اليستر كراولي : عندما يتجسد الشيطان في صورة بشر
نظرة سريعة على محتويات المقال:
يعتبر اليستر كراولي من بين أكثر الشخصيات شرا على الإطلاق في التاريخ المعاصر، ولقد وصفته الصحافة البريطانية بأنه “أكثر رجل شرا في العالم على الإطلاق”.
ربما يكون أليستر كراولي أشهر عالم تنجيم في كل العصور. روّج لعقيدة سحرية أطلق عليها “قانون ثيلما” والتي أنزلها له ملاكه الحارس حسب وصفه، وهو كائن يُدعى أيواس وهو رسول الإله المصري حورس.
بعد أكثر من سبعين عامًا على وفاته، لا يزال عالم السحر والتنجيم والشاعر والمثير للمشاكل والجدل لغزًا ويحافظ من حوله على هالة عبادة تغذيها الشائعات والجنون.
لم يُر رجل في التاريخ يدعو إلى الشر بصورة سافرة واضحة مثل اليستر كراولي : سحر، وكفر، ودعارة، ومخدارت، واحتقار أديان. هذا ما جعله يقلب ب بلقب (أخبث رجل في العالم والأكثر شرا على الإطلاق).
كان بارعاً في التنكر والاندماج بين الشعوب، فكان يصعب على من يراه لأول مرة أن يظنه غريباً عن البلد الذي يحيا فيه، وسترى من صوره ملابسه العربية والغربية التي كان يرتديها حسب المكان الذي ينزل به.
إقرأ أيضا : ما هو السحر الاسود : تعرف معنا على أسراره وطقوسه
اليستر كراولي وقانون ثيلما
مصطلح “ثيليما” لم يكن من تأليف آليستر كراولي و إنما أقدم من هذا بعض الشيء. فالكلمة تعبر عن مجموعة من الفلسفات الروحية التي انتشرت من قبل قرون و هي كلمة يونانية تعني الإرادة.
أما عن أهم المبادئ والفلسفات و التعاليم التي وردت في قانون ثيليما الذي روج له اليستر كراولي فهي :
- كل رجل أو امرأة هو نجم : يشير هذا المبدأ إلى أن كل إنسان هو كيان فريد بذاته ويملك دربه الخاص في الفضاء الكوني و يستطيع أن يسير عليه بحرية تامة دون قيود يفرضها عليه أحد سواه.
- لا حق لك إلا في تحقيق مشيئتك : أي أن الإنسان يملك إرادة حقيقية وهي الدافع الوحيد والكلي للوجود وبالتالي على أن الإنسان يتبع إرادته الحقيقية لتحقيق كماله وتحرره من قيود طبيعته البشرية ليرتقي إلي ماهو أرقي من ذلك.
- الحب هو القانون وأساس الإرادة : ووهو إشارة إلى أن الطبيعية الحقيقية لقانون ثيليما هو الحب… إذ يتحد كل إنسان مع ذاته عن طريق الحب وتتعاظم قوته ويتحد كون الكائنات الواعية بأكمله مع كل كائن من خلال الحب.
إقرأ أيضا : تنبؤات العرافة بابا فانغا : العرافة البلغارية التي تنبأت بعودة الخلافة الإسلامية
من هو آليستر كراولي
كان إدوارد ألكساندر كرولي، المعروف باسم أليستر كراولي، عالم تنجيم وساحر وكاتب وفيلسوف إنجليزي ولد في 12 أكتوبر 1875 في ليمنجتون وتوفي في 1 ديسمبر 1947 في هاستينغز.
لقد تيتم كرالي في سن مبكرة جدًا، ورث ثروة كبيرة من والده المليونير الويلزي إدوارد كرولي. نشأ في بيئة متشددة، في رعاية عماته، ودرس في كامبريدج، حيث بدأ في كتابة ونشر الشعر والمقالات والروايات.
سرعان ما اشتهر بأنه عالم تنجيم ، أطلق على نفسه اسم Baphomet كما أطلق على نفسه أيضا اسم “الوحش العظيم 666“، وكتب أعمالًا مقصورة على فئة معينة، بما في ذلك السحر في النظرية والتطبيق وكتاب القانون. أدى تفسيره للمسيحية والرؤية الغنوصية إلى اعتقاد الكثيرين أنه ساحر أسود، ولقب ب “الأكثر شرا على الإطلاق”.
انضم إلى العديد من الأخويات والجمعيات السرية، مثل Isis-Urania Temple of the Hermetic Order of the Golden Dawn، الذي تركه لإنشاء منظمته الخاصة، Astrum Argentum، التي أسس من أجلها سلسلة المجلات El Equinox، التي فكر فيها الذي سماه التنوير العلمي.
كان أيضًا قائدًا لـ Ordo Templi Orientis، بالإضافة إلى عمله ككاتب في العديد من الموضوعات، من اليوجا إلى الشطرنج، كما أنه كان مترجماً لعدد كبير من الأعمال، ومن أشد المعجبين بتسلق الجبال.
إقرأ أيضا : مصاص دماء دوسلدورف : السفاح الذي بث الرعب في شوارع ألمانيا
شخصية مثيرة للجدل
لقد تم تصنيف الساحر البريطاني اليستر كراولي والملقب بالوحش العظيم على أنه “أخطر شخص في العالم والأكثر شرا”.
وكان آليستر كراولي شاعرًا وكاتب مقالات ورسامًا وفيلسوفًا وحتى متسلقًا، ولكنه أيضًا كان منغمسا في عالم الإدمان ومتعاطيا للهريوين وكل أنواع المخذرات والكحوليات.
أصبحت هذه الشخصية المثيرة للجدل والأنانية والتي تعتبر “ساحرًا أسودا” ومدافعًا عن الطقوس الجنسية، واحدة من أشهر علماء التنجيم في كل العصور.
تم انتقاد ما يسمى بـ “أبو الشيطانية الحديثة” وإعجابه بنفس القدر. اتهم بكونه مجنونًا، وفي نفس الوقت زُعم أنه رائد لحركة الهيبيز ومعبود موسيقى الروك.
إقرأ أيضا : القاتل المتسلسل جيفري دامر : سفاح وجزار ميلووكي الأكثر دموية
الإنغماس في عالم السحر والتنجيم
قام اليستر كراولي بدمج التقليد السحري الأوروبي (من الجذور المصرية والهلنستية والسلتية والعبرية، كما تم دراستها في الفجر الذهبي) مع تعاليم الشرق، مثل اليوجا و tantrism – التي كان بإمكانه الوصول إليها بفضل قراءاته وأسفاره – ومع السحر الجنسي الذي دعت إليه الجمعية السرية المعروفة باسم OTO (Ordo Templi Orientis)، وكل ذلك من شأنه أن يسمح له بتأسيس نظام خاص به “النجمة الفضية”.
انضم عام 1898 إلى جماعة دينية اسمها ( الفجر الذهبي ) وكانت أشهر جمعية إنجليزية في وقتها للروحانيات، غير أن أفكاره لم تجد المتسع الذي كان يبغاه مع هذه الجمعية، فتركها وبدأ في تجاربه الخاصة، لتأسيس مبدأه الخاص في الحياة.
في عام 1900 انعزل كراولي في قصر في ( بولسكاين ) وبدأ في القيام بتجاربه السحرية والتعرف أكثر وأكثر على هذا العالم الأسود، عالم السحر والشعوذة والزندقة وتعمق في ذلك لأبعد الحدود.
بالنسبة إلى آليستر كراولي، كان السحر مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالإرادة البشرية، وأصبح يعتقد أنه هو وتلاميذه يمكنهم السيطرة على أي شيء تقريبًا من خلال استخدام الإرادة وحدها.
ومع ذلك، فإن ما جعله وقودًا لمدافع الصحف الشعبية البريطانية هو استخدامه للجنس كقوة إبداعية ضرورية للقيام بعمله وإقامة علاقات جنسية مع مئات النساء والرجال من جميع أنحاء العالم.
