سيرجي كريكاليف : رائد الفضاء الروسي الذي علق في الفضاء
نظرة سريعة على محتويات المقال:
قصة سيرجي كريكاليف
تعتبر قصة سيرجي كريكاليف رائد الفضاء الروسي الشهير، واحدة من بين أكثر القصص المثيرة والمشوقة على حد سواء.
تعود بنا أحداث القصة، حين انطلق سيرغي كريكاليف sergei krikalev في رحلة إلى محطة الفضاء مير في 26 نوفمبر 1991، أي قبل شهرين فقط من انهيار الاتحاد السوفياتي، كان من المقرر أن تستمر رحلته 6 أشهر، لكن انهيار الاتحاد السوفيتي أدى إلى توقف جميع الرحلات الفضائية السوفيتية.
وجد حينها سيرجي كريكاليف نفسه في موقف صعب للغاية، كان هو آخر رائد فضاء سوفييتي في الفضاء، ولم يكن هناك أي خطط لإعادته إلى الأرض، رفضت روسيا في البداية تمويل عودته، بحجة أنها غير قادرة على تحمل النفقات.
في هذه الأثناء، كان كريكاليف يواصل العمل في محطة الفضاء مير، كان عليه أن يهتم بنفسه، ويصلح أي أعطال تحدث في المحطة، ويواصل إجراء التجارب العلمية.
إقرأ أيضا : قصة الكلبة لايكا : أول كائن حي يسافر إلى الفضاء الخارجي
نعتذر لك إبقى في الفضاء لا يمكننا إعادتك إلى الأرض الدولة التي أرسلتك لم تعد موجودة
حاول رائد الفضاء السوفيياتي سيرجي كريكاليف التواصل مع وطنه الأم، كي يساعدوه على تأمين رحلة العودة على كوكب الأرض، لكنه تلقى منهم جوابا غريبا مفاده : نعتذر لك، إبقى في الفضاء لا يمكننا إعادتك إلى الأرض، الدولة التي أرسلتك لم تعد موجودة.
كانت هذه هي الرسالة التي وصلت لرائد الفضاء السوفييتي سيرجي كريكاليف بعد تفكك دولته وهو لا يزال بالفضاء.
وقد وصف “سيرجي” تلك المحادثة بالتفصيل، بعد تلقيه ذلك الجواب الغريب كالتالي:
نعتذر لك، إبقى في الفضاء لا يمكننا إعادتك إلى الأرض، فإن الدولة التي أرسلتك لم تعد موجودة،
(يتنفس بعمق) حسنًا، لقد فهمت، أنا أفهم أنكم لا تملكون الموارد لإعادتي إلى الأرض، وأنا أفهم أيضًا أن الدولة التي أرسلتني لم تعد موجودة، أنا أقبل هذا الوضع، سأبقى في الفضاء، سأواصل العمل في محطة الفضاء مير، سأهتم بنفسي، وسأصلح أي أعطال تحدث في المحطة، وسأواصل إجراء التجارب العلمية.
سأحاول أن أجعل أقصى استفادة من وقتي في الفضاء، سأحاول أن أتعلم كل ما يمكنني تعلمه عن الكون، سأحاول أن أترك بصمة على العالم.
أنا أعلم أن هذا سيكون صعبًا، سأفتقد عائلتي وأصدقائي، سأفتقد الأرض، سأحاول أن أكون قويًا، سأحاول أن أكون متفائلًا، سأظل على أمل أن أعود إلى الأرض يومًا ما.
(ينظر إلى النافذة) أنظر إلى الأرض، إنها جميلة جدًا، إنها موطني، أتمنى أن أعود إليها يومًا ما، (يأخذ نفسًا عميقًا آخر) لكن حتى ذلك الحين، سأظل في الفضاء، سأواصل العمل، سأواصل التعلم، سأواصل الحلم.
مقتطف ما جاء على لسان سيرجي كريكاليف
إقرأ أيضا : غرق الغواصة الروسية كورسك : أسوأ كارثة في تاريخ أسطول الغواصات الروسي
آخر مواطن سوفياتي
لم يكن رائد الفضاء سيرجي كريكاليف يعلم ما يجري على وجه الأرض، بينما كان عالق في الفضاء، في البداية كان يعتقد أن هذا الوضع سيستمر لأيام فقط وسينتهي، ربما هنالك مشكلة بسيطة في التمويل ليس أكثر، واستمر بدورانه الروتيني حول الأرض.
فبينما كانت الأرض تبدو هادئة تماما من على الفضاء، إلا أن على سطحها كانت الدبابات العسكرية تملأ الميدان الأحمر في موسكو و حصل انقلاب على ميخائيل غورباتشوف رئيس الاتحاد السوفيتي، حيث كان ما يسمى بالإتحاد السوفيتي يلفظ أنفاسه الأخيرة ليعلن نهاية فترة الحرب الباردة.
كان الظلام و الهدوء الذي يعيش فيها سيرجي كريكاليف في المحطة الفضائية مير يخفي عنه ضجيج و حرب و قتل و دمار عاشته بلاده و بلاد العالم.
تقبل سيرجي الأمر و قرر ان يتأقلم مع الوضع بأي وسيلة و أي طريقة كانت، وكما كان سيرجي يحارب في الفضاء لوحده تدفعه غريزة البقاء.
