متلازمة الميتومونيا : حلم الثراء الفاحش بدون عناء
نظرة سريعة على محتويات المقال:
متلازمة الميتومونيا أو حالة الميتومونيا هي متلازمة نفسية يعاني منها 80% من البشر تجعل الإنسان يقنع نفسه بأنه يوما ما سيجد أموال كثيرة على شكل كنز أو حقيبة مليئة بالأموال، ودائما ما يقضي وقتا طويلا مع نفسه وبشكل يومي للتخطيط كيف سيصرف هذه الأموال وماذا سيشتري بها.
بلا شك إن حلم الثروة المفاجئة يراودنا جميعًا، وأغلبنا يريد سماع جملة «لك عم في البرازيل مات وترك لك إرث بالملايين»، لتبدأ بعدها في التخطيط لصرف تلك الثروة أو الأموال وماذا ستشتري بها، ومن ستغدق عليه من تلك الثروة ومن ستمنعها عنه، ولكن يا عزيزي إذا كنت من هؤلاء، فأنت مصاب بمتلازمة «الميتومونيا».
يتمحور تشخيص متلازمة الميتومونيا لدى المصابيين بها عمومًا حول فكرة جوهرية، أو وهم مشترك يجمعهم مفادة أن قدرًا كبيرًا من المال سيدخل حياتهم ويقلبها راسًا على عقب دون مؤشرات سابقة، ودون بذل أي مجهود في سبيله لا عمل ولا تجارة، ولا أي سبب اخر.
ذات صلة : متلازمة الرأس المنفجر : الأسباب وطرق الوقاية
ما هي متلازمة الميتومونيا
متلازمة الميتومونيا تصيب أعداداً كبيرة من البشر، تجعلهم ينخرطون في متاهات الأحلام، وتتمحور حول تغيير كلي لحياته الجديدة بعد العثور على حقيبة النقود أو خزائن الذهب والمجوهرات، وفي تلك المتاهات يسرح الحالم، أين سينفق الأموال و شكل الترف و البذخ الذي سيبدو عليه، و شكل سيارته أو منزله المستقبلي وحتى الأشخاص الذين سيكرمهم أو سيهينهم حين يحصل على المال المزعوم، و كيف سيتحول إلى صاحب سطوة و جاه.
يمكننا القول، أنه يتمحور تشخيص تلك المتلازمة لدى المصابين حول فكرة جوهرية أو وهم مشترك يجمعهم ومفاده أن قدراً كبيراً من المال سيدخل حياتهم، و يقلبها رأساً على عقب دون سابق مؤشرات ودون بذل أي مجهود في سبيله، أي لا عمل ولا تجارة ولا أي سبب آخر من الأسباب التي يجني بها البشر المال في المعتاد.
تعرف متلازمة الميتومونيا بأنها نشاط من التخيل الواسع الذي يحل محل التفاعل البشري، أو يتداخل مع العلاقات الشخصية أو الجانب المهني. قد يكون مرتبطاً بعدة أمور تشجع الضحايا الذين يعانون منها على الانفصال من عالمهم الواقعي والغوص في الخيال.
إقرأ أيضا : ظاهرة الكاروشي الياباني : الموت بسبب الإفراط في العمل
أعراض المصابين بالميتومونيا
من الأعراض الأكثر شيوعاً حول هذا متلازمة الميتومونيا انتظار اليوم الذي سيجد فيه المصاب تلك الحقيبة، حيث يتوقف عن العمل ومتابعة واجباته، لأن يوم السعد قادم، و سيكون الأمر حسب توهمه مجرد صدفة بحتة، أي إن الأمر لن يكون له علاقة بسرقة ذاك المال من أحد أو حتى سعيه للبحث عن ذاك المال في مكان يفترض باحتمال و لو ضعيف أن المال قد يضيع من أصحابه على مقربة منه، وسوف يتحول بيته إلى بنك أو مصرف، أي إن العملية بأسرها تقوم على أوهام مركبة تكاد تصل بصاحبها للاعتقاد أن حقيبة المال ستدق عليه غرفة نومه و ما عليه إلا أن يتمتع بحياته الجديدة في حضرتها.
مظهر آخر من مظاهر الميتومونيا قد تأخذه تلك المتلازمة في أذهان المصابين، يتمثل في اعتقاد أن ضربة حظ ستقلب حياتهم رأساً على عقب و ستحولها من حالة فقر إلى حالة ثراء فاحش و تتمثل ضربة الحظ تلك في ورقة يانصيب يقدمها صاحبها ثم ينسى أمرها إلى أن يتم الاتصال به لإعلامه بأنه يتوجب عليه الحضور لسحب أمواله، و لهذا السبب تطورت ألعاب اليانصيب وتعددت أشكالها كاللعب على وتر المتلازمة المذكورة والآخذة في الاستفحال بين صفوف البشر.
إقرأ أيضاً: متلازمة ستوكهولم : عندما تدافع الضحية عن مختطفها
شكل الآخر من أشكال الميتومونيا هو تخيل بعض البشر أن البحر أو السماء سيبعثان لهما بثروة موعودة وبعض هذه الأوهام يصل إلى درجة لا تصدق من الغرابة، وانطلاقاً ممن ينتظر أن يقذف له البحر بكيس من الأموال أو الأغراض الثمينة الآتية من الضفة الأخرى، ومروراً بمن ستنزل عليه الثروة في حطام طائرة، بل ويبلغ بأولئك وصول الأمر للاعتقاد أن نيزكاً أو حجراً كريماً باهض الثمن سينزل عليه من السماء.
أما الأغرب بين هذه التخيلات على الإطلاق فهي تلك التي تتمثل في اعتقاد الكثيرين أن بعض سكان الفضاء سينزلون بصحنهم الطائر ليسلموه ثروة مرسلة لهم من قبل أسلافه الذين ينظرون إليه من عليائهم و هم في العالم الآخر، ليبقى لله في خلقه شؤون.
قد يهمك : ظاهرة الباريدوليا : خوارق طبيعية أم أوهام تخدع العقل البشري
أسباب حالة الميتومونيا
يمكنك تفسير الإصابة بمرض أو متلازمة الميتومونيا لعدة أسباب، حيث يحاول الشخص البحث عن نفسه في الآخرين، ولا يستطيع تحقيق ذاته في أرض الواقع فيجنح إلى الخيال، ويقوم بسلوك تعويضي عن طريق اللاوعي، وأحلام اليقظة، وليظهر بسلوك مهزوم بأنه هو المنتصر، بينما يشعر آخرون بأنهم مهزومون بحيث لا تكتمل معهم تلك الأحلام، وذلك لدى الأشخاص الاكتئابيين، والذين تسيطر عليهم النظرة السوداوية.
لكل مرحلة من مراحل النمو حاجات ومتطلبات، فإذا تم تأمين متطلبات النمو أشبعت هذه الحاجات، وإذا لم تشبع تلك الحاجات تبقى قائمة حتى إشباعها، وعندما لا نتمكن من تحقيقها في الواقع، نجنح إلى الخيال للتعويض عن الواقع الذي نعيشه.
قد تكون تلك الأسباب اقتصادية كالفقر، أو نفسية، وقد تكون أسباباً اجتماعية، وهذه المتلازمة شبيهة بأحلام اليقظة التي يعيشها المراهقون، عندما لا يستطيعون التكيف مع الواقع يجنحون إلى أحلام اليقظة لتلبية حاجاتهم الدفينة، وقد تكون تلك الحاجات شعورية وقد تكون لا شعورية.
كما تجدر الإشارة إلى أن هاته الظاهرة تكثر في المجتمعات التي ينتشر فيها القهر والمعاناة والظلم، والتي تعاني من تفاوت طبقي كبير جداً، وتقل فيها فرص العمل، ويكثر الجشع.
يمكنك أيضا قراءة : تأثير دانينغ كروجر : عندما يبالغ الجاهل في تقدير ذكائه
علاج متلازمة الميتومونيا
تكمن صعوبة العلاج من متلازمة الميتومونيا، بأن المصاب قد يتظاهر بتخليه عن التخيل، لكنه في بطنه لن يتخلي عن تخيلاته في الحصول على المال، وعلى غرار ذلك تجده شخص غير متفاني في العمل، ولا يحمل قدر كبير من المسئولة، وذلك بسبب أن ينتظر اليوم الموعود في حصوله على ثروة كبيرة في صندوقًا مغلقا يأتي له أمام منزله مع باقة من الورود أو علبة من الحلوى.
نظراً لصعوبة تلك الحالة (متلازمة الميتومونيا) وعدم القدرة على إقناع المصابين فيها بأنهم يعانون وهماً، فإن أكثر هؤلاء يظلون تحت رحمة أعراضها رغم تظاهرهم بالشفاء منها و يبقى الحلم أو الوهم لديهم قائماً بأن الثروة قادمة و لو بعد حين.
مثل هذه الأفكار المغلوطة و ترسخها في الأذهان تجعل قيمة العمل تتضاءل بانتظار أموال الحقيبة المعجزة و هي التي لن تأتي، ولهذا يجب مواجهة هؤلاء بحقيقة أن السماء لاتمطر ذهباً ولافضة، والحل هو العمل والمثابرة بدل التقاعس وانتظار المجهول.
في الواقع، هاته المتلازمة أو هذا الاضطراب ليس له علاج، لكونه رغبة مكتومة داخل كل منا، ولكن إذا تحدث شخص وأعلن أنه يعاني من هذا الاضطراب كونه يسيطر على سير حياته بشكل طبيعي، يمكن في هذا التوقيت التدخل ووضع المصاب تحت غطاء العلاج النفسي ومتابعة الحالة حتي يتم الرجوع عن حالة التخيل المستمر.