إقرأ أيضا : قصة الكاهن سطيح وشق : أشهر الكهنة في شبه الجزيرة العربية
قانون افعل ما تريد
لم يُر في القرن العشرين رجل يدعو إلى نبذ الفضائل والتماس الرذائل بكل جوانب الخسة التي فيها كـ اليستر كراولي – Aleister Crowley.
لقد ابتكر الرجل قانون خاصا به وبأتباعه والمؤمنين به، سماه ب قانون افعل ما تريد، أو «إفعل كل ما تريده وهو سيكون كُل القانون» حسب جملته الشهيرة. ومن أهم مبادئ وأساسيات قانونه المثير للجدل :
- يحقّ للإنسان أن يبتدع قانونه الخاص وأن يعيش بالطريقة التي يريدها وأن يعمل كما يريد وأن يلهو كما يريد وأن يرتاح كما يريد. وأخيرا أن يموت في الوقت وبالطريقة التي يريدها.
- يحقّ للإنسان أن يأكل ما يريد (لذلك شجّع جماعته على أكل الغائط) وأن يشرب ما يريد ( يشربون الدم والبول) وأن يسكن أينما يريد (يسكنون الخرائب والمقابر) وأن يلبس كما يريد وأن يتحرّك على وجه الأرض كما يريد.
- يحقّ للإنسان أن يفكِّر كما يريد وأن يتكلَّم كما يريد وأن يكتب ويرسم وينحت ويخطط ويبني كما يريد.
- يحقّ للإنسان أن يحبّ كما يريد وأخذ حاجته من الجنس كما يريد ومتى وأين ومع مَن يريد.
- يحقّ للإنسان أن يقتل أولئك الذين يقفون عائقاً أمام تحقيق هذه الحقوق والمتطلبات الشخصية وبدون تردد.
أقام في فيلا هناك على الجبل أسماها ( دير ثلما ) يفد إليه فيها المريدون والمؤيدون لهذه الممارسات الشيطانية، ويقوم هو بتعليمهم أصول التخلي عن كل المباديء والقيم والأديان، وأهمية تحرر الإنسان من قيوده وفعل ما يريد وقتما يريد.
مع الممارسات الشيطانية الاعتيادية التي يعلمها لمريديه وأتباعه في (دير ثلما) مثل حفلات الرقص، والجنس الجماعي، وتعاطي المخدرات، وتقديم القرابين الحية (قطط – كلاب).. انتشر في البلدة أمر اختفاء طفل صغير، وقضت المزاعم بأن كراولي وجماعته قد اختطفوه ليذبحوه ويقدموه كقربان للشيطان.
وعليه قامت السلطات الإيطالية باقتحام الدير وطرد كراولي من الجزيرة الإيطالية تماماً ليعود مرة أخرى إلى إنجلترا ليقضي فيها ما تبقى له من عمره.
إقرأ أيضا : السفاحة ايلين ورنوس : قصة المرأة العنكبوتية السامة
وفاة أليستر كراولي رمز الشر وخليفة الشيطان
مات اليستر كراولي عام 1947 بعد حياة حافلة بالفجر والمجون والفساد الديني والعقائدي والأخلاقي، تاركا ورائه إرثا شيطانيا وكتبا ومقالات وقوانين، أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها بؤرة فساد وشر.
لم يجد آليستر كراولي أو “أبو الشيطاني الحديثة” من صنوف الشر مزيداً إلا أن يظن بنفسه أنه مصاص دماء، وأخذ في آخر أيامه يحقن نفسه بالهيروين، حتى وجدوه ميتاً في بيته بين زجاجات الخمر وحقن المخدرات.
لم يقوموا بالصلاة عليه في الكنيسة، وإنما أخذه أتباعه، وحرقوا جثته في احتفال خاص، لينتهي بذلك أخبث رجل عرفه القرن العشرين.
إقرأ أيضا : قصة ميشيل لوتيتو : الرجل الذي أكل طائرة في سنتين