيضًا هذه المواد لتزيين أحلك سيارة في العالم, لكن كان من الواضح أن سيارة BMW ليست للبيع، بهذه النغمة سيكون من الخطر القيادة على أي طريق. علاوة على ذلك، لم يتمكن سوى عدد قليل من شراء هذه السيارة المغطاة بـ Vantablack، وهي مادة باهظة الثمن حقًا.

ولكن بالإضافة إلى تطبيقاتها الفنية، تُستخدم هذه المادة باهظة الثمن لتحسين كاميرات التلسكوب من خلال منع الانعكاسات من التسلل وإفساد الصورة، وكذلك لتقنيات التمويه في الطائرات العسكرية.

وتُشكّل مادة الفانتابلاك إنجازاً تقنيا جديداً في تطبيقات النانوتكنولوجي وتحديداً في مجال الأجهزة والأدوات البصرية، فهي ستخفض الضوء المُتشتت، مما يُحسّن من قدرة المراصيد الحساسة على مشاهدة النجوم الخافتة.

إن عملية تصنيع المواد الشديدة السواد والمُعتمدة على الأنابيب الكربونية النانوية تتطلب درجات حرارة مرتفعة جداً، مما يمنع استخدام هذه المواد في مجال الإلكترونيات الحساسة أو مجال المواد التي تتميز بدرجة انصهار منخفضة. وتبدو هذه المواد الجديدة بأعلى درجة سواد يُمكن الحصول عليها، وهي قريبة جداً من الثقب الأسود كما نستطيع أن نتخيله.

إقرأ أيضا : أسطورة الزئبق الأحمر الطعام المفضل للجن وطرق إستخدامه

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *