قصة ديفيد فيتر : الطفل الذي عاش كل حياته داخل فقاعة بلاستيكية
نظرة سريعة على محتويات المقال:
تعتبر قصة ديفيد فيتر من بين أغرب القصص على الإطلاق، حيث أظطر دافيد للعيش داخل فقاعة منذ يوم ولادته، بسبب مرض نادر كان يعاني منه، مما جعله حبيس تلك الفقاعة طيلة حياته وحتى آخر لحظة في حياته.
ارتبط مرض ديفيد فيتر الغريب بنقص في جهاز المناعة لذلك فهو كانت خطر دائم يهدد حياته في حال تعرضه لأي عدوى بكتيرية أو فايروسية. لإنقاذه، قرر الأطباء عزله داخل فقاعة بلاستيكية، ومنعه من أي اتصال بشري، وهي قصة ديفيد فيتر بالفعل قصة لا تصدق وصدمت العالم.
القلق بشأن المستقبل أو نهاية علاقة زوجية وعاطفية أو محنة الأسرة ؛ الحياة تختبرنا باستمرار. ومع ذلك، من بين كل تقلبات الحياة، لا يوجد شيء أصعب من موت شخص عزيز. خاصة عندما يكون هذا الكائن هو طفلك، وهذا ما توجست منه عائلة دافيد منذ يوم ولادته، بسبب مرضه النادر الذي كان يهدد حياته في كل لحظة.
عانى ديفيد من نقص المناعة الذي يمكن أن هدد حياته بإستمرار، أي جرثومة أو بكتيريا في البيئة كانت ستنهي حياته، لذلك قام الأطباء بعزله في فقاعة شديدة التعقيم منذ يوم ولادته.
عندما ولد ديفيد فيتر كان مصاباً بمرض نقص المناعة المركب الشديد، وهذا يعني أن جسمه ليس لديه الجهاز المناعي لمحاربة الأمراض، وعند ولادته تم وضعه في الغرفة البلاستيكية العازلة، وكان العلاج الوحيد هو زراعة نخاع عظمي، وكانت الآمال على أخت ديفيد كاثرين.
ولكن لسوء الحظ لم تتطابق الصفات، وبالتالي كان عليه انتظار متبرع بنخاع عظم مطابق أو علاج لمرضه، وهذا الانتظار استمر لفترة 12 عاماً إلى أن توفي بعدما نقلوا له نخاع من أخته لفشل إيجاد متبرع مناسب.
وبعد أسبوعين توفي نتيجة إصابته بسرطان الغدد اللمفاوية، ويعود السبب لعدم قدرتهم على الكشف عن تلوث دماء شقيقته بفيروس (EBV)، اذ لم تتوفر الفخوصات اللازمة لكشفه في ذلك الوقت، وعندها تمكنت والدته من لمس جلده للمرة الأولى والأخيرة.
إقرأ أيضا : الرجل الفيل جوزيف ميريك : الرجل الذي عاش بائسا ومات مختنقا بسبب شكله
قصة ديفيد فيتر
كان ديفيد فيليب فيتر طفلًا سعيدًا ومرحًا، لكنه ولسوء حظه عاش واقعًا حزينًا لأنه بسبب مرضه لم يكن بإمكانه الاتصال بالعالم الخارجي أو أن يمسه شخص آخر، حتى أن أمه لم يكن بإستطاعتها إحتضانه كباقي الأمهات.
ولد ديفيد في 21 سبتمبر 1971 في مستشفى تكساس للأطفال في هيوستن بالولايات المتحدة. عاش في منزل والديه ديفيد جونيور وكارول آن وشقيقته كاثرين في مدينة كونروي شمال هيوستن.
لم تكن حياة هذا الصبي الصغير طويلة جدًا ، لأنه عاش فقط حتى بلغ من العمر 12 عامًا. وُلد ديفيد مصابًا بنقص المناعة المشترك الشديد (IDCS)، وهو اضطراب خلقي جعله عرضة لأدنى اتصال بالعالم الخارجي.
لهذا السبب، اضطر والديه وبمشورة من الأطباء إلى حبسه في كبسولة بلاستيكية مثبتة في أحد أقسام المنزل لتدبير أمور حياته داخلها، بحذر شديد.
منذ ولادته وحتى يوم وفاته عام 1984، عاش ديفيد داخل أربعة جدران شفافة في فقاعة بلاستيكية لم تسمح له بلمس محيطه الخارجي. وفي سن الثانية عشرة، كان عليه أن يخرج من سجنه أو فقاعته حتى يتمكن الأطباء من علاج مرضه، ولكن بعد عملية زرع نخاع عظم فاشلة، توفي دافيد، لترك ورائه عائلة حزينة ومحطمة.
لم تكن والدته حتى تلك اللحظة قادرة على مداعبته وتقبيله منذ ولادته، لكنها قبلته على خده لأول مرة، حين لفظ أنفاسه الأخيرة مودعا هذا العالم، وليتخلص من فقاعته البلاستيكية للأبد.
تم توثيق قضية أو قصة ديفيد فيتربشكل جيد للغاية من قبل العلماء وأصبحت شائعة جدًا لدرجة أنهم صنعوا فيلمًا يحكي قصتها.
إقرأ أيضا : قصة ميشيل لوتيتو : الرجل الذي أكل طائرة في سنتين
حالة مرضية نادرة
منذ أن كانت كارول آن حاملاً ، علمت أن طفلها يمكن أن يولد بمرض SIDS ، حيث أنجبت طفلًا آخر بهذه الحالة في عام 1970 وتوفي في سبعة أشهر من العمر .
عندما ولد ديفيد، حوّل الأطباء غرفة الولادة إلى مكان معقم تمامًا. يُعد نقص المناعة المشترك الشديد حالة تدمر عمل الجهاز المناعي للإنسان، مما يتسبب في وفاة الشخص حالة إتصاله بأي جراثيم أو بكتيريا في البيئة.
أكد الأطباء في ذلك الوقت أن هذا المرض يصيب فقط في الرجال، وأخبروا آن والدة ديفيد أنه في حالة حملها مجددا، فإن طفلها القادم سيصاب بالمرض بنسبة تبلغ ال 50٪. لكنها أرادت أن تمنح كاثرين أخًا ولهذا السبب حاولت هي وزوجها مرة أخرى، لأنهم اعتقدوا أن العلم والطب تقدموا كثيرا ومن الممكن علاج المرض.
“قرار إنجاب طفل آخر جاء من قلوبنا وعقولنا. قررنا أن نضع ثقتنا في الله. قالت كارول آن ، في برنامج “التجربة الأمريكية” على قناة PBS الأمريكية، “لم يكن الأمر مهمًا ، فبالنسبة لنا كان الإجهاض العلاجي مستحيلًا”.
بعد ولادة ديفيد بفترة وجيزة، أدركوا أنه للأسف مصاب بالمرض وحاولوا إجراء عملية زرع نخاع عظمي لشفائه، لكن أخته، التي كانت متبرعة، لم تكن خلاياها مناسبة له. خلال سنواته الثلاث الأولى عاش في هيكل بلاستيكي في المستشفى ثم في منزله.
إقرأ أيضا : قصة لينا ميدينا : أصغر فتاة حامل في تاريخ الطب
الحياة داخل الفقاعة البلاستيكية
على الرغم من قصة ديفيد فيتر المأساوية ومعاناته مع المرض، ابتكر والدا ديفيد هيكلًا بلاستيكيا معقما مثيرًا للإعجاب، حيث كان به غرف مختلفة متصلة بواسطة دبوس، بحيث يمكن للطفل التحرك والحصول على مكان للنوم والذهاب إلى الحمام واللعب. كانت الجدران بها سدادات يمكن من خلالها الدخول وإزالة الأشياء، والتي كانت دائمًا معقمة.
وبالمثل، كان لديه نوع من “القفازات” التي يمكن للناس من خلالها لمس دفيد حتى يتمكن من لمس الأشياء القادمة من الخارج.
حاول والديه قدر الإمكان جعله يعيش حياة “طبيعية” ، حيث كان يشاهد مباريات كرة القدم مع والده، ويلعب مع جاره شون، ويشاهد أيضًا دروسًا في المدرسة بهاتف مكبر صوت يربطه بالفصل الدراسي في مدرسة قريبة. بالإضافة إلى ذلك ، كان لديه فصول وحصص مدرسية خاصة مع مدرس.
كانت أخته كاثرين، التي كانت تكبره بثلاث سنوات ، دائمًا أعظم شريكة لديفيد، حيث اعتادوا النوم في نفس الغرفة حيث كانت الفقاعة، لكن هذا تغير عندما كان عمره 9 سنوات.
على الرغم من الظروف التي عاش فيها الصغير فيتر، إلا أنه نادراً ما اشتكى. قال ديفيد فريمان، الطبيب النفسي بمستشفى تكساس للأطفال في وسائل الإعلام الوطنية : “لقد كان مزيجًا غريبًا من طفل محبوب للغاية، لكنه كان يتمتع بصلابة الشخصية وشجاعة شخص بالغ”.
إقرأ أيضا : قصة الكاهن سطيح وشق : أشهر الكهنة في شبه الجزيرة العربية
قصة ألهمت العالم
صدمت قصة ديفيد فيتر الناس في ذلك الوقت ومع نمو الصبي ، زاد الاهتمام به. حتى في عام 1976، ابتكروا فيلمًا يستند إلى قصته بعنوان The Boy in the Plastic Bubble وقام ببطولته جون ترافولتا. أظهر هذا الفيلم ديفيد في مرحلة البلوغ وفي أحد الأيام قرر ترك حبسه لركوب حصان مع صديقته.
أرادت وكالة ناسا أن تمنح الصبي هدية عظيمة وصمموله بدلة محكمة الغلق، شبيهة ببدلة رائد الفضاء، حتى يتمكن من رؤية العالم من حوله. بفضل هذا الاختراع، تمكن ديفيد لأول مرة من المشي في حديقته ورؤية السماء والشوارع والناس.
لكن ديفيد المسكين لم يستعمل البدلة التي صممتها وكالة نازا إلا 7 مرات فقط طيلة حياته، لأنها كانت تتطلب وقتا كبيرا من التحضير ومجهودا كبيرا أيضا، لكنها أدخلت الفرح والسرور على قلبه، وبفضلها تمكن من رؤية الشوارع والناس وكل الأشياء التي كان يشاهدها فقط عبر التلفاز.
إقرأ أيضا : اليستر كراولي : عندما يتجسد الشيطان في صورة بشر
وفاة البطل الصغير
لم يتخلَّ أطباء الأسرة أبدًا عن فكرة إجراء عملية زرع نخاع عظمي لديفيد، من طرف أختها باعتبارها المتبرعة. لسنوات عديدة، أجروا عمليات مختلفة لجعل نخاع كاثرين متوافقًا واعتقدوا أنهم نجحوا. ومع ذلك، أثناء العملية نقلت كاثرين فيروسًا إلى ديفيد مما جعل ديفيد مريضًا بشكل خطير. للعناية به، كان عليهم إخراجه من الفقاعة.
بعد أسبوعين من إجراء العملية، وبالضبط في 22 فبراير 1984 توفي ديفيد فيتر المعروف بطفل الفقاعة. وقالت والدته لوسائل الإعلام إن هذه هي المرة الأولى التي تتمكن فيها من إمساك يد ابنها.
كانت قصة ديفيد فيتر مصدرًا للبحث في الطب وتم كتابة 40 مقالًا أكاديميًا حول الصبي وتشريح جثته وعينات الدم التي ساعدت في فهم وإصلاح الجهاز المناعي للأولاد الآخرين الذين يعانون من نفس المرض.
إقرأ أيضا : قصة هيساشي أوشي : الرجل الذي تعرض لأكبر شحنة إشعاعية في التاريخ