إقرأ أيضا : شركة سبيس إكس : وسيلة إيلون ماسك لغزو الفضاء وإستيطان المريخ
رائد الفضاء الذي ضاع في الفضاء
علق سيرجي كريكاليف في الفضاء لمدة 366 يومًا و22 ساعة و49 دقيقة و33 ثانية، وهي أطول مدة قضاها رائد فضاء في الفضاء بمفرده، بدأت مهمته في 20 يناير 1991، وانتهت في 25 مارس 1992.
كان من المفترض أن تستمر مهمة سيرغي كريكاليف لمدة 5 أشهر فقط، ولكن انهيار الاتحاد السوفيتي أدى إلى توقف برنامج الفضاء السوفيتي، ولم يكن هناك طاقم روسي بديل متاح لاستبداله، لذلك، اضطر كريكاليف إلى البقاء في الفضاء لمدة 3 أشهر إضافية حتى تمكنت ألمانيا من دفع 24 مليون دولار لكازاخستان لشراء تذكرة لاستبداله، برائدها الفضائي كلاوس ديتريش فلايد.
ومرت الأيام والشهور حتى أتى شهر مارس، وهنا أعلنت ألمانيا أنها سترسل رائد فضاء آخر غير سيرجي وستدفع 24 مليون دولار ثمن تكاليف عودة سيرجي وفي يوم 25 مارس استقبل العالم آخر مواطن سوفييتي وسيرجي هبط على الأرض وهو يرتدي بدلته الفضائية التي عليها الأحرف السوفيتية الأربعة USSR و المنجل الأصفر.
خلال فترة وجوده في الفضاء، أجرى كريكاليف العديد من التجارب العلمية، بما في ذلك دراسة تأثير انعدام الجاذبية على جسم الإنسان، كما شارك في إصلاح بعض المعدات في محطة الفضاء مير.
إقرأ أيضا : قصة هيساشي أوشي : الرجل الذي تعرض لأكبر شحنة إشعاعية في التاريخ
العودة إلى كوكب الأرض
عاد كريكاليف أخيراً إلى الأرض في 25 مارس/آذار 1992، بعدما دفعت ألمانيا 24 مليون دولار لكازاخستان لشراء تذكرة لاستبداله، برائدها الفضائي كلاوس ديتريش فلايد.
عندما عاد كريكاليف إلى الأرض، كان في حالة صحية سيئة، كان ضعيفًا وشاحبًا، وكان يعاني من هشاشة العظام ومشاكل في العضلات والعظام، كما كان يعاني من مشاكل في الجهاز الهضمي وضعف البصر.
ووصف أحد التقارير مظهره بأنه كان “شاحباً ومتعرقاً كقطعة من العجين الرطب”. وبحلول ذلك الوقت، كان العالم بأسره قد سمع عن “ضحية الفضاء المنسي”.
إعتقد الأطباء أن الحالة الصحية المتدهورة لكريكاليف كانت بسبب مزيج من عوامل، بما في ذلك انعدام الجاذبية لفترات طويلة والنظام الغذائي غير الصحي الذي كان عليه تناوله في الفضاء.
استغرق الأمر عدة أشهر حتى يتعافى كريكاليف من آثار إقامته الطويلة في الفضاء، ومع ذلك، فقد تعافى تمامًا وعاد إلى الطيران في الفضاء في عام 1997.
يعد كريكاليف أحد أكثر رواد الفضاء خبرة في العالم، وقد حصل على العديد من الجوائز والأوسمة، بما في ذلك وسام لينين ووسام الاستحقاق للوطن من الدرجة الأولى.
إقرأ أيضا : فرضية التنقل بين الأبعاد : هل ستسمح لنا التكنولوجيا الحديثة بتحقيق المستحيل
السيرة الذاتية لسيرجي كريكاليف
سيرغي كريكاليڤ هو رائد فضاء روسي، وهو أكثر رائد فضاء روسي طيرانًا في التاريخ، حيث سافر في الفضاء 10 مرات، وسجل إجمالي وقت طيران بلغ 803 أيام و8 ساعات و27 دقيقة.
ولد كريكاليڤ في سانت بطرسبرغ، روسيا، في 27 أغسطس 1958، التحق بكلية الهندسة في جامعة سانت بطرسبرغ التقنية، وتخرج في عام 1981، تم اختياره كرائد فضاء في عام 1985، وبدأ تدريبه في عام 1986.
أول رحلة فضائية لكريكاليڤ كانت في عام 1991، على متن سويوز تي إم-12، التي كانت مهمة صيانة إلى محطة الفضاء مير، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي في ديسمبر 1991، وجد كريكاليڤ نفسه عالقًا في الفضاء، حيث كانت روسيا الجديدة غير قادرة على توفير رحلة عودة له، بقي في الفضاء لمدة 10 أشهر و24 يومًا، وهو أطول رحلة طيران مستمرة لرائد فضاء روسي.
استأنف سيرجي كريكاليڤ رحلاته إلى الفضاء في عام 1995، وشارك في ثلاث بعثات أخرى إلى محطة الفضاء مير، في عام 2000، أصبح أول روسي يقود محطة الفضاء الدولية.
كريكاليڤ هو أيضًا أستاذ في أكاديمية الفضاء الروسية، وعضو في أكاديمية العلوم الروسية، وقد حصل على العديد من الجوائز والتقديرات، بما في ذلك وسام لينين، ووسام الشرف، وميدالية بطل الاتحاد الروسي.
إقرأ أيضا : قصة الطفل بوريسكا : الفتى الروسي الذي زعم أنه من سكان المريخ